اخترت هذه الابيات لشوقي لاختار منها بحول الله خاصة في الوصف الحماسي
1
بسيفك يعلو الحق والحق أغلب *** وينصر دين الله أيان تضرب
2
وما السيف إلا آية الملك في الورى *** ولا الأمر إلا للذي يتغلب
3
فأدب به القوم الطغاة فإنه *** لنعم المربي للطغاة المؤدب
4
وداو به الدولات من كل دائها *** فنعم الحسام الطب والمتطبب
5
تنام خطوب الملك إن بات ساهرا *** وإن هو نام استيقظت تتألب
6
أمنا الليالي أن نراع بحادث *** وأرمينيا ثكلى وحوران أشيب
7
ومملكة اليونان محلولة العرى *** رجاؤك يعطيها وخوفك يسلب
8
هددت أمير المؤمنين كيانها *** بأسطع مثل الصبح لا يتكذب
9
ومازال فجرا سيف عثمان صادقا *** يساريه من عالي ذكائك كوكب
10
إذا ما صدعت الحادثات بحده *** تكشف داجي الخطب وانجاب غيهب
11
وهاب العدا فيه خلافتك التي *** لهم مأرب فيها ولله مأرب
12
سما بك يا عبد الحميد أبوة *** ثلاثون خضار الجلالة غيب
13
قياصر أحيانا خلائف تارة *** خواقين طورا والفخار المقلب
14
نجوم سعود الملك أقمار زهره *** لو ان النجوم الزهر يجمعها أب
15
تواصوا به عصرا فعصرا فزاده *** معممهم من هيبة والمعصب
16
هم الشمس لم تبرح سماوات عزها *** وفينا ضحاها والشعاع المحبب
17
نهضت بعرش ينهض الدهر به *** خشوعا وتخشاه الليالي وترهب
18
مكين على متن الوجود مؤيد *** بشمس استواء مالها الدهر مغرب
19
ترقت له الأسواء حتى ارتقيته *** فقمت بها في بعض ما تتنكب
20
فكنت كعين ذات جري كمينة *** تفيض على مر الزمان وتعذب
21
موكلة بالأرض تنساب في الثرى *** فيحيا وتجري في البلاد فتخضب
22
فأحييت ميتا دارس الرسم غابرا *** كأنك فيما جئت عيسى المقرب
23
وشدت منارا للخلافة في الورى *** تشرق فيهم شمسه وتغرب
24
سهرت ونام المسلمون بغبطة *** وما يزعج النوام والساهر الأب
25
فنبهنا الفتح الذي ما بفجره *** ولا بك يا فجر السلام مكذب
26
حسامك من سقراط في الخطب أخطب *** وعودك من عود المنابر أصلب
27
وعزمك من هومير أمضى بديهة *** وأجلى بيانا في القلوب وأعذب
28
وإن يذكروا إسكندرا وفتوحه *** فعهدك بالفتح المحجل أقرب
29
وملكك أرقى بالدليل حكومة *** وأنفذ سهما في الأمور وأصوب
30
ظهرت أمير المؤمنين على العدا *** ظهورا يسوء الحاسدين ويتعب
31
سل العصر والأيام والناس هل نبا *** لرأيك فيهم أو لسيفك مضرب
32
هم ملئوا الدنيا جهاما وراءه *** جهام من الأعوان أهذى وأكذب
33
فلما استللت السيف أخلب برقهم *** وما كنت يا برق المنية تخلب
34
أخذتهم لا مالكين لحوضهم *** من الذود إلا ما أطالوا وأسهبوا
35
ولم يتكلف قومك الأسد أهبة *** ولكن خلقا في السباع التأهب
36
كذا الناس بالأخلاق يبقى صلاحهم *** ويذهب عنهم أمرهم حين تذهب
37
ومن شرف الأوطان ألا يفوتها *** حسام معز أو يراع مهذب
38
ملكت سبيليهم ففي الشرق مضرب *** لجيشك ممدود وفي الغرب مضرب
39
ثمانون ألفا أسد غاب ضراغم *** لها مخلب فيهم وللموت مخلب
40
إذا حلمت فالشر وسنان حالم *** وإن غضبت فالشر يقظان مغضب
41
فيالق أفشى في البلاد من الضحى *** وأبعد من شمس النهار وأقرب
42
وتصبح تلقاهم وتمسي تصدهم *** وتظهر في جد القتال وتلعب
43
