في ظِلا لِ الفُتون
***
تَـيَّمَـتْـني فَـتاتُـنا الـسَّمـراءُ
وسَـبانـي جَـمالُـها والـبَهاءُ
طِـفْلةُ الـوجْـهِ في العُيونِ بَـريقٌ
لاعِـبٌ بالـقلوبِ كيف يَشـاءُ
فـهْيَ حِـيناً تَـخافُ منهُ وحِـيناً
تَـشْتَـهـيهِ وكلُّ ذاكَ عَـنـاءُ
تَدخُـلُ المـشْهَدَ الكئيبَ فتَعْـلو
كلَّ مَـنْ فـيهِ بَـسْمَةٌ زَهْـراءُ
وتَـظَلُّ الـعُيونُ تَـرنُـو إِلـيهـا
كلُّ عَـيـنٍ ضَـراعَـةٌ ودُعــاءُ
ويَـفيضُ الـسُّرورُ من كلِّ قـلبٍ
ويُـساوي الـرِّجَالَ فيهِ الـنِّساءُ
وتَـرانـي أذوبُ حـينَ أَراهـا
تَتَجَلَّـى ومِلءُ روحـي صَـفاءُ
عِـندها بَـسمَةٌ تُـثيرُ خَـيالـي
واعْـتـدادٌ تَـزينـُهُ كِـبرِيـاءُ
ولـها ضَـحكةٌ كما انْسابَ لَـحْنٌ
وقَّـعَـتْهُ ورقَّـقَـتْهُ الـسَّـماءُ
وفـمٌ مُـترَفٌ إِذا افـتَـرَّ أَزرى
بالـدَّراري الـمُضـيئَةِ الَّـلأْلاءُ
وحـديثٌ إِذا سَـمِـعتَ رَنـيناً
فـيهِ قلتَ الـحديثُ هذا غِـناءُ
مُـتعـةُ كلُّهُ وفـيهِ شُـجـونٌ
وفُـنـونٌ يَـطيبُ منها اجْـتناءُ
وهْوَ سـحرٌ إِذا اسْتفاضَ وخـمرٌ
وهْوَ لـطفٌ ورِقَّــةٌ وحـيـاءُ
قَـيَّدتني وكنتُ قَـبْلُ طـليـقاً
ليس لـي عند مَـرفـأٍ إِرسـاءُ
جُـبْتُ كلَّ الـبحارِ ما شاقَ قلبي
شـاطيءٌ لاحَ لـي ولا مـيـناءُ
ثُمَّ لاحَـت وهَـا طويتُ شِـراعي
ثُمَّ مَـزَّقْـتُهُ وطـابَ الـبَـقـاءُ
فـي ظِـلالِ الـفُتونِ أَرتادُ سِحراً
لـم يُـحَدِّث بـمثلهِ الـشُّـعراءُ
تَـيَّمَـتني ولا أُريــد كـثيـراً
من نِـداهـا وفـي القليلِ شِـفاءُ
وكَـفانـي ابْـتسامُـها إِذ تُـحَيِّي
وكَـفانـي بِـرأْسـها إِيـمـاءُ
وكَـفانـي وجـودُها فـي مـكانٍ
أَنـا فـيهِ وذاك عـندي غَـنَـاءُ
لا تَـلُمْـني إِذا افْـتَضَـحتُ فإِنِّـي
أَبـداً للـجمالِ كُـلِّي وفــاءُ
وهْـيَ عندي أَلَـذُّ شـيءٍ وأَحْلى
يا نَـديـمي وما عـداها هَـبـاءُ
نَـسخَـت آيَـةُ الـمفاتِـنِ فـيهـا
كلَّ آيـاتِ مَـنْ لَـهُـنَّ رُواءُ
وهْـي من بَـعْـدُ للـغريبِ ديـارٌ
وهْـيَ يا أَنْـتَ للـحَـزينِ الـعَزاءُ .
***