أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: :: { يـا مُنْصِـفَ المـوْتى مـن الأَحيـاء } ::

  1. #1
    الصورة الرمزية لبنى علي أديبة
    تاريخ التسجيل : Aug 2013
    الدولة : في قَلْبِ فراشَة ..
    المشاركات : 970
    المواضيع : 83
    الردود : 970
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي :: { يـا مُنْصِـفَ المـوْتى مـن الأَحيـاء } ::

    حافظ إبراهيم) شاعر النيل، توفي سنة ١٩٣٢، فرثاه شوقي بهذه القصيدة.


    يـا مُنْصِـفَ المـوْتى مـن الأَحيـاء

    قــد كـنتُ أُوثـرُ أَن تقـولَ رِثـائي
    يـا مُنْصِـفَ المـوْتى مـن الأَحيـاءِ
    لكـنْ سـبَقْتَ, وكـلُّ طـولِ سـلامةٍ
    قـــدرٌ, وكــلٌ مَنِيَّــةٍ بقضــاءِ
    الحـقُّ نـادَى فاسْـتجَبْتَ, ولـم تَـزلْ
    بــالحقِّ تحــفِلُ عنـدَ كـلِّ نِـداءِ
    وأَتيْـت صحـراءَ الإِمـامِ تـذوب من
    طُــولِ الحـنينِ لسـاكن الصحـراءِ
    فلقيــت فـي الـدار الإِمـامَ محـمدً
    ا فــي زُمْــرَةِ الأَبــرارِ والحُنفـاءِ
    أَثَــرُ النعيــم عـلى كـريمِ جبينـه
    ومراشـــدُ التفســـيرِ والإِفتــاءِ
    فشــكوتما الشَّـوْقَ القـديمَ, وذُقْتُمـا
    طِيــبَ التـداني بعـدَ طـولِ تنـائي
    إِنْ كــانت الأُولــى منـازلَ فُرْقـةٍ
    فالســمْحَةُ الأُخــرى ديــارُ لِقـاءِ
    وودِدْتُ لـو أَنـي فـداكَ مـن الـرَّدَى
    والكـــاذبون المُرْجِــفونَ فِــدائي
    النــاطقونَ عـن الضَّغينـةِ والهـوى
    المُوغِــرُو المَـوْتَى عـلى الأَحيـاءِ
    مــن كــلّ هَــدَّامٍ ويَبنـى مجـدَه
    بكـــرائم الأَنقــاضِ والأَشــلاءِ
    مـا حَـطَّموكَ, وإِنمـا بـكَ حُـطِّموا
    مــن ذا يُحـطِّم رَفْـرَف الجـوزاء?
    اُنظُـره, فـأَنت كـأَمْسِ شـأْنُكَ بـاذخٌ
    فـي الشـرقِ, واسْـمُكَ أَرفعُ الأَسماءِ
    بــالأَمسِ, قــد حَــلَّيْتَني بقصيـدةٍ
    غــراءَ تُحــفَظُ كــاليدِ البيضـاءِ
    غِيـظ الحَسُـودُ لهـا وقمـتُ بشـكرها
    وكمــا علمــتَ مَــوَدَّتي ووفـائي
    فــي مَحــفلٍ بَشَّـرْتُ آمـالي بـه
    لمــا رَفعـتَ إِلـى السـماءِ لِـوَائي
    يــا مـانِحَ السُّـودانِ شـرْخ شـبابِه
    ووَلِيَّــهُ فــي السّــلمِ والهيْجــاءِ
    لـمَّــا نـزلْت عـلى خمائلـه ثـوَى
    نبْــعُ البيــانِ وراءَ نَبْــع المـاءِ
    قلَّدْتَــهُ الســيفَ الحُسـامَ, وزدْتَـهُ
    قلمًــا كصــدرِ الصَّعْـدةِ السـمراءِ
    قلـم جـرى الحِـقبَ الطِّوالَ فما جرى
    يومًـــا بفاحشـــةٍ ولا بهجــاءِ
    يكســو بِمدْحَتِــه الكِــرامَ جلالـةً
    ويُشَــيِّعُ المــوْتى بحســنِ ثَنـاءِ
    إِسْــكَنْدَرِيّةُ يــا عــروسَ المــاء
    وخميلـــةَ الحكمــاءِ والشــعراءِ
    نشــأَتْ بشــاطِئِكِ الفنـونُ جميلـةً
    وتَرعــرعَتْ بســمائِك الزهــراءِ