تلوح لهم في كل أفق وتعتلي *** وتطلع فيهم من مكان وتغرب
44
وتقدم إقدام الليوث وتنثني *** وتدبر علما بالوغى وتعقب
45
وتملك أطراف الشعاب وتلتقي *** وتأخذ عفوا كل عال وتغصب
46
وتغشى أبيات المعاقل والذرا *** فثيبهن البكر والبكر ثيب
47
يقود سراياها ويحمي لواءها *** سديد المرائي في الحروب مجرب
48
يجيء بها حينا ويرجع مرة *** كما تدفع اللج البحار وتجذب
49
ويرمي بها كالبحر من كل جانب *** فكل خميس لجة تتضرب
50
وينفذها من كل شعب فتلتقي *** كما يتلاقى العارض المتشعب
51
ويجعل ميقاتا لها تنبري له *** كما دار يلقى عقرب السير عقرب
52
فظلت عيون الحرب حيرى لما ترى *** نواظر ما تأتي الليوث وتغرب
53
تبالغ بالرامي وتزهو بما رمى *** وتعجب بالقواد والجند أعجب
54
وتثني على مزجي الجيوش بيلدز *** وملهمها فيما تنال وتكسب
55
وما الملك إلا الجيش شأنا ومظهرا *** ولا الجيش إلا ربه حين ينسب
56
تحذرني من قومها الترك زينب *** وتعجم في وصف الليوث وتعرب
57
وتكثر ذكر الباسلين وتنثني *** بعز على عز الجمال وتعجب
58
وتسحب ذيل الكبرياء وهكذا *** يتيه ويختال القوي المغلب
59
وزينب إن تاهت وإن هي فاخرت *** فما قومها إلا العشير المحبب
60
يؤلف إيلام الحوادث بيننا *** ويجمعنا في الله دين ومذهب
61
نما الود حتى مهد السبل للهوى *** فما في سبيل الوصل ما يتصعب
62
ودانى الهوى ما شاء بيني وبينها *** فلم يبق إلا الأرض والأرض تقرب
63
ركبت إليها البحر وهو مصيدة *** تمد بها سفن الحديد وتنصب
64
تروح المنايا الزرق فيه وتغتدي *** وما هي إلا الموج يأتي ويذهب
65
وتبدو عليه الفلك شتى كأنها *** بؤوز تراعيها على البعد أعقب
66
حوامل أعلام القياصر حضر *** عليها سلاطين البرية غيب
67
تجاري خطاها الحادثات وتقتفي *** وتطفو حواليها الخطوب وترسب
68
ويوشك يجري الماء من تحتها دما *** إذا جمعت أثقالها تترقب
69
فقلت أأشراط القيامة ما أرى *** أم الحرب أدنى من وريد وأقرب
70
أمانا أمانا لجة الروم للورى *** لو ان أمانا عند دأماء يطلب
71
كأني بأحداث الزمان ملمة *** وقد فاض منها حوضك المتضرب
72
فأزعج مغبوط وروع آمن *** وغال سلام العالمين التعصب
73
فقالت أطلت الهم للخلق ملجأ *** أبر بهم من كل بر وأحدب
74
سلام البرايا في كلاءة فرقد *** بيلدز لا يغفو ولا يتغيب
75
وإن أمير المؤمنين لوابل *** من الغوث منهل على الخلق صيب
76
رأى الفتنة الكبرى فوالى انهماله *** فبادت وكانت جمرة تتلهب
77
فما زلت بالأهوال حتى اقتحمتها *** وقد تركب الحاجات ما ليس يركب
78
أخوض الليالي من عباب ومن دجى *** إلى أفق فيه الخليفة كوكب
79
إلى ملك عثمان الذي دون حوضه *** بناء العوالي المشمخر المطنب
80
فلاح يناغي النجم صرح مثقب *** على الماء قد حاذاه صرح مثقب
81
بروج أعارتها المنون عيونها *** لها في الجواري نظرة لا تخيب
82
رواسي ابتداع في رواسي طبيعة *** تكاد ذراها في السحاب تغيب
83
فقمت أجيل الطرف حيران قائلا *** أهذى ثغور الترك أم أنا أحسب
84
فمثل بناء الترك لم يبن مشرق *** ومثل بناء الترك لم يبن مغرب
85
تظل مهولات البوارج دونه *** حوائر ما يدرين ماذا تخرب
86
