أحدث المشاركات

لبنان» بقلم عبده فايز الزبيدي » آخر مشاركة: عبده فايز الزبيدي »»»»» تعقيبات على كتب العروض» بقلم عبده فايز الزبيدي » آخر مشاركة: عبده فايز الزبيدي »»»»» نظرات فى تفسير سورة الإخلاص» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» ( و كشـفت عن ساقيها )» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: محمد نعمان الحكيمي »»»»» الأصواتيون وعِلم العَروض العربي.. عجيبٌ وأعـجب..!» بقلم ابو الطيب البلوي القضاعي » آخر مشاركة: ابو الطيب البلوي القضاعي »»»»» الخِصال السّبع» بقلم مصطفى امين سلامه » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» رباعيات للشاعر صلاح چاهين» بقلم سالى عبدالعزيز » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» المعاني النحوية - رأي في آيات زوال الكيان الصهيوني» بقلم خالد أبو اسماعيل » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» من هو السامري - رأيي» بقلم خالد أبو اسماعيل » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» دفق قلم القرآن والإنصات» بقلم نورة العتيبي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»»

النتائج 1 إلى 9 من 9

الموضوع: تدين فاسد مغشوش`

  1. #1
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : May 2005
    المشاركات : 673
    المواضيع : 177
    الردود : 673
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي تدين فاسد مغشوش`

    تدين فاسد مغشوش
    سيد يوسف

    لا يهدف هذا الموضوع لطرح دينى بقدر ما يهدف إلى طرح فكرى حول سمات التدين الفاسد المغشوش والذى باتت تمثل ملامحه مظهرا عريضا فى حياتنا الاجتماعية –تحديدا- وغيرها من الميادين...وإن كان صوته غير مسموع لأنه يخالف الفطرة ومقاييس العقل اليقظ.

    بداية نقصد بالتدين الصحيح ذلك النوع من التعبد الذى يتمثل قوله تعالى:
    (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ) الأنعام 162-163

    وهو تدين يستوعب الدنيا وميادينها فهو يراقب الله ويشعر بمعيته فى أمور الدين والعبادة( من صوم وصلاة وحج وصدقة ونسك مختلفة) والأخلاق( من صدق وعدل وتواضع وأمانة ) والآداب( مع الله ومع رسوله صلى الله عليه وسلم ومع جيرانه ومع زملائه بل ومع الحيوان وغير ذلك) والتمهن والعلاقات الاجتماعية ....حتى بين الإنسان وبين نفسه....فهو يطالبه بالاستعاذة حين تخطر له خطرات فاسدة ....
    إنه تدين يدين لله بالعبودية والخضوع والتسليم بعقل يقظ تصحبه فطرة نقية وقلب سليم...ولا عجب فهو تدين يرضى بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا...
    فإذا قال الله تعالى
    (ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) الجاثية 18
    استوعبها بعقله اليقظ وفطرته النقية ثم قال سمعنا وأطعنا مصداقا لقوله تعالى:
    (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً) الأحزاب 36
    ومصداقا لقوله تعالى
    (لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ *وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ * وَإِن يَكُن لَّهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَن يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) النور46- 52

    فما هو التدين الفاسد المغشوش؟
    هو تدين نتعرف عليه من سماته حيث ينشأ عن فهم مغلوط- بعمد أو بغير عمد- لمفهوم التدين- الذى عرضنا بعض ملامحه آنفا- أو لمفهوم الدين الإسلامي عموما.
    ولا تعجبن من قولى فهم مغلوط بعمد فقد ذكر الله فى قرآنه سمات أولئك الذين يعاندون فطرتهم بغباء فقال:
    (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً أُوْلَـئِكَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ) إبراهيم 3
    والشاهد الذى أبغيه ههنا أن هناك نفرا من البشر يبغونها عوجا ولذا فهم فى ضلال بعيد.

