الكلبُ يُنصتُ إليكَ يا بُنيّ
محمد النعمة بيروك
دع ابنك يقرأ بانسيابية وحرية وأريحية وكأنّك غير موجود أمامه، لا تتدخّل حين تسمع أخطاءه النحوية.. في الحقيقة من الأحسن لو لم تكن تستمع إليه أصلا، كأن ترتدي سمّاعاتك وتنصت لشيء آخر، هذا يعطيه ثقة في نفسه، ويقرأ بدون خوف من ردّة فعلك إذا أخطأ..
هذا الأمر لا يريحه فقط، بل يعطيه الشعور بأنّه يحسن القراءة، وهذا يشحن معنوياته مما ينعكس على ارتباطه العاطفي والذهني بالقراءة الكفيلة فطريا بتقويم أخطائه مع الوقت.
كنتُ قد قرأتُ عن نظرية "اقرأ على الكلب"، حيث يعمد البعض في المجتمعات الغربية التي تربّي الكلاب في البيوت إلى جعل أطفالهم يقرؤون كتبهم المدرسية وغير المدرسية على "مسامع" الكلاب، وطبعا لن يصحح أو يخطّئ الحيوان الطفلَ، وفي نفس الوقت يبدو وكأنه يستمع إليه..
بالنسبة لنا يمكن تعويض الكلب بدمية أو حتى وسادة، وتركه وحيدا يقرأ بأريحية وحرية ومرح، هذا الأمر أيضا لا يحسّن أداء الطفل فقط، بل يجعل احتمال إصابته بـالأتأة والتّلعثم منعدمة تقريبا، إذ أن هذه العاهة الصوتية تصيب عادة الإنسان المتردّد غير المنطلق، هذا إن لم تكن وراثية.
أما عن الأخطاء التي يرتكبها الطفل أثناء القراءة بدون توجيه فالزمن كفيل بتصويبها باكتساب الفطرة اللغوية مع الوقت، أيضا يمكن تخصيص وقت للقواعد النحوية بعيدا عن القراءة المدرسية، والمطالعة الحرّة.
تثبت النظرية أن الطفل سيحب الكتاب، وسيقرأ حتى خارج المقرر الدراسي، لذلك دع ابنك يقرأ كل شيء يصادفه وهو معك في الشارع ولا تقوّم كلماته أبدا، دعه يقرأ الإعلانات وواجهات المحلات، وما يكتب في علب اللعب والمكسّرات.. فإن قوّمته مرّة واحدة، خصوصا بغلظة، فلن يكرّر المحاولة ثانية أمامك.