إذا طاش بين الماء والصخر سهمها *** أتاها حديد ما يطيش وأسرب
87
يسدده عزريل في زي قاذف *** وأيدي المنايا والقضاء المدرب
88
قذائف تخشى مهجة الشمس كلما *** علت مصعدات أنها لا تصوب
89
إذا صب حاميها على السفن انثنت *** وغانمها الناجي فكيف المخيب
90
سل الروم هل فيهن للفلك حيلة *** وهل عاصم منهن إلا التنكب
91
تذبذب أسطولاهم فدعتهما *** إلى الرشد نار ثم لا تتذبذب
92
فلا الشرق في أسطوله متقى الحمى *** ولا الغرب في أسطوله متهيب
93
وما راعني إلا لواء مخضب *** هنالك يحميه بنان مخضب
94
فقلت من الحامي أليث غضنفر *** من الترك ضار أم غزال مربب
95
أم الملك الغازي المجاهد قد بدا *** أم النجم في الآرام أم أنت زينب
96
رفعت بنات الترك قالت وهل بنا *** بنات الضواري أن نصول تعجب
97
إذا ما الديار استصرخت بدرت لها *** كرائم منا بالقنا تتنقب
98
تقرب ربات البعول بعولها *** فإن لم يكن بعل فنفسا تقرب
99
ولاحت بآفاق العدو سرية *** فوارس تبدو تارة وتحجب
100
نواهض في حزن كما تنهض القطا *** رواكض في سهل كما انساب ثعلب
101
قليلون من بعد كثيرون إن دنوا *** لهم سكن آنا وآنا تهيب
102
فقالت شهدت الحرب أو أنت موشك *** فصفنا فأنت الباسل المتأدب
103
ونادت فلبى الخيل من كل جانب *** ولبى عليها القسور المترقب
104
خفافا إلى الداعي سراعا كأنما *** من الحرب داع للصلاة مثوب
105
منيفين من حول اللواء كأنهم *** له معقل فوق المعاقل أغلب
106
وما هي إلا دعوة وإجابة *** أن التحمت والحرب بكر وتغلب
107
فأبصرت ما لم تبصرا من مشاهد *** ولا شهدت يوما معد ويعرب
108
جبال ملونا لا تخوري وتجزعي *** إذا مال رأس أو تضعضع منكب
109
فما كنت إلا السيف والنار مركبا *** وما كان يستعصي على الترك مركب
110
علوا فوق علياء العدو ودونه *** مضيق كحلق الليث أو هو أصعب
111
فكان صراط الحشر ما ثم ريبة *** وكانوا فريق الله ما ثم مذنب
112
يمرون مر البرق تحت دجنة *** دخانا به أشباحهم تتجلبب
113
حثيثين من فوق الجبال وتحتها *** كما انهار طود أو كما انهال مذنب
114
تمدهم قذافهم ورماتهم *** بنار كنيران البراكين تدأب
115
تذرى بها شم الذرا حين تعتلي *** ويسفح منها السفح إذ تتصبب
116
تسمر في رأس القلاع كراتها *** ويسكن أعجاز الحصون المذنب
117
فلما دجى داجي العوان وأطبقت *** تبلج والنصر الهلال المحجب
118
وردت على أعقابها الروم بعدما *** تناثر منها الجيش أو كاد يذهب
119
جناحين في شبه الشباكين من قنا *** وقلبا على حر الوغى يتقلب
120
على قلل الأجبال حيرى جموعهم *** شواخص ما إن تهتدي أين تذهب
121
إذا صعدت فالسيف أبيض خاطف *** وإن نزلت فالنار حمراء تلهب
122
تطوع أسرا منهم ذلك الذي *** تطوع حربا والزمان تقلب
123
وتم لنا النصر المبين على العدا *** وفتح المعالي والنهار المذهب
124
فجئت فتاة الترك أجزي دفاعها *** عن الملك والأوطان ما الحق يوجب
125
فقبلت كفا كان بالسيف ضاربا *** وقبلت سيفا كان بالكف يضرب
126
وقلت أفي الدنيا لقومك غالب *** وفي مثل هذا الحجر ربوا وهذبوا
127
رويدا بني عثمان في طلب العلا *** وهيهات لم يستبق شيء فيطلب
128
أفي كل آن تغرسون ونجتني *** وفي كل يوم تفتحون ونكتب
