الحاج ناصر أحمد الشرباتيبسم الله الرحمن الرحيم
رجل المواقف بسفور وبلا مواربة
(أ ) مقدمة :
كان المرحومان محمد وناصر أبناء المرحوم الحاج أحمد ناجي الشرباتي وأخيهم الأكبر صادق " أبو شفيق " من وجهاء الخليل المشهورين ومن أصحاب الرأي السديد ومن البارزين في محلة الجزازين وفي عائلتهم الشرباتي.
ولد المرحوم الحاج ناصر أحمد الشرباتي ( أبو حاتم )في الخليل في بيت والده المرحوم الحاج أحمد ناجي الشرباتي مقابل مسجد الزاهد، والدته الحاجة عائشة بنت الحاج عبد المعطي عثمان عليان الشرباتي بتاريخ 14/02/1922المرأة المشهورة لأنها كانت من الفقيهات والنسوة البارزات صاحبات الخير والمواظبة على دروس العلماء والمساجد.
ألمرحوم والده كان يشتغل في التجارة في قرية ديربان بجانب قرية عرتوف من قضاء القدس،وتوفي يوم 24/03/1939 م الموافق 03/02/1358 هـ ونظرا لقلة الموارد فقد اشتغل المرحوم ناصر وعمره 17 عام بتجارة الأقمشة برأسمال شراكة من أحد الأقارب من كبار السن في حانوت ببناية والده مقابل جامع الزاهد. ونظرا للسمعة الطيبة له وللعائلة فقد اشتهر المحل ووجد رواج جيد.
في يوم 20/10/1941 م الموافق 29/09/1360هـ تمكن لصوص من سرقة كافة محتويات الحانوت ليلا، وقد جرى اهتمام شاويش شرطة الخليل وهو أحد أبناء العمومه من عائلة السعدي (فرع من آل الشرباتي) بالحادث وأجرى تحرياته الدقيقة فاكتشف الموقع المخبأ به المسروقات في بيت غير مسكون لعائلة تسكن القدس وأعيدت المسروقات بنفس اليوم.
وفي يوم 02/05/1941م الموافق 05/04/1360 هـ تزوج من ابنة عمه سهيلة بنت صلاح الدين عبد السلام الشرباتي، ورزق بأول أبنائه (حاتم) يوم 25/04/1942 م الموافق 05/04/1361هـ.
وفي سنة 1948 م عاد شقيقيه المرحومين صادق " أبو شفيق " ومحمد " أبو حمدي "من عملهما في محطة كازية الشرباتي في موقع (باب واد علي) تاركين محطتهم ومورد رزقهم ومنزلهم بعد مغادرة المكان عنوة بسبب مجريات الحرب ، والمحطة لا زالت للآن عامرة حيث استولى المحتل على المحطة والمنزل في واد علي وعلى الحانوت في قرية ديربان.
وفي يوم الجمعة 19/12/1952 م الموافق 028/04/1372هـ توفي شقيقه المرحوم عزات في حادث سير في موقع الدلبي أثناء عودته من قرية الظاهرية. وكان المرحوم يشتغل معه سوية في المحل الذي انتقلا له حديثا مقابل بناية بلدية الخليل القديمة في طلعة الزاهد، مما أحدث فراغا شديدا وأضاف للحاج جهدا لم يكن متوقع، وكان قد أضاف لتجارة الأقمشة الإتجار بماكنات الخياطة ماركة (سنجر) حيث أصبح وكيل الشركة الوحيد حتى عام 1967م.
وبتاريخ 21/12/1985 م. كانت وفاته في منزله الكائن في موقع المنشر بعد سنوات عديدة من المرض والمعالجة في المستشفى الفرنسي بالشيخ جراح – القدس.
(ب) موقفه السياسي وتعامله مع الناس
كان الرجل ممتثلا بشرع الله عاملا بالأحكام الشرعية، مصادقاً من الناس خيارهم، محتقراً شرارهم، لا يهادن في الحق ولا يداجي، يكره التزلف للحكام وأصحاب المناصب، مقاطعا للدوائر الرسمية ممتنعا عن دخولها إلإ لمعاملات رسمية.
له مواقف تُذكر في تعامله مع المخالفين شرع الله المتباهين بفعل المنكر، دخل متجره أحد كبار السن للشراء فعامله بلا ترحيب، وعندما سئل عن السبب ذكر أن هذا الرجل في أحد المناسبات وزع الخمرة في بيته على المهنئين، وفي مرة أخرى أتاه رجل أعمال شهير يشكو له خللا في جهاز اشتراه فأعلمه أن الجهاز يلزمه التنظيف قبل الإستعمال، فسأله بعجرفة قائلا : أتعني أننا وسخين؟ فأجابه : لم أعني ذلك، وجوابا لسؤالك " نعم: انكم من أوسخ الناس لأنكم تتباهون بشرب الخمره .
انتسب لجماعة " الإخوان المسلمين " حال تأسيسهم دار للجماعة في الخليل، وعمل في الجماعة بكل همة ونشاط مشاركا بكافة الأعمال بصحبة نخبة طيبة من أهل البلد، وكان من أبرز العاملين بها يبتغون فضلا من الله ورضوانا.
في سنة 1953 م انطلقت مسيرة حزب التحرير بداية ببيت المقدس والخليل،بعد اعلان مؤسس الحزب العالم الجليل الشيخ تقي الدين النبهاني بدأ المسيرة بخطبة في المسجد الأقصى أتبعها بعد اسبوع بخطبة في المسجد الإبراهيمي بالخليل، وقد انضم لحزب التحرير العلماء والسادة الأفاضل:العالم الجليل عبد القديم زلوم والشيخ أسعد بيوض والقاضي الشرعي الشيخ رجب بيوض ومفتي الخليل الشيخ عبد الحي عرفه والأستاذ الحاج عبد القادر زلوم ( رئيس جوالة الإخوان في الخليل والضابط السابق في الجهاد المقدس التابع للحاج أمين الحسيني ) ، فأثر انضمامهم للحزب على قوة سـير جماعة الإخوان التي تضعضعت ، لذا فقد حضر من مصر على جناح السرعة: الأســتاذ " سـعيد رمضان " ( وهو صهر الشيخ حسن ألبنا والرجل الثاني في إخوان مصر بعد صهر ألبنا الثاني " عبد الحكيم عابــدين " وصاحــب مجلة " المسلمون" التي كانت تصدر في ألقاهره ثم لاحقا في سويسرا ) واجتمع بالشيخ النبهاني في بيت محمد وناصر ألشرباتي بالخليل بقصد إقناعه بحل الحزب وتـوحيد الجماعتين، بحضور عدد من مشاهير الإخوان في الخليل منهم: الشيخ شكري أبو رجب التميمي والحاج ناصر أمين ألعيده الحرباوي والشيخ محمد سعيد صلاح وناصر أحمد ألشرباتي ومحمد أحمد ألشرباتي والحاج عيسى صالح عبد النبي ألنتشه، والحاج عبد الحافظ مصباح مسوده، والحاج عبد الفتاح حسن الطاهر المحتسب، والشيخ محمد رشاد عبد السلام الشريف، وعبد الودود أبو غربية الشعراوي، إلا أن الاجتماع لم يسفر عن نتائج.
اتصل العالم الجليل الشيخ عبد القديم زلوم بصديقه ناصر وتناقشا مما فأقنعه بالإنتساب لحزب التحرير فكان من الأوائل حيث غادر جماعة الإخوان وانتسب للحزب، وبقي على صداقاته مع أصدقائه منهم.
وختاما ما مر كان غيض من فيض لمواقف الرجل :( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب: 23].