ها أنا أجلس داخل ذلك المقهى الهادىء في وسط المدينة، غارق في تأملاتي ، وإذ بالنادل ينبهني بصوته المهذب : طلباتك سيدي، أنتبهت قائلاً : نعم ، كوب من عصير الليمون لو سمحت .
كنت أعاني من قليل مرض ، أصاب حنجرتي ، فشعرت أن كوباً من الليمون قد يكون له تأثيره الطيب وقد يساعد في التخفيف من حدة ذلك المرض الذي أصابني.
في الحقيقة لم أكن معتاداً أن أجلس في المقاهي ، لكنني كنت قد أتفقت مع الرجل الذي أنتظره الآن أن نلتقي هناك ، في أرقى مقهى في المدينة العريقة.
بعد قليل جاء النادل يحمل كوب العصير الذي طلبته، شكرته فأنصرف.
ولم أكد أرتشف من الكوب سوى بضع رشفات حتى دخل الرجل الذي أنتظره، فنهضت لاستقباله ، طالباً منه الجلوس، وبعد أن جلس طلبت له كوباً من الليمون ، وجلست .
قلت : حسناً يا أخ مازن، الحقيقة سعدت بالعمل معك طوال الفترة الماضية غير أني ...............
قاطعني : نعم ، الفترة الماضية، وقت أن كنت أنفذ دون مناقشة، هكذا تريدون مني .
قلت له: لا أعتقد أنك كلفت بشيء مخالف للدين ، لكن على كل، لقد طلبت مقابلتك لأخبرك بشيء هام، قد لا نستطيع أن نكمل ما بدأناه سوياً ، فلقد افسدت كل شيء بأعتراضاتك وتصرفاتك الصبيانية.
يضحك قائلاً : حسناً ، حسناً ما الذي تريده مني الآن؟
قلت بشيء من الحزم وقد أغاظتني ضحكته : لقد أنتهى كل شيء بالنسبة لك، أنت الآن موقوف عن العمل، وهذه رسالة القيادة لك .
قلت هذا وأخرجت ورقة مطوية من جيب سترتي وناولته إياها.
ضحك مرةً أخرى ، وأمسك الورقة ممزقاً لها دون أن يقرأها.
أثارني ما فعله برسالة القيادة، فانتفضت من مكاني ، لأسدد لك لكمة قوية ، أسقطته أرضاًَ ، ثم نظرت إليه بشيء من الشفقة وهو يتلوى من الألم.
ووضعت الحساب على الطاولة ، لأخرج بعدها تاركاً مازن ، يلملم بقية كرامته التي هُدرت.