    ونقصد بالفهم المغلوط : الاجتزاء للدين فقد يراه البعض شكل العبادات فقط من صلاة وصوم وصدقات..
    وقد يراه البعض هو شكل المعاملات فقط من وفاء وصدق دون النظر لبقية مفردات التدين..
    وقد يراه الناس هو نقاء القلب دونما ارتباط بالعمل...
    وقد يراه البعض هو العقيدة العقلية السليمة من توحيد لله دونما خُلق ضروري يصحبه....
    وقد يراه البعض هو جملة آراء فقهية يتبناها من هنا أو من هناك....

    والحق أن التدين هو بعض ما سبق وغير ذلك كثير إنه ما صبغته الآية الكريمة (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)

    والآن هل من عروج على بعض سمات ذلك التدين الفاسد المغشوش؟؟؟؟

    - يقال بان الفرق بين التدين الفاسد وبين التدين الحقيقى كالفرق بين قسوة القلب وبين رقته فحيثما وجد تدين حقيقى فثم قلب رقيق ..ولا عجب فالقران يمدح تلك الصفة فى نبى الإسلام فيقول تعالى( ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) وما كان الرفق فى شيء إلا زانه .....والمقصود بقسوة القلب التجرؤ على المعاصى والاستهانة بحرمات الله وتعظيم غير الله .

    - ويقال بأن التدين الفاسد يعتمد على التقشف فى ربط الناس بربهم دون النظر إلى ( أى مع إهمال) الدنيا ..
    لقد استضافنا الله فى ملكه لنعمر الكون تعميرا يتسق وخلافة الإنسان للأرض فليس من العقل فى شيء أن يسخر الله لنا البحر لنأكل منه لحما طريا فى حين يملكه غيرنا بالغواصات وغيرها على حد رأى الشيخ الغزالى.

    - التدين الفاسد مولع بالتحريم من جهة الإفراط أو مولع بالتحليل من جهة التفريط ...وقواعد الأمر عند أهل الذكر يقول تعالى( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) النحل 43 ...وبالمناسبة الآية ليست خاصة بعلماء الدين فقط بل تمتد لتشمل علماء الفلك والكيمياء وبقية العلوم .

    -من شان التدين الفاسد إثارة الجدل والخلافات.... والخلافات التى تبنى على مصاطب الفراغ لا يمكنها أن تبنى أمة..لا يمكنها.

    -من مظاهر التدين الفاسد غمط العظماء حقهم وقدرهم ....ومن عجيب الأمر أن ترى أحدهم يتحدث بإساءة أدب بالغة عن الصحابة بدعوى هم رجال ونحن رجال فى يقينى أن الصحابة كانوا رجالا صدقت فى هذى أما الأخرى فاني لفي شك منها مريب..( والحديث ههنا لا يتعلق بآرائهم الفقهية بل بالطعن فى أشخاصهم)

    -من سمات التدين الفاسد عدم ربط الناس بربهم ...وأنه يعتمد الخلافات وإثارة الجدل بدلا من تقريب القلوب عساها أن تلتقى على طاعة الله.

    - من سمات التدين الفاسد تصيد الشبهات وتضخيم الأخطاء وتجاهل الحسنات....أو تهوين شأن أصحابها.

    - من سمات التدين الفاسد تهوين العظيم وتعظيم التوافه فتجد احدهم يضخم أمرا خلافيا ويتجاوز الكلام عن مصاب الأمة والخطر المحدق الذى يتهددها وكأن هذه الإخطار هو غير معنى بها.

    - من سمات التدين الفاسد الحديث عن الأشخاص بالغمز واللمز دون الاهتمام بالأفكار التى تخدم الأمة.
    - من سمات التدين الفاسد الهدم لا البناء ...فأحدهم قضيته فى الحياة هدم ما يفعل الآخرون لا بناء فكر يحمى الأمة من أخطارها....فمثلا هو لا يقترح حلولا لمشاكل أمتنا من بطالة وفقر وفساد وعبوسة ورشاوى منتشرة لكنه يكلف نفسه فوق طاقتها أن يشوه من يقومون بالبناء والدعوة إلى ذلك...ويعالن بغباوة رائعة انه صديق من يحتذى حذوه.

