أبياتٌ متبادلة مع الشاعر الأستاذ محمد ذيب سليمان له الشكر والتقدير وجزاه الله خيرًا وودًّا ،
وكان له بَدءُ الكلام ومسك الختام :
ضاق الزمانُ ، وما ضاقتْ به الصُّوَرُ
في كل يومِ غـدت من أرضنــا العبــرُ
كانت حصــودًا لـوســواسٍ يؤرّقنــــا
مـا همّهـــا البــذل ، بل للبذل تنتظــرُ
كانت نخيــلاً بحجــم الكـون شــامخةً
واليوم أضحت لنـور الشمسِ تفتقــرُ
بغــــداد يــــا رايـــة كـــانت تظلّلنـــا
لمّا انحنينا ، وساد الخوف والخطــرُ
كانت أيــاد لأرض العــرب حـــارسةً
وتمـــلأ الغيم أحـــلامًا بهـــا المطــرُ
تروي يباب الثرى والعرب من دمها
وتشــرب الضيم حتى يرتوي البشــرُ
بغــــداد كانت لميـــراث العـــلا وطنًا
ويشهد الدهر كم ضحَّت ، وكم غدروا
لكنّهـــا حين جــــاء الليـل مرتديًــــا
ثوب الخيانة ، كان الصمت يزدهــرُ
قـــابيل كنــــا ، وكنــــا كفّ قاتلهـــا
بطعنــــة الغـــدر كنا مَن بها غدروا
***
بحُبِّكـــم يتَــــأسَّى القلبُ ، والصُّـوَرُ
وتجتدي من شذاكَ الرُّوحُ ، والزَّهَرُ
أبا الأمين : جـــراحُ الدَّهر تجمعُنـــا
لا درَّ درُّ الـــذي ينــــأى ، ويفتخـــرُ
دالتْ شؤونُ الدُّنا، لا ليس من حسدٍ
بل شـــوَّه الذكرَ نــاسٌ زادُهم كـــدرُ
وأســرفوا بــالمآسي غَيْــرةً ومِـــرا
حتى تداعى مـــع الأحقــاد مؤتمِـــرُ
تبقى المغـــاني لكم تعنـــو منائرُهــا
مع القلــوب التي تشــدو بها العبـــَرُ
لا فــضَّ فوكَ بمـــا أرَّخْــتَ من أدبٍ
مـــدادُهُ وجــــعٌ بــــالفكــر يعتمـــــرُ
فأنت أنت ، سختْ ، طابت مروءتـهُ
فـــراح نحو نــدى بغــــداد ينتصـــرُ
واســـتعذبت ببني الأعماـــم وجهته
شــوقًا ، وحرفًا تباهت حولـه الدررُ
أبــــا الأمين : لنـــا كم أوبة ولقـــــا
بـــذاك أقســـم وليشــهدْ ليَ القَمَـــرُ
وحينهــــا تنتفـــي الآلام قــــاطبـــة
وحينها تنهض الأعماقُ ، والصــورُ
*****
من أي سحرٍ شربت الحرف فانسكبا
في لجّــة البحـــر أمواجًا وقــد غلبـا
من أي نجـمٍ قطفتَ الحرف فاحتفلت
بــه الكــؤوس إلى أن بــات منقَلبــا
في أي بحرٍ غرست الشعر مرتجــلاً
ففـــارق البحر في أمواجــه شـــهبا
يـــا أيهـــا البحر يـــا شــلال قـــافيةٍ
جئناك شــوقًا ومنك الـــدر قد وثبـــا
حاشــا السواقي يهزُّ البحر رافدهـــا
وهي الروافــد تجــري نحـــوه طلبـا
***
من بعض ودك يمضي الفكر منتخبًا
أحلى اليواقيت يقضي عنك ما وجبا
فطـــاوعته بنــات الشــعر واحتفلت
أزهى العيون تنادي ، والعنا انسحبا
أبـــا الأمين ، جــزيت الخير أجمعـه
لمّــا بــذلت عقيق الـــروح منســكبا
طوبى لقلبـــك ما دام الهـــوى أبـــدًا
ومـــا تغنّى فــؤاد الصبّ مـــا وهبـا
فكــــلُّ حـــرفٍ إلى مغنـــاك نســـبته
وكل حــسٍّ إلى مبنـــاك قــــد وثبـــا
..
لـــوّنت حرفـــك بـــالياقوت منتخبــا
فخـــالط الروح أنسامًا وما احتجبـــا
لله درّك مـــا في الشـــعر مكـــرمـــة
إلا وكنت لهــــا مَن صبَّ أو شــــربا
البسيط