مأرز الشوق
( 2 )
رسولَ الله ها قد مرَّ عامٌ
ولا عذرٌ إذا ما العامُ مَرّا
وفي كلٍ لنا حالٌ وفيهِ
غفلنا عنك تقصيرا وقسرا
وأين لنا نواريها و جوهاً
وقد جئنا مع الإصرارِ إِمرا
قطعنا كلَّ آصرةٍ و عرقٍ
وسلمنا إلى الأعداءِ أمرا
نسينا اللهَ فازددنا شقاءا
وسوف نزيد إملاقاً و فقرا
فليس لنا أمامَ اللهِ عهدٌ
فلا عتبٌ لإنَّ الله أدرى
فمنا من لهُ في الغيِّ باعٌ
وآخرُ يقطعُ الأيامَ سُكرا
ومنا من يوالي الكفر وداً
ويرضى عيشَهُ رِقاً و سُؤرا
فقلبٌ ميتٌ لا نبضَ فيه
يفيض ضلالةً ويفيض فُجرا
و فكرٌ تائهٌ يهوي انحطاطاً
وعقلٌ يُدرك التمييز نَزْرا
نفوسٌ هيناتٌ ليس فيها
خَلاَقٌ او تجدْ لو رُمتَ حُرا
فما ابقوا لنا منكَ اعتذاراً
ولا أبقوا لنا في الأرضِ قدرا
فجرحٌ في العراق له أنينُ
فأينَ الشامُ يُدركهُ لَيْبرا
وأينَ الشامُ حينَ يضجٌّ جرحاُ
ومنْ ذاكَ الذي يرجوه أزرا
فلا اليمنُ المهيضُ له جناحٌ
وسوف تخيبُ لو ناديتَ مصرا
ولولا يا رسولَ اللهِ أنَّا
عرفنا الدينَ منهاجاً وفكرا
لسِرنا في متاهتِهمْ وصِرنا
بغفلتِنا لما رسموهُ أسرى
وصار اليأسُ يسبقنا انهزاماً
ومتنا تحته عَجزاً و ذُعرا
كفى باللهِ ملتجأً و فيما
تركتَ لنا من الآياتِ نُورا
ولو جمعوا لنا الدنيا كفانا
بحبلِ الله معتصماً و نصرا
سنهزِمُهم ولو لم يبقْ إلا
سوى ظُفرٍ لصار الظفرُ سُعرا
ولو طال الزمانُ فثمّ جيلٌ
أشدُّ جلادةً و أشدُّ ظهرا
سيبعثُهُ نداءُ الحقِ يوماً
وحقٌ ذاكَ موعودٌ فصبرا
رسولَ الله هل لي في ربيعٍ
لقلبٍ جفّ نسياناً و هجرا
و دمعٍ جفَّ صبرا و انتظارا
بأشواقٍ اليك غدونَ جمرا
وليس معي على التقصير عذر
سوى حبي الذي أرجوه عذرا
فمنْ يغرمْ بحبك نال عزاً
و منزلةً تليقُ به و فخرا
مقامُك يا رسولَ الله أمرٌ
تعالى وصفُهُ شعراً ونثرا
ولو أسهبتُ ما اسهبتُ مدحاً
لما وفيتُ حقكَ فيه حصرا
فربُك قد تولى الذكرَ عنا
و حسبُكَ رفعةً منه و ذكرا
ولكني أرومُ لعلّ بيتاً
أُترجِمُ فيه ما ألقاهُ سرا
فألقى يوم لا يبقى ملاذٌ
سوى الرحمنِ للراجينَ غُفرا
محمد عبدالله المطري
12 ربيع أول 1438هـ