    - من سمات التدين الفاسد أنه يحيا أصحابها ما بقيت الفكرة قائمة حية فإذا ماتت ماتوا معها أو بحثوا عن فكرة أخرى تظهر معها الخلافات والجدل والهدم ومحاكمة شئون الناس.

    - من سمات التدين الفاسد الاهتمام بالشكل على حساب المعنى وكم من شكل خلا من مضمون جيد..

    وسؤالى الأخير:
    هل من وسائل للحد من ذلك التدين الفاسد؟؟

    نعم....أطرح أفكارا عامة أرجو دراستها فى كتابات المصلحين فى كل اتجاه:
    - علينا أن نتعلم كيف نفكر...( كيف؟)
    - علينا اكتساب الثقافة من مصادر محترمة ( كيف؟)
    - حبذا البحث عن قدوة نقتدى بها اقتداء دون تقديس وبها نسترشد مصادر الثقافة.
    - التقرب إلى الله بالتعبد واسع المعنى( كيف؟)
    - إياك والجدال فانه لا يأتي بخير.
    - عش مع المنعم أكثر من عيشك مع النعم ....(وأن إلى ربك المنتهى)...
    - الابتعاد عن المعاصي كبيرها وصغيرها( كيف؟)
    - أخرى
    فى النهاية:

    أسأل الله أن يهدينا سواء السبيل.
    سيد يوسف
    سيد يوسف

  2. #2
    الصورة الرمزية الصباح الخالدي قلم متميز
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    الدولة : InMyHome
    المشاركات : 5,766
    المواضيع : 83
    الردود : 5766
    المعدل اليومي : 0.84

    افتراضي

    بحث ومتن يحتاج لوقفات طويلة جدا
    اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهيمَ. إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

  3. #3
  4. #4
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Oct 2005
    المشاركات : 527
    المواضيع : 25
    الردود : 527
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أخي الكريم سيد يوسف
    في موضوعك الخير كله إن شاء الله تعالى
    ويحتاج منا إلى وقفات صادقة وصحيحة وحقيقية لكي نضيف رأيا سليما خاليا من الزيف فمع كل كيف هنا رسالة وحتى نلتقي معها يجب مراعاة الصدق في القول والعمل وماذا تعني لنا كل كيف فيها وكيف نصل إلى الجواب لنا لقاء آخر حتى ننتهي من بعض الردود والقراءات الواجبة علينا , وقد أبعدتنا عنها قليلا حملة الإنتخابات في فلسطين لأنا حملنا بعضا من مسؤولية العمل فيها .
    نترككم على خير وطاعة لله
    أختكم في الله خوله
    إبنة الوطن الجريح

  5. #5
    الصورة الرمزية العربي عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    الدولة : هناك
    المشاركات : 68
    المواضيع : 12
    الردود : 68
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    صديقي

    بمناسبة حكاية التفكير والتفكر

    يعجبني قول للمفكر الكبير مصطفى محمود في هذا المضمار مفاده

    أننا نحن معشر العرب نحسب التدين مجرد لحية ومسبحة وعطلنا عقولنا وهذا ليس من الدين في شيء


    الحقيقة لقد فتحت الباب على مصراعيه يا صاح

    وهذه قضية جد خطيرة لذا فإني أهيب بالأقلام المتواجدة في هذا المكان أن تدلي بدلوها علنا نصل إلى الدواء بعد أن شخصت أنت الداء

    تحياتي لقلمك

  6. #6
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Jul 2003
    المشاركات : 5,436
    المواضيع : 115
    الردود : 5436
    المعدل اليومي : 0.70

    افتراضي

    بارك الله بك أخي و في طرحك ، فما تأتينا به إلا خير فبورك سعيك .