129
وما زلتم يسقيكم النصر حمره *** وتسقونه والكل نشوان مصأب
130
إلى أن أحل السكر من لا يحله *** ومد بساط الشرب من ليس يشرب
131
وأشمط سواس الفوارس أشيب *** يسير به في الشعب أشمط أشيب
132
رفيقا ذهاب في الحروب وجيئة *** قد اصطحبا والحر للحر يصحب
133
إذا شهداها جددا هزة الصبا *** كما يتصابى ذو ثمانين يطرب
134
فيهتز هذا كالحسام وينثني *** وينفر هذا كالغزال ويلعب
135
توالى رصاص المطلقين عليهما *** يخضل من شيبهما ويخضب
136
فقيل أنل أقدامك الأرض إنها *** أبر جوادا إن فعلت وأنجب
137
فقال أيرضى واهب النصر أننا *** نموت كموت الغانيات ونعطب
138
ذروني وشأني والوغى لا مباليا *** إلى الموت أمشي أم إلى الموت أركب
139
أيحملني عمرا ويحمي شبيبتي *** وأخذله في وهنه وأخيب
140
إذا نحن متنا فادفنونا ببقعة *** يظل بذكرانا ثراها يطيب
141
ولا تعجبوا أن تبسل الخيل إنها *** لها مثل ما للناس في الموت مشرب
142
فماتا أمام الله موت بسالة *** كأنهما فيه مثال منصب
143
وما شهداء الحرب إلا عمادها *** وإن شيد الأحياء فيها وطنبوا
144
مداد سجل النصر فيها دماؤهم *** وبالتبر من غالي ثراهم يترب
145
فهل من ملونا موقف ومسامع *** ومن جبليها منبر لي فأخطب
146
فأسأل حصنيها العجيبين في الورى *** ومدخلها الأعصى الذي هو أعجب
147
وأستشهد الأطواد شماء والذرا *** بواذخ تلوي بالنجوم وتجذب
148
هل البأس إلا بأسهم وثباتهم *** أو العزم إلا عزمهم والتلبب
149
أو الدين إلا ما رأت من جهادهم *** أو الملك إلا ما أعزوا وهيبوا
150
وأي فضاء في الوغى لم يضيقوا *** وأي مضيق في الورى لم يرحبوا
151
وهل قبلهم من عانق النار راغبا *** ولو أنه عبادها المترهب
152
وهل نال ما نالوا من الفخر حاضر *** وهل حبي الخالون منه الذي حبوا
153
سلاما ملونا واحتفاظا وعصمة *** لمن بات في عالي الرضى يتقلب
154
وضني بعظم في ثراك معظم *** يقربه الرحمن فيما يقرب
155
وطرناو إذ طار الذهول بجيشها *** وبالشعب فوضى في المذاهب يذهب
156
عشية ضاقت أرضها وسماؤها *** وضاق فضاء بين ذاك مرحب
157
خلت من بني الجيش الحصون وأقفرت *** مساكن أهليها وعم التخرب
158
ونادى مناد للهزيمة في الملا *** وإن منادي الترك يدنو ويقرب
159
فأعرض عن قواده الجند شاردا *** وعلمه قواده كيف يهرب
160
وطار الأهالي نافرين إلى الفلا *** مئين وآلافا تهيم وتسرب
161
نجوا بالنفوس الذاهلات وما نجوا *** بغير يد صفر وأخرى تقلب
162
وطالت يد للجمع في الجمع بالخنا *** وبالسلب لم يمدد بها فيه أجنب
163
يسير على أشلاء والده الفتى *** وينسى هناك المرضع الأم والأب
164
وتمضي السرايا واطئات بخيلها *** أرامل تبكي أو ثواكل تندب
165
فمن راجل تهوي السنون برجله *** ومن فارس تمشي النساء ويركب
166
وماض بمال قد مضى عنه وأله *** ومزج أثاثا بين عينيه ينهب
167
يكادون من ذعر تفر ديارهم *** وتنجو الرواسي لو حواهن مشعب
168
يكاد الثرى من تحتهم يلج الثرى *** ويقضم بعض الأرض بعضا ويقضب
169
تكاد خطاهم تسبق البرق سرعة *** وتذهب بالأبصار أيان تذهب
170
تكاد على أبصارهم تقطع المدى *** وتنفذ مرماها البعيد وتحجب
