|
إلى الشَّامِ عَرِّجْ ، أبلغِ الأهلَ مُنشِدا |
رعى اللهُ مَن صانوا الوَفا يومَ غَرَّدا |
وكانوا كرامًا ليس يُنسى جميلُهم |
غداةَ فؤادي في هواهم تفرَّدا |
فهم قدوةُ الأحبابِ خيرةُ مَن نحا |
إلى الحبِّ يستفُّ الجَمالَ مع النَّدى |
فكيف بمن يتلو القصيدَ ضميرُهُ |
يُعانقُ آمالاً ، ويسكبُ موردا |
ويبعث من بين الحطام مشاعرًا |
لكي لا يرى التَّأريخَ باللومِ أزبدا |
يؤرّخُ للأجيال شوطَ رزيَّةٍ |
به الوِلْدُ شابوا ، والزمانُ تعمَّدا |
فما هان فكرٌ لم تجفّ قريحةٌ |
ولكنَّ غيث القلب بالصَّبر سدَّدا |
مررتُ الصِّبا أتلو حديث مدامعي |
فلي ذكرياتٌ تمنحُ الروحَ مَعبدا |
فكان أن ارتجَّ البديع وأفلتتْ |
معاني المغاني ، والنشيجُ تورَّدا |
وكان أنِ استورى الخيال مُبلبلاً |
سطورَ الأماني ، ثمَّ آبَ مرددا |
هلمّوا هلمّوا يا رفاقَ مدائني |
فللعمر أنفاسٌ بها الشيبُ أوقدا |
أمِن يقتفي دربَ الحَمامَ منادمًا |
فإنّ حِمامَ المُرجفين تسيَّدا |
وشتَّ عن الوادي عبيرُ حُشاشتي |
ولا زال همس الياسمين مُسهَّدا |
أنِلْ أيها المشتاق أمنيَّةَ الهوى |
ركابَ أمانٍ كان يومًا مُشيَّدا |
وعُدْ بي عسى الألحاظ تجني مباهجًا |
وطيفَ نعيمٍ ناغم الراحَ والمدى |
وومضَ بيانٍ عند لُبنى تركته |
يُذاكر ما أسدى الوصال من الهدى |
أخا الشعر ، تلقاءَ الجراح ، فصاحتي |
تعزُّ .. وقد جئتُ الديار بلا صدى |
ألستَ المحبَّ المستفيض نوالُه |
نبيلاً .. سخيًّا .. ملء خاطره شدا |
ستبقى على صرح البلاغة مُشرفًا |
أديبًا ، رفيع الذوق ، دومًا مؤيَّدا |
ويمضي سقام النازلات وتلتقي |
زهور التَّصافي في الظِلال مُجدَّدا |
فما البينُ يُثنيها ، ولا انبتَّ مطلعٌ |
سوى اللطفُ يهمي في الشآمِ مزغردا |
يُطالع " عطر الياسمين " وقد سما |
ببوحٍ من الأعماقَ حسنًا وسؤددا |