هو شجرة عامرة، يوزع الظلال والثمار، يلاحق الضحكات بالعطر، ويتساقط أوراقا تمسح دمع الباكين، كان ينبض بالآخرين ويقول: خير الناس أنفعهم للناس.
وخذلته الأيام، وخذله الناس، لم يجد فيهم عطاء، بل جشعا مع بخل وخبث. لم تعد تورق الأغصان، وصار التل مهجورا، لا الشجرة ظليلة ولا تحمل ثمرا. أحيانا كان ينتظر لحظة تهوي فأس على الجذع، وتنتهي الحكاية!
ولما مر عابروا سبيل لجؤوا إلى الجذع اليابس، لم يدر كيف نمت الأوراق وأزهر غصن. ومسحت ضحكة طفل فيهم بعض مرارة ما مضى، فأدرك أن بعض الأشجار قدرها العطاء ولو وقفت وحيدة في وجه الفصول وتعاقب الأيام، وأنها إنما تحيا بذلك، فإن مر عليها النكران والجشع شتاءً قارساً، لا بد أن يعقبه ربيع مزهر.... مزهر بقدر ما يكون الشتاء قارسا.