المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ثناء صالح
هذه الفقرة التي يستشهد بها الأستاذ أحمد سالم ليدلل على أن الخليل بن أحمد الفراهيدي - رحمه الله - كان قد أطلق الدعوة لغيره ليأتي بما هو أليق مما جاء به هو في علم العروض. وردت في كتاب (الإيضاح في علل النحو) ﻷبي القاسم الزجاجي في الصفحتين 65-66 من باب (القول في علل في النحو )، والكتاب من تحقيق مازن المبارك ،صادر عن دار النفائس في بيروت عام (1402- 1982).
وقد ذكر المؤلف أبو القاسم الزجاجي تلك الفقرة ليشرح كيف كان يتم ضبط كلام العرب نحويا، ولا علاقة لعلم العروض نهائيا بكلام الخليل.
فقد قال الزجاجي في باب (القول في علل النحو ):
" وعلل النحو بعد هذا على ثلاثة أضرب ؛ علل تعليمية ، وعلل قياسية ، وعلل جدلية نظرية . " ثم شرح العلل التعليمية والعلل القياسية ، وعندما وصل إلى شرح العلل الجدلية النظرية قدم لكلام الخليل قائلا:
" وذكر بعض شيوخنا أن الخليل بن أحمد الفراهيدي - رحمه الله- سئل عن العلل التي يعتل بها في النحو ، فقيل له : أعن العرب أخذتها أم اخترعتها من نفسك ؟فقال: (( إن العرب نطقت على سجيتها وطباعها ، وعرفت مواقع كلامها ، وقام في عقولها علله ، وإن لم ينقل ذلك عنها، واعتللت أنا بما عندي أنه علة لما اعتللت منه، فإن كنت أصبت العلة فهو الذي التمست ، وإن تكن هناك علة له فمثلي في ذلك مثل رجل حكيم دخل دارا محكمة البناء ، عجيبة النظم والأقسام ، وقد صحت عنده حكمة بانيها ، بالخبر الصادق أو بالبراهين الواضحة والحجج اللائحة ، فكلما وقف هذا الرجل في الدار على شيء منها قال : إنما فعل هكذا لعلة كذا وكذا . وبسبب كذا وكذا سنحت له وخطرت بباله محتملة لذلك . فجائز أن يكون الحكيم الباني للدار غعل ذلك للعلة التي ذكرها هذا الذي دخل الدار ، وجائز أن يكون فعله لغير تلك العلة ، إلا أن ذلك مما ذكره هذا الرجل محتمل أن يكون علة لذلك ، فإن سنح لغيري علة لما عللته من النحو هو أليق مما ذكرته بالمعلول فليأت بها. )). انتهى كلام الخليل.
ويعلق الزجاجي على كلام الخليل قائلا : "وهذا كلام مستقيم ، وإنصاف من الخليل - رحمة الله عليه - وعلى هذه الأوجه الثلاثة مدار علل النحو فاعرف ذلك إن شاء الله "
وبعد هذا الذي استعرضته من سياق كلام الخليل ثبت لنا أن الخليل لم يكن يقصد علم العروض بقوله
" فإن سنح لغيري علة لما عللته من النحو هو أليق مما ذكرته بالمعلول فليأت بها."
وكيف يقصد العروض وهو يقول "النحو " ؟
فكيف فهم الأستاذ أحمد سالم أن الخليل كان يقصد العروض ؟
عند مقارنة الفقرة التي ذكرها أ. أحمد سالم في كتابه عن كلام الخليل مع الفقرة التي ذكرها الزجاجي سنلاحظ أن كلمة ( النحو ) مع بعض الجمل قد حذفت من كلام الخليل، كما حذف السياق الذي قدم لكلام الخليل والذي يفهم منه أن الخليل كان يجيب عن سؤال وجه إليه حول العلل التي يعتل بها في النحو لا في العروض.
فلماذا حذفت كلمة (النحو ) ؟ وما المصدر الذي استمد منه أ. أحمد سالم تلك الفقرة من كلام الخليل؟
قبل حوالي سنتين أخرج الأستاذ خشان خشان هذه الفقرة إلى سطح مواقع ( الإنترنت)
" جاء فيها :*من الخليل إلى العروضيين
11-03-2014, 06:03 PM
من معرض الرياض للكتاب حصلت اليوم على كتاب :" العروض والإيقاع – في النظريات الحديثة للشعر العربي " للدكتور ربيعة الكعبي واستحوذت الفقرة الأولى على اهتمامي وسررت بها أيما سرور، فهي للخليل بن احمد رحمه الله، وقد وجدت فيها ما افتقدته في سواها من نص صريح للخليل يعبر عن منهجه الفكري وما ينبثق عنه من شمولية،وتعبيره عن ذلك تعبيرا يطابق توجه تعبير الرقمي ولكنه يتفوق عليه .*........
الفقرة على لسان الخليل بن أحمد منقولة من معجم الأدباء لياقوت الحموي 6/74.
ثم يكتب الأستاذ خشان الفقرة بعد أن يمسح منها كلمة ( النحو ) ويضع مكانها عدة نقاط (....) للإشارة إلى وجود جزء محذوف من كلام الخليل مكان النقاط. كما هو واضح في الرابط
http://www.alfaseeh.com/vb/archive/i...p/t-81425.html
فأما الأستاذ خشان فقد حذف كلمة ( النحو ) من كلام الخليل لهدف واضح وهو أنه يرغب بالتعبير عن منهجية الخليل في علمه وفي فكره. لذا فإن حذف كلمة (النحو ) يحول كلام الخليل إلى كلام عام يعطي صورة عامة عن منهج تفكيره . أما إبقاؤها فيوحي بأن طريقته في التفكير إنما هي خاصة بعلم النحو فقط.
إذن الأستاذ خشان هو من حذف كلمة النحو ووضع مكانها بعض النقط.
وبما أن الأستاذ أحمد سالم استمد بعض مصادر كتابه من مواقع الإنترنت وبعض الحوارات العروضية فيها. فقد أخذ الفقرة من كلام الأستاذ خشان دون أن يتحقق منها في مصدرها الأصلي. وفهمها خطأ على أنها تتضمن دعوة من الخليل لمن يأتي بعده كي يأتي بما هو أليق مما جاء به في علم العروض. وثبتها في كتابه على هذا الأساس وجعل كتابه كله استجابة للدعوة الموهومة فيها.