أضاع الغنى
باتَ في ليْلهِ الطويل حَزينًا...........و كَثيرَ التَّفْكير وَ الاْنْتحاب
هاجمتْه الهمومُ منْ كلِّ صوْبٍ.....و هْيَ فيها للمرْء كلُّ العذاب
ليله صار مُتْعِبًا و طويلاً.............طالما مرَّ عنه مرّ السحاب
قد أضَاعَ الغنى فصَار وَحيدًا........بَعْدما مالَ عنْه كلُّ الصّحاب
عنْدما كانَ عنْدهُ المالُ كانَ .......النَّاسُ منْ حَوْلهِ بغَيْر حسَاب
أَعْرضوا عنه وهْو مَنْ عِنْدهمْ كان....مَحطَّ الأنظار و الإعجاب
لمْ يَعُدْ عيْشُه مُنيرا فريدًا........... بلْ غدا حَالكًا كلوْن الغُراب
بعدما كان باله مُطْمئنّا ........صار دَومًا في حيْرة و اضطراب
لم يكنْ يَعْرفُ التوجُّعَ حتى.......هاج نهرُ الحرْمانِ منْ كلِّ باب
كلُّ نفْس عَنْها الهناءُ تولّى........فهْي مَأوى للهمِّ و الأوْصَاب
عندما راح عنه ما كانَ منْ مجْد....... و جاهٍ أحسَّ بالاغتراب
كان بالمال ذا نفوذٍ و لكنْ.........دونه صار كالغريب المُصاب
كان في العيْشِ يرْتدي أفخرَ الأثْ..وابِ دوْمًا فصار رثّ الثياب
صار ممّا يعيشه منْ معاناة.............كثيرَ الأعباء و الأعطاب
رُبَّ جِسْمٍ مثْل الجِبال قَوَيٍّ........صار بالهمِّ و الأسَى كالخَراب
لم يجدْ أيَّ راحةٍ أو سُكونِ.............في حياةٍ مسْودَّة الجلباب
كان بالباب واقفًا كلُّ خيْرٍ..............فغدا النحْسُ واقفا بالباب
أتْعسُ الناس مَنْ غدا في حياة.... الفقر يَحيا بعد الغنى الخلاب
لم يعدْ يبتغي سوى ما يقيه.......... منْ عيون اللوّام و العُيَّابِ