    جــاءَتْكِ كــالطيرِ الكـريمِ غرائبًـا
    فجمعتِهـــا كـــالرَّبْوَةِ الغنَّـــاءِ
    قـد جـمَّلوكِ, فصِـرْتِ زِنْبَقَـةَ الثرَى
    للوافـــــدين ودُرَّةَ الدَّأْمــــاءِ
    غرَسُـوا رُبـاكِ عـلى خمـائلِ بـابلٍ
    وبَنَـوْا قصـورَك فـي سَـنا الحمراءِ
    واســتحدثوا طُرُقًـا مُنـوَّرة الهـدى
    كسـبيلِ عيسـى فـي فِجـاجِ المـاءِ
    فخُــذي كـأَمِس مـن الثقافـة زينـةً
    وتجـــمَّلِي بشـــبابكِ النُّجَبــاءِ
    وتقلَّــدي لغــةَ الكتــابِ; فإِنَّهــا
    حَجَــرُ البنــاءِ, وعُــدَّةُ الإِنشـاءِ
    بَنَــتِ الحضـارةَ مَـرَّتيْن, ومهَّـدتْ
    للمُلــكِ فــي بغــدادَ والفَيْحــاءِ
    وسَــمَتْ بقرطبـةٍ ومصـرَ, فحلَّتـا
    بيـــن الممـــالكِ ذِرْوَة العَليــاءِ
    مـاذا حشـدتِ مِـن الدمـوع "لحافظٍ"
    وذخـرْتِ مـن حـزنٍ لـه وبُكـاءِ?
    ووجــدْتِ مِـن وقـع البـلاءِ بفقـدهِ
    إِن البــلاءَ مَصــارِعُ العظمــاءِ
    اللــهُ يشــهدُ قــد وَفيْـتِ سـخيَّةً
    بــالدَّمع غــيرَ بَخيلــةِ الخطبـاءِ
    وأَخـذتِ قِسـطًا مـن مَناحـةِ مـاجدٍ
    جَــمِّ المــآثِرِ, طيِّــبِ الأَنبــاءِ
    هَتــف الـرُّواةُ الحـاضرون بشـعره
    وحــدا بــه البـادون فـي البَيْـداءِ
    لبنــانُ يَبكيـه, وتبكـي الضـادُ مـن
    حَــلبٍ إِلـى الفيْحـا إِلـى صَنْعـاءِ
    عـربُ الوَفـاءِ وَفـوْا بذمّـةِ شـاعرٍ
    بــانى الصفـوفِ, مُـؤلفِ الأَجـزاءِ
    حـافظَ الفصحـى, وحـارسَ مَجْدِهـا
    وإِمــامَ مَــنْ نجَـلتْ مـن البُلغـاءِ
    مــا زِلْـتَ تهتـفُ بـالقديم وفضلـهِ
    حــتى حَــمَيْت أَمانــةَ القُدمــاءِ
    جــدّدت أُســلوبَ (الوليدِ) ولفظَــه
    وأَتيْــت للدّنيــا بســحر (الطائي)
    وجـريْت فـي طلـبِ الجديدِ إِلى المدى
    حــتى اقـترنْت بصـاحب البُؤسـاءِ
    مـاذا وراءَ المـوت مـن سَلْوَى, ومن
    دَعَـةٍ, ومـن كـرَمٍ, ومـن إِغضاءِ?
    اشـرحْ حقـائقَ مـا رأَيْـت, ولم تزل
    أَهــلاً لِشــرْح حقــائِقِ الأشـياءِ
    رُتـبُ الشـجاعةِ فـي الرِّجـالِ جلائلٌ
    وأَجَـــــلُّهُنَّ شــــجاعةُ الآراءِ
    كـم ضِقـتَ ذَرْعًـا بالحيـاة وكيْدِهـا
    وهتفــت بالشــكوى مـن الضَّـراءِ
    فهلُــمَّ فـارِقْ يـأْسَ نفسِـك سـاعةً
    واطلُـعْ عـلى الـوادي شُـعاعَ رجاءِ
    وأَشــرْ إِلـى الدنيـا بوجـهٍ ضـاحكٍ
    خُــلِقتْ أَسِــرَّتُهُ مــن السَّــراءِ
    يــا طالمــا مَـلأَ النَّـدِيَّ بشاشـة
    ً وهــدى إِليــك حــوائجَ الفقـراءِ
    اليــومَ هـادنْت الحـوادِثَ; فـاطَّرِحْ
    عِـبْءَ السـنين, وأَلْـق عِـبْءَ الداءِ
    خــلَّفْت فــي الدنيـا بيانًـا خـالدًا
    وتــركْت أَجيــالاً مــن الأبنــاءِ
    وغـدًا سـيذكرك الزمـانُ, ولـم يَزلْ
    للدِّهــرِ إِنصــافٌ وحسـنُ جـزاءِ