    و قد صدق الفاضل العربي في مسألة الداء و الدواء ، غير أني أرى الدواء يكمن كثيره في تقوى الله في السر و العلن ، و ما يطيقها بحق إلا القليل .

  7. #7
    الصورة الرمزية محمد سوالمة قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Dec 2002
    الدولة : رفح
    العمر : 69
    المشاركات : 488
    المواضيع : 188
    الردود : 488
    المعدل اليومي : 0.06

    افتراضي

    النظرية والتطبيق
    ترتبط تصرفان الإنسان بأفكاره عن الحياة وما قبلها وما بعدها. وعندما يخالف سلوك الإنسان ما يتبناه من فكر، يحاول أن يشرح الأسباب التي دفعته لمخالفة أفكاره، أو يحاول إثبات أن السلوك المعين لا يرتبط بالفكرة التي يُظن أنه خالفها، أو يعترف صراحة أنه أخطأ.
    وما ينطبق على الإنسان، في هذا المجال، ينطبق على الدول؛ خصوصاً تلك التي تقوم على أسس فكرية، كالدول الاشتراكية الرأسمالية والإسلامية. وفي معترك الحياة، كثيراً ما تتصرف الدول على خلاف مبادئها. وعندما يتم إثبات التناقض في الفعل بين الفكرة والعمل، يقول قادة تلك الدول ما مفاده: أن النظرية شيء والتطبيق شيء آخر، وأنه لا بد أحياناً من مخالفة بعض أجزاء الفكرة بهدف المحافظة على كل الفكرة، أو بغية إيجاد الظروف المناسبة لنشرها...
    ويرد السؤال: هل يصح أن تخالف الأعمالُ الأقوالَ إذا فرض الواقع المضاد نفسه على ساحة العمل؟ وبعبارة أخرى: هل النظرية شيء والتطبيق شيء آخر؟
    يشترط في القاعدة الفكرية شروط أساسية لصلاحيتها، والشروط هي:
    1- أن تكون عقلية، بحيث تقنع العقل قناعة تامة لا يتطرق إليها أدنى شك.
    2- أن توافق الفطرة، أي أن تلتقي مع طبيعة الإنسان.
    3- أن لا تكون خيالية، أي أن لا تفرض على الحياة أموراً مستحيلة.
    4- أن تتسع لتشمل معالجات لجميع مشاكل الإنسان ـ بما في ذلك الدولة ـ في كل زمان ومكان بحيث لا يضطر إلى إيجاد معالجات لبعض المشاكل من خارجها.
    وفي إطار موضوعنا هذا، ينبغي التأكيد على الشرط الرابع، فالفكرة إذا عجزت عن التعامل مع الظروف المختلفة تكون ناقصة وغير صالحة. والقول: (النظرية شيء والتطبيق شيء آخر) يعني ببساطة عدم صلاحية النظرية للتطبيق.
    إن ما يلاحظ من ارتباك واضح واضطراب ظاهر في تطبيق الرأسمالية والاشتراكية، إنما هو بسبب عجز هذين المبدأين الوضعيين عن الإحاطة بكل مشاكل الحياة، وعن وضع الحل الصحيح لكل مشكلة، لأن عقل الإنسان محدود ومعرفته محدودة.
    إن أكثر ما يرقع به الرأسماليون والاشتراكيون نظرياتهم، لا يمكن اعتباره اجتهاداً في التطبيق، ولكنه اجتهاد في أصل الفكرة. والفرق بين الاجتهاد في التطبيق والاجتهاد في الفكرة آتٍ من جهة أن الاجتهاد في التطبيق إنما يكون في استنباط حلول للوقائع المتجددة على أساس الفكرة ومن خلالها؛ بخلاف الاجتهاد في الفكرة، الذي هو تغيير لبعض أسس الفكرة تحت ضغط الواقع الرافض والمناقض لتلك الأسس. فغورباتشوف، مثلاً، اجتهد في الفكرة عندما أجاز التعددية الحزبية بما يناقض «ديكتاتورية البروليتاريا»، بخلاف اجتهاد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في عدم تقسيم أرض السواد في العراق. إذ أن عمر رأى أن يضع الخراج على الأرض والجزية على الرقاب، ويكون ذلك فيئاً للمسلمين: المقاتلة والذرية ولمن يأتي بعدهم. واحتج عمر بقوله تعالى: ]مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى[ حتى بلغ ]وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ[ ثم قال: «هذه استوعبت المسلمين عامة». فهذا الاجتهاد من عمر هو اجتهاد في تطبيق النصوص المتعلقة بموضوع الفيء على الواقع الحادث في زمنه. وهو حل لمشكلة استحدثت، وهي حاجة الجند للمال بشكل مستمر.
