معاناة
ما لي أُكَـتِّمُ لوعةً بفـؤادي
* * * * * أَوَ يستبيحُ العلجُ خيرَ بلادي
فإلى متى تكوي الدِّماءُ بأضلعي
* * * * * يـا أُمَّـةً قد ساقها جَـلَّادي
صَمَتَتْ و لم تعلمْ بأنِّي مسلمٌ
* * * * * في اللهِ تعلو همَّتي و جهادي
فإلى متى هذي الدُّموعُ تُذيبُني
* * * * * نارٌ تَأجَّجُ في الحشا و فؤادي
ما لي أراني بالقيودِ مُكَبَّلاً
* * * * * أجْتَرُّ - آهٍ - حسرتي و عِنادي
أسَدٌ جريحٌ لا تلينُ قناتُهُ
* * * * * لا ، لن تهونَ كرامتي و جِلادي
لمحاكمٍ يغدو بعِزٍّ شامخاً
* * * * * و الكلُّ يـرْنو نـحـوهُ بـودادِ
و تراهُ أُمٌّ ترتمي و بصدرها
* * * * * نحوَ ابنِها و كأنَّها بحِدادِ
لا يرْأَفُ الكلبُ العقورُ بحزنِها
* * * * * فيصدُّها في غِلْظةٍ الأوْغادِ
فالْإبنُ يهذِي بالكلامِ معَ البُكا 1
* * * * * أُمِّي حياتي مهجتي و فؤادي
قلبي يمورُ فأكظمُ الفيظَ الدَّفِيـ
* * * * * ـنَ بداخلي لا يستكينُ قِيادي
فأُحاورُ الجلفَ الغليظَ المُعتدي
* * * * * مِن أجلِها .. لا يستجيبُ السَّادي
و تُحاوِرُ الأُمُّ الرَّؤُومُ بجَهْدِها
* * * * * في لوْعةٍ و بحُرْقةٍ و سدادِ
و بُعَيْدَ لأْيٍ يستجيبُ سؤَالَها
* * * * * تجري تُسابقُ ظِلَّها بِـعِـنادِ
تبكي و تلْثُمُ وُلْدَها في لهفةٍ 2
* * * * * و بفرْحةٍ .. أرنو لها بوِدادِ
تبكي و تضحكُ آهِ يا لِصنيعها
* * * * * ضِدَّانِ يجتمعانِ ، يا لِتضادِ !
و أرى ابْنَهُ يجري إليْهِ بخِفَّةٍ
* * * * * يَهْوِي يُقَبِّلُ أرْجُلاً و أيادِ
فإلى متى هذا الفِراقُ يا أبي
* * * * * أَيظلُّ ينهشُ مهجتي و فؤادي
أوَ عائدٌ ما قد مضى مِن عَيْشِنا
* * * * * أمْ أنَّهُ وَلَّى و لِلْآبادِ
مَهْلاً بُنَيَّ فإنّما أنتَ المُنَى
* * * * * زُخري لِيَوْمِ قِيامةٍ و مَعادِ
هذا الحديثُ يَهُزُّ كُلَّ مشاعري
* * * * * دمعي يسيلُ بحُرْقَةٍ كَعِهَادِ3
و الزوْجُ مِن بُعْدٍ تُراسلُ زوْجَها
* * * * * برسائلِ الحُبِّ النَّبِيلِ تنادي
فإليْكَ يا حُبِّي كتبْتُ رسائلي
* * * * * بدموعِ عيْني بالفؤادِ الشَّادي
أنتَ الحياةُ لِمُهجتي يا بسمتي
* * * * * يا منهلي الصَّافي لقلبي الصَّادي
لا أبتغي في ذِي الحياةِ سِواكَ يا
* * * * * أملي الحبيبِ و بُغْيتي و مُرادي
صبْراً جميلاً يا حياتي إنَّما
* * * * * في الصَّبْرِ للمُرْتادِ خيرُ الزَّادِ
فإلى لقاءٍ عاجلٍ يا مُنْيَتي
* * * * * يا فَرْحتي .. يا صفحةَ الأمجادِ
إنِّي أحبُّكَ أنتَ لي كلُّ المُنَى
* * * * * أنتَ الهَنا في دنيتي و مَعَادِ
فالحِبُّ يهفو دائماً لحبيبهِ
* * * * * فَرِحاً بِهِ يلْقاهُ بالإنشادِ
لُقْياكَ يا نورَ العيونِ سعادةٌ
* * * * * لُقْيا الحبيبِ كَفَرْحةِ الأعيْادِ
هذي الرسائلُ كلُّها قد تُرْجِمتْ
* * * * * في نظْرةٍ بمحبَّةٍ و رشادِ
و أرى ابنَتَيَّهِ تُلَوِّحانِ بلهفةٍ
* * * * * يدْمَى الفؤادُ فأكتوي بسُهادِ
فإلى متى هذي الدُّموعُ حبيسةٌ
* * * * * فالجمرُ يا أبتاهُ تحتَ رمادِ
إنّا نَحِنُّ إلى لقاءِكَ دائماً
* * * * * فالشَّوْقُ يا أبتاهُ ليْثٌ عادِ
هذا حديثهما بغيرِ تَلَفُّظٍ
* * * * * هذا حديثُ الرُّوحِ لا الأجسادِ
وأعودُ للسِّجنِ المقيتِ تهزُّني
* * * * * هذي الفِعالُ ، تُخيفني أحقادي
و أبيتُ مهمومَ الفؤادِ مُشتَّتاً
* * * * * فلقد هجرْتُ وُسادتي و رقادي
فأقومُ أنشدُ راحتي في ركعةٍ
* * * * * تجلو الهمومَ فيستريحَ فؤادي
فأنا الغريبُ و رُبَّما كان الغريـ
* * * * * ـبُ بِمِنْعةٍ في موطني و عَتادِ
فأنا الغريبٌ و لكِنِ اللهُ معي
* * * * * هو ملجإي .. هو غايتي و مُرادي
.................................................. ........
1- الإبن : جعلتُ همزة الوصل هنا همزة قطع ؛ للضرورة الشعرية.
2- ولدها : قرأ حمزة و الكسائي بضم الواو و تسكين اللام و هما من القراءات العشر المتواترة.
3- عهاد : المطر.