|
هذي دمشقُ ، وهذي الكأسُ والراحُ |
وكركراتُ الصِّبا في ظلِّ مَن باحوا |
وذكرياتُ الغوالي الشَّوقُ يسكبها |
وذا حنينُ الهوى يا شامُ يجتاحُ |
لا تسألوا ذا النَّوى فيما جرى دمه |
بالياسمين فؤادُ الدَّهرِ سوَّاحُ |
لا تعجبوا من نشيجٍ هزَّ قافيتي |
إنّي أحبُّ وبعضُ الحبِّ ذبَّاحُ |
أنا الدمشقيُّ ، لو شرَّحتمُ جسدي |
أيقنتمُ أنَّني وافٍ ومِسْماحُ |
ولو شممْتم مع الأنَّاتِ أوردتي |
وجدتمُ أنَّ همسَ القلبِ نوَّاحُ |
ولو لمستم شغاف الصَّدر أخبرَكم |
حتى ولو لامَ صفو الرُّوح مِلواح |
أنْ ليسَ فيه سوى سلوى تسامرني |
وسال منه عناقيدٌ ، وتفاحُ |
ولو فتحتم شراييني بمديتكم |
وحزَّ نافذةَ التحنانِ أشباحُ |
وشفَّ عنها بريقُ الصحب قاطبة |
أبصرتمُ وجهها تعلوه أتراحُ |
ولو تبعتم مسير النَّبض في سكنٍ |
شيئًا فشيئًا ، ومنه الصَبر يمتاحُ |
هناك يا سادتي من دون تقدمةٍ |
سمعتمُ في دمي أصوات من راحوا |
زراعة القلب تشفي بعض من عشقوا |
في كلِّ حالٍ على أحبابهم لاحوا |
أمّا أنا فسوى معنايَ يقتلني |
وما يفيد لعشقي اليوم إصلاحُ |
وليس تنفع داء الروح أدويةٌ |
بذاك أوصى ألبَّاءٌ وشراحُ |
فما تعينُ القوافي جرحَ عاطفةٍ |
وما لقلبي – إذا أحببتُ – جرَّاحُ |
مآذن الشام تبكي إذ تعانقني |
الله أكبر فيها هامت الواحُ |
يبقى صداها مدى الأشواق ملهمَنا |
وللمآذنُ – كالأشجار – أرواحُ |
للياسمين حقوق في منازلنا |
كأنَّــــــه في رياضِ الأنس مصباحُ |
فكيف يلثم مسك الأرضِ ذو مِقةٍ |
وظالم الزهر في الأعراف سفاح |
وشجرة التوت بعضٌ من أقاربنا |
ظلالُها يا ربوعَ الخلد قداحُ |
وللعصافير فوق السَّطح زقزقةٌ |
وقطة البيت تغفو حيث ترتاحُ |
هنا جذوري ، هنا قلبي ، هنا لغتي |
هنا الأماني بها الوجدان فوَّاحُ |
هنا الأغاني وكم جادت سوانحُها |
هنا الشهود دمي شعري ، وما باحوا |
هنا يراعي على جنبيه أجنحتي |
يخطُّ قلبًا به سهمٌ ومفتاحُ |
أو يرسم اللهفَ الزخَّار أخيلةً |
فكيف أوضح ، هل في العشق إيضاحُ ؟ |