    وهناك فرق كذلك بين سوء تطبيق الفكرة وبين عدم تطبيقها، فوجود نص في دستور دولة، تزعم أنها إسلامية، يبيح الربا هو عدم تطبيق صريح لقوله تعالى: ]وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا[؛ بخلاف ما فعله معاوية بن أبي سفيان من أخذه البيعة لولده يزيد بالحيلة والقوة، فإنه سوء تطبيق لأخذ البيعة التي من شروطها الرضا والاختيار. وكذلك، فوجود نص يسقط الجزية عن أهلها هو عدم تطبيق لقوله تعالى: ]حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ[؛ بخلاف أخذها على غير وجهها بما يظلم بين المال أو بما يظلمهم كدافعي جزية، فهو إساءة في التطبيق.
    إن الله تعالى فرض على المسلمين الحكم بما أنزل، وجعل من يحكم بغير الإسلام إما كافراً وإمّا ظالماً وإمّا فاسقاً بحسب الأسباب التي دفعته ليحكم بغير الإسلام، قال تعالى: ]وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ[ وقال: ]وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ[ وقال: ]وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ[.
    وقد حذر الله تعالى ورسوله المصطفى محمداً صلى الله عليه وآله وسلم من الركون ولو قليلاً إلى الكفار، ومعلوم أن خطاب الله تعالى لرسوله هو خطاب لأمته ما لم يأتِ دليل يخصص الخطاب بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم. قال تعالى: ]وَلَوْلاَ أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً * إِذًا لأََذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا[. وقال تعالى محذراً من معصيته: ]وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِينًا[ وقال: ]وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا[.
    وحيث أن الإسلام دين كامل، فإنه يعالج مشاكل الحياة في كل الظروف الشاذة الصعبة. فمع وجوب تطبيق الإسلام كاملاً من الأفراد والدولة، رخّص الله تعالى للأفراد والدولة في حالات اضطرارية القيام بأعمال تخالف الحكم الأصلي:
    فقد رخّص للمضطر الذي لا يجد ما يسد به رمقه أن يأكل من المطعومات المحرمة بالقدر الذي يحفظ به حياته. قال تعالى: ]فَمَنْ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ[.
    ورخّص الله تعالى للدولة أن تدفع لعدوها مالاً إذا كانت في حالة ضعف شديد، وتخشى أن يجتاحها ذلك العدو؛ أو إذا كانت في حرب فعلية ورأت عدوها أقوى منها، وخافت من الهزيمة. وذلك كما حصل في معركة الخندق، فعندما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما وصل إليه المسلمون من بلاء شديد، وخطر داهم وبعد أن وصل الحال بالمسلمين إلى أشد ما يمكن أن يصل إليه، كما قال تعالى واصفاً حالهم: ]هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاً شَدِيدًا[ عندها أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى عيينة بن حصن، وإلى الحارث بن عوف، وهما قائدا غطفان، وعرض عليهم أن يرجعوا بمن معهم من قومهم على أن يعطيهم ثلث ثمار المدينة، فأبوا إلا النصف، وعندما حضر رسلهم لكتابة الاتفاق أرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى سيدي الأنصار سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فاستشارهم، فقالا له: يا رسول الله إن كان هذا عن وحي فامض لما أُمرِت به، وإن كان رأياً رأيته لنا فقد منا نحن وهم في الجاهلية، لم يكن لنا ولهم دين، فكانوا لا يطمعون من ثمار المدينة إلا بشراء أو قِرى. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إني رأيت العرب رمتكم عن قوس واحدة، فأحببت أن أصرفهم عنكم، فإن أبيتم ذلك فأنتم وأولئك» وقال عندها لوفد غطفان: «اذهبوا فلا نعطيكم إلا السيف».