171
تكاد تمس الأرض مسا نعالهم *** ولو وجدوا سبلا إلى الجو نكبوا
172
هزيمة من لا هازم يستحثه *** ولا طارد يدعو لذاك ويوجب
173
قعدنا فلم يعدم فتى الروم فيلقا *** من الرعب يغزوه وآخر يسلب
174
ظفرنا به وجها فظن تعقبا *** وماذا يزيد الظافرين التعقب
175
فولى وما ولى نظام جنوده *** ويا شؤم جيش للفرار يرتب
176
يسوق ويحدو للنجاة كتائبا *** له موكب منها وللعار موكب
177
منظمة من حوله بيد أنها *** تود لو انشق الثرى فتغيب
178
مؤزرة بالرعب ملدوغة به *** ففي كل ثوب عقرب منه تلسب
179
ترى الخيل من كل الجهات تخيلا *** فيأخذ منها وهمها والتهيب
180
فمن خلفها طورا وحينا أمامها *** وآونة من كل أوب تألب
181
فوارس في طول الجبال وعرضها *** إذا غاب منهم مقنب لاح مقنب
182
فمهما تهم يسنح لها ذو مهند *** ويخرج لها من باطن الأرض محرب
183
وتنزل عليها من سماء خيالها *** صواعق فيهن الردى المتصبب
184
رؤى إن تكن حقا يكن من ورائها *** ملائكة الله الذي ليس يغلب
185
وفرسال إذ باتوا وبتنا أعاديا *** على السهل لدا يرقبون ونرقب
186
وقام فتانا الليل يحمي لواءه *** وقام فتاهم ليله يتلعب
187
توسد هذا قائم السيف يتقي *** وهذا على أحلامه يتحسب
188
وهل يستوي القرنان هذا منعم *** غرير وهذا ذو تجاريب قلب
189
حمينا كلانا أرض فرسال والسما *** فكل سبيل بين ذلك معطب
190
ورحنا يهب الشر فينا وفيهم *** وتشمل أرواح القتال وتجنب
191
كأنا أسود رابضات كأنهم *** قطيع بأقصى السهل حيران مذئب
192
كأن خيام الجيش في السهل أينق *** نواشز فوضى في دجى الليل شزب
193
كأن السرايا ساكنات موائجا *** قطائع تعطى الأمن طورا وتسلب
194
كأن القنا دون الخيام نوازلا *** جداول يجريها الظلام ويسكب
195
كأن الدجى بحر إلى النجم صاعد *** كأن السرايا موجه المتضرب
196
كأن المنايا في ضمير ظلامه *** هموم بها فاض الضمير المحجب
197
كأن صهيل الخيل ناع مبشر *** تراهن فيها ضحكا وهي نحب
198
كأن وجوه الخيل غرا وسيمة *** دراري ليل طلع فيه ثقب
199
كأن أنوف الخيل حرى من الوغى *** مجامر في الظلماء تهدا وتلهب
200
كأن صدور الخيل غدر على الدجى *** كأن بقايا النضح فيهن طحلب
201
كأن سنى الأبواق في الليل برقه *** كأن صداها الرعد للبرق يصحب
202
كأن نداء الجيش من كل جانب *** دوي رياح في الدجى تتذأب
203
كأن عيون الجيش من كل مذهب *** من السهل جن جول فيه جوب
204 205
كأن الوغى نار كأن الردى قرى *** كأن وراء النار حاتم يأدب
206
كأن الوغى نار كأن بني الوغى *** فراش له ملمس النار مأرب
207
وثبنا يضيق السهل عن وثباتنا *** وتقدمنا نار إلى الروم أوثب
208
مشت في سراياهم فحلت نظامها *** فلما مشينا أدبرت لا تعقب
209
رأى السهل منهم ما رأى الوعر قبله *** فيا قوم حتى السهل في الحرب يصعب
210
وحصن تسامى من دموقو كأنه *** معشش نسر أو بهذا يلقب
211
أشم على طود أشم كلاهما *** منون المفاجي والحمام المرحب
212
تكاد تقاد الغاديات لربه *** فيزجي وتنزم الرياح فيركب
213
حمته ليوث من حديد تركزت *** على عجل واستجمعت تترقب
214
تثور وتستأني وتنأى وتدني *** وتغدو بما تغدي وترمي وتنشب
