إن الشعرية سمة أو رؤية تعني الإطار الأجمل لأي نص ،بغض النظر عن نوعية الفن الذي ينتمي إليه هذا النص سواء كان شعرا أو قصة أو مسرحا ، فنا تشكيليا أو ....، وبقدر الشعرية يكون الأثر ، فضلا عن العوامل الفنية الأخرى مثل الموسيقى في الشعر واللغة والرمزية والتصوير وخلافه ، وفي إطار التماس بين الفنون المختلفة كانت الاستفادة ، وزادت فاعلية الأثر ، فمثلا " الحكي " يوجد في الملاحم والمسرحيات والقصة والقصيدة القصصية والرواية وكذلك في أدبيات الساسة والأطفال والأدب الشعبي ،
رغم الفروق الكبيرة بين الحكي الخالص والشعري والشعبي وغيره ..،
وإذا عانت القصيدة النثرية من إشكالية متفرعة ، فقد عانت أيضا المسرحية الشعرية من إشكاليات منها على سبيل المثال :- أنها تفتقد بعض تقنيات المسرح لأن مبدعها شاعر وقد تغيب عنه بعض عناصر المسرح الحديث ،وحتى القصائد القصصية رغم استفادتها بفن الدراما لكنها لا تصنف إلا ضمن فن الشعر ، ولا يمكن للناقد المتخصص أن يعتبرها " قصة " مثلا ، وحتى لا أطيل ، إن لكل فن أثره وجمهوره ، ولكن إذا تصورنا مثلا تفاعلا ذهنيا كيميائيا بين جنسين أدبيين ، فسوف ينتج جنس أدبي جديد له خواصه وآثاره التي تختلف بطبيعتها عن خصائص وآثار كلا الجنسين المتفاعلين ....، فإذا - مثلا - تفاعل جنس الشعر مع جنس القصة ، فلسوف يكون الناتج مثلا " قصصا شاعرة " و ليس قصائد قصصية أو قصة شعرية ، إذ أن الناتج الجديد ( القصص الشاعرة ) يضم كل أركان القصة وأركان القصيدة دون فصل أحده الجنسين عن الآخر، وتصلح كل الأحداث الحياتية والموضوعات - مهما كانت مألوفة أو صغيرة - لمعالجتها في هذا الجنس الأدبي الجديد ،
فإذا قرئت بعين الناقد لفن القصة فقط كانت صالحة ،وإذا كانت القراءة بعين الشعر فهي أيضا صالحة ، أما إذا كانت زاوية الرؤية مستوية فسيكون الأثر ناجما عن الجنسين وليس جامعا لآثارهما
وتتميز القصص الشاعرة في إيقاعها باستخدام الدوران الشعري ( تواصل التفاعيل دون توقف ) ، فضلا عن معاملة اللفظة معاملة التفعيلة ، مع الرمزية والإغراب في ضوء الترتيب الذهني ومراعاة مواجهة التغريب بين الذهنية والفعل الصريح وكيفية التوافق مع تناغم النظام الكوني والطبيعة البيولوجية والفسيولوجية للإنسان من خلال الرؤية المستقبلية بما تؤكده الأحداث .. ، وبمعنى آخر ، فإن من يقرأ القصة الشاعرة يستطيع تصور دوره في النص ذهنيا ليترجم إلى فعل صريح في الواقع .
ويشرفني في أول مشاركة لي بهذا الملتقى الأغر " ملتقى رابطة الواحة الثقافية " ونحن بصدد طرح
فكرة " قصص شاعرة ... جنس أدبي جديد " أن أسجل نموذجين لما أتصور آملا في المشاركة التي أجزم أنها تفيد كثيرا
النموذج الأول
غيبوبة سكر
--------------------------------------------------------------------------------
ذات مساء .. قرِِرت أذوب على شمس لا ترسل ضوءا إلا فى منتصف الليل وترسم
إبداعا يروى حول العالم ..؛ سرحت عيني ..؛ أحضرت الكرة الأرضية ، قلبت
حواريها .. ، عولمة كتب المشرق للمغرب أغنية في صوت العمليات الفردية .. ،
يشجب إرهابا دوليا ...،
ردت هيمنة القوة ،فازدادت شعلة " يحيا العدل " وشاعت فوضى .. انطلق الجسد
على السرقات ، هنا ظهر النجم الآفل يتشدق بالدور القادم ضمن معاهدة الأمن وتوزيع
الحلوى ..، غبت عن الوعي ثوان.. ،
عدت أسائل.. :-
" ما الخوف إذا أدرج شعب مقاومة الأقصى فى خطة إيزيس الكبرى ..، ؟ "
هز العسكر أرجاء الحجرة ..،
أعطوني تشخيص الحالة ..،
كانت غيبوبة سكر
***********************
النموذج الثاني
مرثية للخط الأ حمر
--------------------------------------------------------------------------------
من خلف الجبل الأحمر عاد يغازل في السكنات يحركها ..، يضحك منا ..، منه ومنهم..، يصرخ :- " إكلينيكياً يأتي الموت بلا هدف، لا نرغب في حائط صدٍ أو ماسورة رشاش، وصواريخ الضاد المعتلة في جسد القادم "..، يسقط..، يتوالى التصفيق، نمارس نفس المشهد..، نكتب في الإسراء وسبحان الله نصلي..،
ينهض ثانية:- " صلوا خلف نبي الله وخاتمهم..، قوا أنفسكم بالإسراء وسورتها "..
يسكت .. يشرب لبن الماعز..، ينثر حبات الرطب المنهارة تحت جدار..، تلسعه الشمس..، يصلي بالناس على حجر الفرعون..، يفك طلاسمه حتى سلم.. لم يسمع إلا رنة خلخال..، دخل المعبد..، نادت حتشبسوت عليه..، توارى..، نشرت في صحف العالم مرثية أولى..، وضعت فلسفة للخط الأحمر.