    :: منقول ::

  2. #2
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,800
    المواضيع : 360
    الردود : 21800
    المعدل اليومي : 4.87

    افتراضي



    الرثاء لدى الشعراء يرتكز على العاطفة بل يمكن القول أنه أصفى أنواع الشعر العاطفي
    وأكثرها اتساقاً مع النفس الانسانية، لأنه يستمد مادته من القلب ويعبر عن الشعور
    رغم التنافس الكبير بين الشعراء إلا أن بعضهم يرثي بعضا بتعداد فضائل الشاعر
    الميت وتميزه وجمال شعره ومواقفه المختلفة وفداحة خسارته على الشعر وأهله..
    فن الرثاء هو الفن الذي يمتحن القيم التي لا تتلبس بها المصالح.
    شكرا لحسن إختيارك
    تحياتي وتقديري.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية لبنى علي أديبة
    تاريخ التسجيل : Aug 2013
    الدولة : في قَلْبِ فراشَة ..
    المشاركات : 970
    المواضيع : 83
    الردود : 970
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناديه محمد الجابي مشاهدة المشاركة


    الرثاء لدى الشعراء يرتكز على العاطفة بل يمكن القول أنه أصفى أنواع الشعر العاطفي
    وأكثرها اتساقاً مع النفس الانسانية، لأنه يستمد مادته من القلب ويعبر عن الشعور
    رغم التنافس الكبير بين الشعراء إلا أن بعضهم يرثي بعضا بتعداد فضائل الشاعر
    الميت وتميزه وجمال شعره ومواقفه المختلفة وفداحة خسارته على الشعر وأهله..
    فن الرثاء هو الفن الذي يمتحن القيم التي لا تتلبس بها المصالح.
    شكرا لحسن إختيارك
    تحياتي وتقديري.
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    دمتِ من الأناقة إليها يا نادية الياسمين ..
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4

  5. #5
    الصورة الرمزية لبنى علي أديبة
    تاريخ التسجيل : Aug 2013
    الدولة : في قَلْبِ فراشَة ..
    المشاركات : 970
    المواضيع : 83
    الردود : 970
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسيل أحمد مشاهدة المشاركة
    من أجمل قصائد العرب في الرثاء وتأبينه بجميل خصاله
    والتأسي والتعزي فيه.
    سلم اختيارك لقصيدة رائعة ـ ولك تحياتي.

    أهلاً بالأنيقة البهية .. أهلاً وألف أهلاً ..

المواضيع المتشابهه

  1. يـا ويــلتي يـا بـــورما
    بواسطة نزهان الكنعاني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 29-06-2018, 11:50 PM
  2. مَـن ذا يغيـثُ يـا سفّانـه ؟!!
    بواسطة ماجد الغامدي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 42
    آخر مشاركة: 26-11-2012, 10:19 PM
  3. هــــــل مـن سبيــــل لجهــــــــاد مـن دون إســــــلام ؟
    بواسطة محمد دغيدى في المنتدى الحِوَارُ السِّيَاسِيُّ العَرَبِيُّ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 17-05-2010, 08:32 AM
  4. أيّهـم يحمل الـوزر .. مَـنْ أصـدر الأمـر أم مَـنْ نقل الخبر .!
    بواسطة أبوبكر سليمان الزوي في المنتدى النَادِى التَّرْبَوِي الاجْتِمَاعِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 25-08-2007, 09:08 PM
  5. الغروب يـا توأم الــــــروح ...
    بواسطة زياد مشهورمبسلط في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 19-09-2003, 03:18 PM