215
تأبى فظن العالمون استحالة *** وأعيا على أوهامهم فتريبوا
216
فما في القوى أن السماوات ترتقى *** بجيش وأن النجم يغشى فيغضب
217
سموتم إليه والقنابل دونه *** وشهب المنايا والرصاص المصوب
218
فكنتم يواقيت الحروب كرامة *** على النار أو أنتم أشد وأصلب
219
صعدتم وما غير القنا ثم مصعد *** ولا سلم إلا الحديد المذرب
220
كما ازدحمت بيزان جو بمورد *** أو ارتفعت تلقى الفريسة أعقب
221
فما زلتم حتى نزلتم بروجه *** ولم تحتضر شمس النهار فتغرب
222
هنالك غالى في الأماديح مشرق *** وبالغ فيكم آل عثمان مغرب
223
وزيد حمى الإسلام عزا ومنعة *** ورد جماح العصر فالعصر هيب
224
رفعنا إلى النجم الرؤوس بنصركم *** وكنا بحكم الحادثات نصوب
225
ومن كان منسوبا إلى دولة القنا *** فليس إلى شيء سوى العز ينسب
226
فيا قوم أين الجيش فيما زعمتم *** وأين الجواري والدفاع المركب
227
وأين أمير البأس والعزم والحجى *** وأين رجاء في الأمير مخيب
228
وأين تخوم تستبيحون دوسها *** وأين عصابات لكم تتوثب
229
وأين الذي قالت لنا الصحف عنكم *** وأسند أهلوها إليكم فأطنبوا
230
وما قد روى برق من القول كاذب *** وآخر من فعل المحبين أكذب
231
وما شدتم من دولة عرضها الثرى *** يدين لها الجنسان ترك وصقلب
232
لها علم فوق الهلال وسدة *** تنص على هام النجوم وتنصب
233
أهذا هو الذود الذي تدعونه *** ونصر كريد والولا والتحبب
234
أهذا الذي للملك والعرض عندكم *** وللجار إن أعيا على الجار مطلب
235
أهذا سلاح الفتح والنصر والعلا *** أهذا مطايا من إلى المجد يركب
236
أهذا الذي للذكر خلب معشر *** على ذكرهم يأتي الزمان ويذهب
237
أسأتم وكان السوء منكم إليكم *** إلى خير جار عنده الخير يطلب
238
إلى ذي انتقام لا ينام غريمه *** ولو أنه شخص المنام المحجب
239
شقيتم بها من حيلة مستحيلة *** وأين من المحتال عنقاء مغرب
240
فلولا سيوف الترك جرب غيركم *** ولكن من الأشياء ما لا يجرب
241
فعفوا أمير المؤمنين لأمة *** دعت قادرا مازال في العفو يرغب
242
ضربت على آمالها ومآلها *** وأنت على استقلالها اليوم تضرب
243
إذا خان عبد السوء مولاه معتقا *** فما يفعل الكريم المهذب
244
ولا تضربن بالرأي منحل ملكهم *** فما يفعل المولى الكريم المهذب
245
لقد فنيت أرزاقهم ورجالهم *** وليس بفان طيشهم والتقلب
246
فإن يجدوا للنفس بالعود راحة *** فقد يشتهي الموت المريض المعذب
247
وإن هم بالعفو الكريم رجاؤهم *** فمن كرم الأخلاق أن لا يخيبوا
248
فما زلت جار البر والسيد الذي *** إلى فضله من عدله الجار يهرب
249
يلاقي بعيد الأهل عندك أهله *** ويمرح في أوطانه المتغرب
250
أمولاي غنتك السيوف فأطربت *** فهل ليراعي أن يغني فيطرب
251
فعندي كما عند الظبا لك نغمة *** ومختلف الأنغام للأنس أجلب
252
أعرب ما تنشي علاك وإنه *** لفي لطفه ما لا ينال المعرب
253
مدحتك والدنيا لسان وأهلها *** جميعا لسان يمليان وأكتب
254
أناول من شعر الخلافة ربها *** وأكسو القوافي ما يدوم فيقشب
255
وهل أنت إلا الشمس في كل أمة *** فكل لسان في مديحك طيب
256
فإن لم يلق شعري لبابك مدحة *** فمر ينفتح باب من العذر أرحب