|
مَضَى عَنْكَ البَيَانُ وَلَا مُضِيُّ |
وَعَادَ لَكَ الْجَنَانُ وَعَادَ عِيُّ |
يَجِيشُ بِكَ التَّلَهُّفُ قَابَ شَوْقٍ |
وَيُدْهِشُكَ التَّعَفُّفُ وَالرُّقِيُّ |
ذَرَعْتَ مَوَاسِمَ الشُّعَرَاءِ دَأْبًا |
بِحَرْفٍ خَطَّهُ العَبَقُ الذَّكِيُّ |
وَمَا الْأَشْعَارُ إِلَّا بِنْتُ قَلْبٍ |
يُرَوِّضُهَا إِلَى الرَّأْيِ الْحُلِيُّ |
تُنَاجِي سُنْبُلَاتِ الْحَرْفِ زُلْفَى |
وَتَحْصُدُ مَا يَجُودُ بِهِ الرَّوِيُّ |
وَلَوْ نَطَقَ الْوِدَادُ بِمَاءِ فِيهِ |
لَسَالَ بِهِ الفُؤَادُ الكَوثَرِيُّ |
وَمَا قَلْبِي سِوَى خَطَرَاتِ نَفْسٍ |
يَكِلُّ بِهَا الْهُمَامُ الْأَلْمَعِيُّ |
تَوَضَّأَ بِالْجَمَالِ فَعَادَ طِفْلًا |
وَصَلَّى بِالخِلَالِ فَغَابَ غِيُّ |
لَعَمْرُكَ هَلْ لِذِي أَدَبٍ أَصِيلٌ |
إِذَا مَا اخْتَالَ فِي الأَدَبِ الدَّعِيُّ |
وَهَلْ تَشْدُو عَلَى فَنَنِ الْأَمَانِي |
بَلَابِلُ دَأْبُهَا النَّغَمُ الشَّجِيُّ |
كَأَنَّ لَهَا الْبَدِيعَ رُؤَىً تُجَلَّى |
فَمَاسَتْ وَالرَّبِيعُ بِهَا حَفِيُّ |
خَرَائِدُ تُثْمِلُ الْأَذْوَاقَ سِحْرًا |
وَيُطْرِبُهَا الْخَيَالُ الْعَبْقَرِيُّ |
وَإِنِّي مَا اتَّخَذْتُ المَدْحَ إِلَّا |
لِمَنْ يَسْمُو بِهِ الأَرَبُ الزَّكِيُّ |
هُوَ الشَّهْمُ الْكَرِيمُ سَلِيلُ مَجْدٍ |
سَمِيحٌ فِي مُخَالَطَةٍ وَفِيُّ |
هُوَ الخَلْقُ القَوِيمُ وَلَيْسَ يَأْتِي |
سِوَى مَا شَاءَهُ الخُلُقُ النَّدِيُّ |
هُوَ القَلْبُ الرَّحِيمُ يَفِيضُ رِفْقًا |
وَزَوْجٌ مُقَسِطٌ وَأَبٌ أَبِيُّ |
حَكِيمٌ زَاهِدٌ بَرٌّ رَضِيٌّ |
حَلِيمٌ حَامِدٌ حُرٌّ حَيِيُّ |
عِصَامِيٌّ أَثَابَ العُمْرُ صِدْقًا |
فَلَمْ يَعْصِ الْهُدَى الْقَلْبُ التَّقِيُّ |
نَزِيهٌ لَيْسَ يَصْخَبُ فِي اخْتِصَامٍ |
وَيَحْكُمُ بِالذِي حَكَمَ النَّبِيُّ |
زَكَا بِالْعَلَمِ نُجْعَتُهُ كِتَابٌ |
وَذَاكَ لِرُوحِهِ شِبَعٌ وَرِيُّ |
تَوَاضَعَ فِي تَرَفُّعِ ذِي احْتِشَامٍ |
بِطِيبَتِهِ وَشَى الْوَجْهُ الوَضِيُّ |
أَجزْنِي مِنْ سَنَا عَيْنَيْكَ فَضْلًا |
بِمَدْحِكِ أَيُّهَا الرَّجُلُ السَنِيُّ |
فَلَيْسَ يَؤُزُّنِي إِلَّا مُمَارٍ |
وَلَيْسَ يَهُزُّنِي إِلَّا النَّقِيُّ |
وَإِنَّكَ يَا كَبِيرَ الْقَدْرِ مَعْنَىً |
يُتَرْجِمُ مَا يَعِي الشَّرَفُ السَّوِيُّ |
غَرَسْتَ الْبِرَّ فِي بِنْتٍ وَفِي ابْنٍ |
فَلَمْ تَزُغِ الْفَتَاةُ وَلَا الصَّبِيُّ |
وَعِشْتَ تُبَادِرُ الدُّنْيَا عَطَاءً |
يُهَرْوِلُ خَلَفُهُ الْكَفُّ السَّخِيُّ |
تُنَاهِزُ حَاتِمًا بَاسْمٍ وَفِعْلٍ |
فَلَيْسَتْ وَحْدَهَا فِي الْفَخْرِ طَيُّ |
بَلَغْتَ ذُرَى الْمُرُوءَةِ فِي وَقَارٍ |
تَقُولُ الْحَقَّ لَا يُثْنِيكَ أَيُّ |
وَلِلْإِحْسَانِ عِنْدَكَ مُسْتَقَرٌّ |
وَلِلْإِنْسَانِ مُتَّكَأٌ وَفَيُّ |
شُعُورِي جَلَّ مَا يَجْزِيكَ حُبًّا |
فَأَنْتَ بِكُلِّ مَكرمَةٍ حَرِيُّ |
وَشِعْرِي كَلَّ لَا يَحْوِيكَ مَدْحًا |
فَلَيْسَ يَفِيكَ مَهْمَا قُلْتُ شَيُّ |
وَمَا التَّقْصِيرُ مِنْ عَجْزٍ وَلَكِنْ |
لِمِثْلِكَ يَنْحَنِي المَلَأُ العَلِيُّ |
فَمَا يَنْسَى الْمَكَانُ وَأَنْتَ غَيْبٌ |
وَلَا يَأْسَى الزَّمَانُ وَأَنْتَ حَيُّ |