عندما ينشأ حوارٌ بين شخصين ، ويقطعان شوطا لا بأس به ، ثم ينسحب أحدهما فجأة دون تقديم مبرّر ، فماذا يعني هذا في أصول الحوار ؟
ــ إذا كان يعني قوّة الحجة ، فالقوي يستمر ، ويُعجبني ابن تيمية في محاوراته ومناظراته التي لمْ يُسجّل التاريخ عنه انسحابا مهْما كان الخصم ( بغضّ النظر عن بعض آراء ابن تيمية ) ، لكنه مُحاورٌ شجاع ..
وهؤلاء مَنْ يزعمون أنهم أتباع ابن تيمية ، لم يَصِلُوا ابن تيمية في علمه وورعه ، ولن ..، فما بالهم يتجاوزونه ويتجاهلون منهجه في الحوار ؟!.
ــ إذا كان يعني الانسحاب الموقف الأخلاقي ، فإنّ القرآن دعا إلى مجادلة أهل الكتاب { ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن } والمسلمُ أولى من أهل الكتاب بهذه المجادلة .
ــ إذا كان يعني الحقّانية والأحقية ، فالقرآن يطلبُ مِن النبي ص أنْ يفترض مَسافتَه مِن الحقيقة مثل مسافة الآخر { وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين } أو كما قال أبو حيّان ( أخرجَ الكلام مخرج الشك )
فهل هؤلاء المنسحبون أكثر ثقة من النبي ص بمنابر العصمة التي اعتلوها ؟
ماذا بقي مِن احتمالات ؟
لم يبْقَ إلا التعصّب ..
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه .