مضغُ النوى
=========
وقفَ الفقيرُ على الرصيفِ بِذَّلـــةٍ
................................... والجسمُ من طولِ المجاعةِ قد ذَوى
وعيونه غارتْ وقلَّ بَصيصُهـــــا
....................................... والظهرُ معوَجٌ وما عاد استوى
فلربما يأتي بِقوتِ عِيالـــــــــــــِهِ
................................... أو ربما يعطوهُ أثمانَ الـــــــــــــدوا
أو ربما يعطوهُ شيئاً يتقـــــــــــي
.................................. فالعظمُ من بردِ الشتاءِ قد انبـــــرى
فلذاكَ جاء من الصباحِ مُبكــــــراً
.................................. إذ كيف يرقدُ مَن يباتُ على الطـوى
وَمَضَتْ جُموعُ العابرينَ تنوشــهُ
.................................. نَظَراتُهم بِتَكبرٍ حتى اشتــــــــــــوى
وألحَّ في طلبِ المَعونةِ جاهِـــــداً
.................................. لكنَّـــــــــــــــــهُ ما نال غير الإزدرا
حلّ المساءُ وبُدّدتْ آمالــــــــــــهُ
................................. والجوعُ ينهشهُ وزفرات الجـــــوى
ومضى إلى الكوخ الذي هو بيته
................................. خالي الوِفاضِ وخَرَّ مسلوب القـوى
وأتى العِيالُ جميعهم لِمتاعـــــــهِ
................................. فلعلهم يجدون ما يحشو الحشــــــا
وتساءلوا أين المؤونة يا أبــــي
................................. وصغيرهم يبكي الطعام وقد خــوى
فتساقطت عبراتهُ من خــــــــــدهِ
................................. وتحشرجتْ كلماتهُ ثم اتـــــــــــــكا
من بعدها قال العيالُ وأمهــــــــم
................................. قَصّرتَ في طلب الغذاءِ كما نــــرى
لو كنتَ تسعى جاهداً أشبعتنـــــا
................................. ولما ترديْنا لهذا المستــــــــــــــوى
فأجابهم: اللهُ يعلمُ أننــــــــــــــي
................................ لم أدخر جهداً لكسبٍ يُرتجـــــــــــى
إني سعيتُ ولم أُقصِر مُطلقــــــاً
.............................. ولذا غدوتُ قُبيلَ أذيال الدجــــــــــى
فالودُ وُدي أن أراكم تنعمـــــــوا
.............................. وطعامكم لحماً طرياً مشتهـــــــــــى
ولكم حلمتُ وليت ذلك ممكـــــنٌ
.............................. أنا ببيتٍ لا يحركهُ الهــــــــــــــــــوا
لكن أهل المالِ قد بخلوا بـــــــهِ
............................. وعقولهم فيما يُباعُ ويُشتـــــــــــرى
ونسوا الحقوقَ وما لنا في مالهـم
.............................. وتجبروا فينا وزادوا الإفتـــــــــــرا
والآن قوموا علكم تأتوا لنــــــا
............................. إني أشم وحقكم ريحَ الشِـــــــــــوى
ذهب العيالُ وبعد وقتٍ قد أتــوا
............................. بقليلِ تمرٍ في القمامةِ مُرتمـــــــــى
فتناولوها كي يسدّوا جوعهـــم
............................ فهي البديل عن المبيت على الطـوى
من بعدها قال العجوزُ مُتمتمــاً
............................ قولا بليغا في النفوس لمن وعـــــى
إن الشواءَ لأهلهِ وأناســـــــــهِ
............................. أما الفقيرُ فحسبهُ مضغُ النـــــــــوى
شعر : ماجد وشاحي