    ويجب ملاحظة أمر هام، فالرسول صلى الله عليه وآله وسلم لم يلجأ إلى ذلك إلا بعد أن قام بكل الواجبات الشرعية والاحتياطات الأمنية، فقد أمر بحفر الخندق، بعد استشارة المسلمين، وعمل فيه بيديه، فكان يرفع التراب ليشجع المسلمين ويدعوهم لمضاعفة الجهد، حتى تم حفر الخندق في ستة أيام، وحصن المسلمون جدران المنازل التي تواجه العدو، وأخلوا المساكن التي ظلت وراء الخندق، وجيء بالنساء والأطفال إلى المنازل التي حُصِّنت، وخرج الرسول عليه وآله الصلاة والسلام في ثلاث آلاف من المسلمين، فجعل ظهره إلى هضبة سلع، وجعل الخندق بينه وبين أعدائه. ولم يكتف الرسول بتقوية الجبهة الداخلية، بل عمد إلى الأعداء للإيقاع بينهم، فقد جاء نعيم بن مسعود، وكان قد اسلم، وعرض على رسول الله أن يقوم بما يثبط الكفار، فذهب بأمر الرسول إلى بني قريظة وكانت لا تعرف أنه أسلم، وكان لها نديماً في الجاهلية، فذكرهم بما بينه وبينهم من مودة، ثم ذكر لهم أنهم ظاهروا قريشاً وغطفان على محمد، وقريش وغطفان ربما لا تطيقان المقام طويلاً فترتحلان، وتخليان ما بينهم وبين محمد فينكل بهم، ونصح لهم ألا يقاتلوا مع القوم حتى يأخذوا منهم رُهُناً يكونون بأيديهم، حتى لا تتنحى قريش وغطفان عنهم، واقتنعت قريظة بما قال؛ ثم ذهب إلى قريش فأسرّ لهم أن قريظة ندموا على ما فعلوا من نكث عهد محمد، وأنهم عاملون لاسترضائه وكسب مودته، بأن يقدموا له من أشراف قريش من يضرب أعناقهم، ولذلك نصح لهم إن بعثت إليهم اليهود يلتمسون رهائن من رجالهم ألا يبعثوا منهم أحداً، وصنع نعيم مع غطفان ما صنع مع قريش. الأمر الذي أدى إلى دب الشبهة في نفوس العرب من اليهود، ثم تحولت تلك الشبهة إلى اتهام عندما طلب اليهود رهائن حتى يقاتلوا. فتفككت بذلك لُحمة الأعداء.
    إن ما يقوم كثيرون به اليوم، من ارتماء في أحضان الأعداء، ورضوخ لكل مطالبهم، ليس إلا انهزاماً وخيانة، فعزيمة الأمة قوية جداً، وها هي تقاتل الأعداء بالحجارة وبأقل القليل من السلاح، وتنزل بهم الضربات الموجعة. والأمة تملك من المال والرجال والعتاد ما يرهب كثيراً من الدول، ويدفع الدول الكبرى إلى الإيقاع بيننا بدل أن نقوم نحن بالإيقاع بينهم.
    التطبيق يجب أن يكون من خلال الفكرة، وحيث أن ديننا الحنيف قد بيّن العلاجات لكل المشاكل في كل زمان ومكان، فعلى العاملين في الدعوة الإسلامية الإبداعُ في استنباط الحلول للمشاكل العديدة التي يواجهونها من خلال الكتاب والسنة وما انبثق عنهما، والصبرُ على كل الأوضاع الصعبة التي تحيط بهم حتى يحدث الله أمراً كان مفعولاً. قال تعالى: ]ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ * وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ * وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ* إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ[ صدق الله العظيم
    [motr]من اراد الله به خيرا فقهه في الدين[/motr]

