نظرَ إليها وهي تحومُ في الْجَوّ من حولِهِ,ثم تطير بعيدا وتختفي عن نظره, فيصغُر حجمُها حتَّى تتلاشَى كالسَّراب ,ومع ذلك ظلَّتْ تتلهَّفُ عيناهُ لخبرِها وما ستعود به ,, فظلَّ يرْنُو إلى السَّماء في لهفة شديدة وترقُّبٍ لعودة صاحبته التي تركت العشَّ لطلب الرزق..
وظلََّّ يُحَدِّق في السَّماء حتَّى رآها تعودُ وتكبُرُ للعين حتى تبَدَّت له صورتها كاملة, فطرب لذلك وابتهج,, فتابعها بشغف ولهفة ..
وما أن كبُرَتْ للعين من جديدٍ حتّى كبُرت في العين و قفلت إلى عشِّها فوق دوحتها المورقة .
وما كان وحده من تهلَّلَ وجهُه طربًا لعودتها ,بل كان هناك منْ همْ أشدُّ لهفةً وتشوُّقاً منه !!
..إنهم أفراخها الصغار اللذين ما لبثوا أنْ رأَوْها تعود حتى اهتَزُّّوا طربًا وفرحةً في حركات متوثبة لاحتضانها وحنانها وما معها من زاد وخير ورزق طيب ..
فلمَّا رآهـَا تحتضنُ صغارها ,وتحيطهم بجناحيها ,
وتطعمهم من فمِها الْحُــبَّ والْحَــبَّ , وتعطيهم الْبِــرَّ والْبُــرَّ ,,ورأى لهفتهمْ على ما في فمِها ولهفتها على ما في العشِّ كلِّ ما في العشِّ ,وسعيها في طلب زادها وزادهم ,وسعادتها بشبعهم ,وأمانهم رغم مشقَّتها ونأيِها,,لمَّا رأى كلَّ ذلك طربَ لها ولأفراخها ..فما أجملهم وأسعدهم! .. وما أعظمَها هذه الحمامةُ الطيِّبة المتوكِّلة!