|
ما كنتُ أَحسَبُ يومًا أن يموتَ أبي |
|
|
وهمٌ بعيدُ المَدَى، ما كنتُ أَعتبِرُ |
مَقدورُ ربّي وليسَ القلبُ معترضًا |
|
|
للهِ نَمضي كما يَقضي لنا القدرُ |
لكنَّهُ عالَمي مُذْ أنْ رأى بصري |
|
|
هل جا ببالِكَ يَفنَى الشمسُ والقمرُ؟ |
كمْ قالَ لي: "سأموتُ، العمرُ يَسرقُنا |
|
|
فاعملْ لنفسِكَ ما تَرضَى وأفتخرُ" |
لكنّني لم أكُنْ بالقولِ مُكترثًا |
|
|
لا لن يموتَ أبي مهما مَضَى العُمُرُ |
حتّى وأنفاسُهُ تُفضِي لبارئها |
|
|
ما كنتُ ودّعتُهُ والدمعُ يَنحدِرُ |
كانوا جميعا يَرونَ الموتَ يَخطَفُهُ |
|
|
وكنتُ أَنهَرُهمْ: لا ليسَ يُحتَضَرُ |
والعقلُ يُدركُ ما بالقلبِ أَجحدُهُ |
|
|
لا لنْ يَموتَ أبي والنهرُ والمَطَرُ |
حتى مَضَى في هدوءِ الليلِ مُرتحلاً |
|
|
مُستكشفًا دربَ مَن مِن قبلِهِ عبروا |
والنورُ في وجهِهِ كالبدرِ مُكتملاً |
|
|
لِسِدرةِ المنتهَى قدْ شارفَ النَّظَرُ |
فخِلتُهُ نائمًا كالطفلِ في حُلُمٍ |
|
|
حتما سيصحو، دُعوني الآنَ أنتظرُ |
قد غابَ عن ناظري والقلبُ مَسكَنُهُ |
|
|
هل يَحسبون فَنَى في كِلْمةٍ سَطَروا؟ |
لا لن يَموتَ أبي في مُهجتي أبدًا |
|
|
ذِكراهُ في خاطري كالعطرِ تَنتـشرُ |
والجِذرُ يَحيا ولو بالأرضِ غَيْـبَتُهُ |
|
|
ما زالَ يُخبرُ عنهُ الزَّهرُ والثمرُ |
يا ربِّ فاغفرْ لهُ، واجعلْ له نُزُلاً |
|
|
مُكَرَّمًا، مُتَّكاهُ الرَّفْرَفُ الخُضُرُ |