ورطةُ الفراهيدي في دائرةِ المشتبه
نعلم جيدا أن الفراهيدي وضع دائرة المشتبه وهي الدائرة الرابعة من دوائره العروضية, وبناها على أساس الإفتراض التالي :
مستفعلن مستفعلن مفعولاتُ
وسمى هذا الوزن ببحر السريع وهذه التسمية ليست صحيحة كما أوضحت في موضوع سابق "بحر السريع وإشكالاته العروضية"
https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ad.php?t=81823
وهو قد افترض إجراء " عملية جراحية ترقيعية " ليخرج بعروض وضرب له " فاعلن " ليبرر وجود هذه الدائرة حتى يحتوي فيها بحر الخفيف وبحر المنسرح.
وافتراضه الثاني بوجود " وتد مفروق " فالعرب لم تعرف هذه التسمية إلا بعد أن ظهرت في علم العروض, حيث في الواقع لا يوجد ما يسمى وتدا مفروقا.
وناقشت هذا في موضوع " ماذا لو لم يكن في العروض وتد مفروق "
https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ad.php?t=83989
أنتجت هذه الدائرة تسعة بحور يمكن أن نقسمها إلى ثلاثة مجاميع هي :
1 - البحور المستخدمة التامة :
- الخفيف : فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن
- المنسرح : مستفعلن مفعولات مستفعلن
- السريع : مستفعلن مستفعلن فاعلن ... مع التحفظ على عائدية هذا البحر لهذه الدائرة.
2 - البحور اللقيطة :
- المضارع : مفاعيلن فاعلاتن
- المقتضب : مفعولات مستفعلن
- المجتث : مستفعلن فاعلاتن
وهي بحور لم تستخدمها العرب في أشعارهم وحشرت هنا قسرا .
ورؤية أخرى لها يمكن أن تظهر كما يلي حسب تسلسلها أعلاه لو استعملت دون الزحافات الواجب اتباعها:
- فعولن فعْلن فعولن
- فعْلن فاعلن فاعلن
- فعْلن فعولن فعولن
( ولن أعلق عليها هنا ) لأنني تطرقت لبعض منها في موضوع " بحر المتقارب وإشكالاته العروضية "
https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ad.php?t=81305
3 - البحور المهملة :
- الغريب أو المتئد : فاعلاتن فاعلاتن مستفعلن
- القريب أو المنسرد : مفاعيلن مفاعيلن فاعلاتن
- المطرد أو المشاكل : فاعلاتن مفاعيلن مفاعيلن
ولنترك الآن البحور المستخدمة ونأتي إلى المجموعتين الثانية والثالثة.
أولا : المجموعة الثانية
1- في المجموعة الثانية اشترط الفراهيدي استخدامها مجزوءة " وجوبا " أي أنه لم يجز استخدامها تامة.
2- في الزحافات اشترط نسقا معينا , لا تخلو التفعيلات منه.
3- اعتمد شواهدا يتيمة مشكوك بها إضافة لنظم بعضها, وعدم وجود ما يدعمها من الشعر العربي القديم.
4- ندرة ما نظم عليها بعد اعتمادها كبحور من قبل الفراهيدي.
ثانيا: المجموعة الثالثة
1- يقول بعضهم أنها مهملة لأنها غير مستخدمة ولأنها لا تتوافق مع الذائقة العربية, وهذا ليس صحيحا.
2 -الفراهيدي وضع قاعدتين لدائرة المشتبه أولهما "الوتد المفروق" وهذا ما سهل عليه بحور المجموعة الأولى وخاصة المنسرح, والقاعدة الثانية وهي " بحور مجزوءة وجوبا " يشترط الإلتزام بزحافاتها. حتى يزيد عدد بحور الدائرة المعتمد إلى ستة بحور ويهمل ثلاثة.
و المجموعة الثالثة كان أمر إهمالها أسهل الأمور لأنها أصلا بحور غير موجودة ولا تنطبق عليها قاعدة الفراهيدي ولا علاقة للذائقة العربية بها, ولو اعتمدها لنسف قواعد عروضه من أسسها, ولنستعرضها:
1 - الغريب أو المتئد : فاعلاتن فاعلاتن مستفعلن
إذا اعتمدنا وجود " وتد مفروق " فهو في التفعيلة الثالثة.
إذا طبقنا القاعدة الثانية من " مجزوء وجوبا " فما سينتج هو : فاعلاتن فاعلاتن
وهذا مجزوء الرمل ولا يمكن للفراهيدي اعتماد هكذا بحر.
2 - القريب أو المنسرد : مفاعيلن مفاعيلن فاعلاتن
هنا أيضا يتضح وجود الوتد المفروق بافتراض الفراهيدي في التفعيلة الثالثة, وإذا طبقنا قاعدة " مجزوء وجوبا " بحذف التفعيلة الثالثة أي حذف " الوتد المفروق " سينتج:
مفاعيلن مفاعلن
وهذا بحر الهزج المستخدم , وعليه لا يمكن للفراهيدي اعتماد هكذا بحر.
3 - المطرد أو المشاكل : فاعلاتن مفاعيلن مفاعيلن
في هذا البحر يظهر الوتد المفروق في التفعيلة الأولى حسب فرضية الفراهيدي.
لو طبقنا قاعدة " مجزوء وجوبا " سينتج :
فاعلاتن مفاعيلن
وهذا ينتج لنا مجزوء المتدارك الذي شكل عقدة عروض الفراهيدي :
فاعلن فاعلن فعْلن
وهكذا لايمكن اعتماد هكذا بحر من قبل الفراهيدي
من هذا يتضح أن هذه البحور الثلاثة المهملة لا وجود لها , كما أن بحور المجموعة الثانية محشورة حشرا , أما الأولى فيمكن إلحاقها بفرضيات أخرى بعيدة عن دائرة المشتبه ووتدها المفروق.
وأرحب بأي حوار حول الموضوع.
وتساؤلاتي هي :
- هل هناك " وتد مفروق " في الشعر العربي ؟
- هل هناك فعلا دائرة تسمى " دائرة المشتبه "
- هل قاعدة الفراهيدي بعدم توالي ثلاثة أسباب صحيحة ؟
- هل تغاضى الفراهيدي عن البحر السادس عشر " المتدارك" عمدا لأنه يهدم نظرياته بأجمعها ؟
تحياتي وتقديري