قيس بن الملوح ( مجنون ليلى ) يقول في قصيدة من أجمل ما نسب له
الحمام الباكي
هَوَى صَاحِبي رِيحَ الشَّمالِ إذا جَرَتْ وَأهْوَى لِنَفْسِي أنْ تهُبَّ جَنُوبُ
فوَيْلي عَلَى الْعُذَّالِ مَا يَتْرُكُونني بِغمِّي، أما في العَاذِلِين لبِيبُ
يقُولُونَ لَوْ عَزَّيتَ قَلْبَكَ لارْعَوَى فَقلْتُ وَهَلْ لِلعَاشقِينَ قُلُوبُ
دَعَانِي الْهَوَى والشَّوقُ لمَّا تَرنَّمَتْ هَتُوفُ الضُّحَى بَيْنَ الْغُصُونِ طرُوبُ
تُجَاوِبُ وُرْقاً إذْ أصَخْنَ لِصَوْتِهَا فَكُلٌّ لِكُلٍّ مُسْعِدٌ وَمُجيبُ
فَقُلْتُ حَمَامَ الأَيْكِ مَالَكَ بَاكِياً أَفارَقْتَ إلْفاً أَمْ جَفاكَ حَبِيبُ
فقال رَماني الدَّهرُ مِنْهُ بِقوسِهِ وَأَعْرَضَ إلْفِي فالفُؤادُ يَذوبُ
تُذكِّرُنِي لَيْلَى عَلَى بُعْدِ دَارِهًا وَلَيْلَى قَتُولٌ للرِّجالِ خَلوبُ
وقد رَابَنِي أنَّ الصَّبَا لاَ تُجِيبُني وَقَدْ كَانَ يَدْعُونِي الصَّبَا فَأُجيبُ
سَبَى القلْبَ إلاَّ أنَّ فيهِ تَخلُّداً غَزالٌ بِأعْلَى المَاتِحَيْن رَبيبُ
فَكَلِّمْ غَزَالَ المَاتِحَيْنِ فَإنَّهُ بِدَائِي وإنْ لَمْ يَشْفِنِي لَطَبِيبُ
أُردِّدُ عَنْكَ النَّفسَ والنَّفسُ صَبَّةٌ بِذِكْرِكَ والمَمْشَى إِلَيكَ قَريبُ
فَدُومِي عَلَى عَهْدٍ فَلَسْتُ بِزَائِلٍ عَنِ العهْدِ مِنْكُمْ مَا أَقامَ عَسِيبُ
حلفْتُ لـها بالمشْعَرَين وزمزَمٍ وذو العرش فوق المُقْسِمِينَ رقيبُ
لئِنْ كان بَرْدُ الماءِ حرَّانَ صادياً إليَّ حبيباً إنها لَحَبِيبُ
وإنَّي لآتيها وَفِي النَّفْسِ هَجْرُها بتاتاً لأُخْرى الدَّهْرَ أو لتُثِيبُ
فما هُوَ إلاَّ أن أراها فجاءَةً فأبْهَتُ حتَّى ما أَكادُ أُجِيبُ