  8. #8
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : May 2005
    المشاركات : 673
    المواضيع : 177
    الردود : 673
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي اختنا الكريمة/خوله بدر

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خوله بدر
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أخي الكريم سيد يوسف
    في موضوعك الخير كله إن شاء الله تعالى
    ويحتاج منا إلى وقفات صادقة وصحيحة وحقيقية لكي نضيف رأيا سليما خاليا من الزيف فمع كل كيف هنا رسالة وحتى نلتقي معها يجب مراعاة الصدق في القول والعمل وماذا تعني لنا كل كيف فيها وكيف نصل إلى الجواب لنا لقاء آخر حتى ننتهي من بعض الردود والقراءات الواجبة علينا , وقد أبعدتنا عنها قليلا حملة الإنتخابات في فلسطين لأنا حملنا بعضا من مسؤولية العمل فيها .
    نترككم على خير وطاعة لله
    أختكم في الله خوله
    إبنة الوطن الجريح
    اختنا الكريمة/خوله بدر
    بداية وعليكم السلام ورحمة الله اختى الكريمة
    ثم
    تقدير لشخصك الكريم ولمرورك وتعليقك الذى يفيدنى جدا فجزاك اللع عنى خير الجزاء
    ثم
    اثرتى ب(كيف) هذى كثير من الشجون اختى الكريمة..فلا اقل من الا تفيدنى بما تطرحين ووفقك الله ونفعنا بك
    سيد يوسف

  9. #9
    قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : May 2005
    المشاركات : 673
    المواضيع : 177
    الردود : 673
    المعدل اليومي : 0.09

    افتراضي اخونا/ العربى

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العربي
    صديقي

    بمناسبة حكاية التفكير والتفكر

    يعجبني قول للمفكر الكبير مصطفى محمود في هذا المضمار مفاده

    أننا نحن معشر العرب نحسب التدين مجرد لحية ومسبحة وعطلنا عقولنا وهذا ليس من الدين في شيء


    الحقيقة لقد فتحت الباب على مصراعيه يا صاح

    وهذه قضية جد خطيرة لذا فإني أهيب بالأقلام المتواجدة في هذا المكان أن تدلي بدلوها علنا نصل إلى الدواء بعد أن شخصت أنت الداء

    تحياتي لقلمك
    اخونا/ العربى
    بارك الله فيك ونفعنا بك ولعله من نافلة القول: انى اتفق معك فى قولك(وهذه قضية جد خطيرة)
    وانى لامل ان تتناولها اقلام احبتى بالواحة بمداخلة تسهم فى توضيح الفكرة .
    لك منى تحية وتقدير اخى الكريم
    سيد يوسف

المواضيع المتشابهه

  1. لا تديّن لطاعن في دين
    بواسطة محمد إسماعيل سلامه في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 16-07-2023, 07:26 PM
  2. مسرحيّة ( كما تَدين تدان )
    بواسطة عبد الله لالي في المنتدى أَدَبُ الطِّفْلِ (لأطفالنا نحكي)
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 02-07-2021, 01:46 PM
  3. تديّن اليوم المفرغ من رُوحِه ..
    بواسطة إدريس الشعشوعي في المنتدى الحِوَارُ المَعْرِفِي
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-06-2015, 02:29 PM
  4. هواء فاسد
    بواسطة مرشدة جاويش في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 04-08-2014, 03:09 PM
  5. بدل فاسد
    بواسطة محمود موسى في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 21-11-2012, 08:38 PM