نحث أولادنا على قراءة القرآن في رمضان ولانتابعهم في قراءتهم فيخطئون أخطاء لا حصر لها
بل لا أبالغ إذا صرحت بأن كثيرا من الكبار ومنهم أصحاب الشهادات العالية أحيانا لا يقرؤون القرآن بشكل صحيح تماما وهي حقيقة صادمة وقد تثير استغراب بعضٍ ولكنها الحقيقة التي اختبرتها شخصيا وقد يكون لهم بعضُ عذر بداية حيث إن كتابة القرآن برسمه العثماني تخالف في كثير من كلماته ما عهدناه من قواعد الإملاء لكن ليس لهم عذر إلى النهاية إذ عليهم أن يتعلموا القراءة الصحيحة وقواعد كتابة الرسم العثماني والانتباه إلى إرشادات العلامات في نهاية المصحف وهي في غاية السهولة
وعودا إلى كلامنا عن الأولاد فالنتيجة أخطاء بالجملة ( ولقد أحصيت لأحد الأولاد في قراءة ثلاثة أسطر لاغير خمسة عشر خطأ رغم أنه في الصف الثامن وأحصيت لآخر في الصف السادس خمسة وثلاثين خطأ في صفحة واحدة فتخيلوا حجم الكارثة )
وهذه المصيبة الفادحة ليست إلا نتيجة إلغاء (الكتّاب) ذلك النظام العظيم الذي ألغي أو أهمل في كثير من بلاد الإسلام ثم لم يعوَّض عنه في المدارس للأسف
ولقد أذكر تلكم المسنات جداتنا وأترابهن كن أمّيات لكنهن يقرأن القرآن كله في المصحف لا تكاد إحداهن تخطئ فيه إلا نادرا وإذا أتيتهن بكلمة واحدة من غير رسم المصحف لم يستطعن قراءتها أو قرأنها بعد لأي
ولننطر إلى موريتانية التي لا يزال نظام الكتاب أو شبيهه موجودا لذلك نجد الشعب الموريتاني أفصح العرب لغة و أقواهم سليقة على كونه في أقصى أقصى بلاد العرب
والنتيجة المريرة للأسف في هذا العصر والتي لا ننتبه إلى فداحتها وعظم هولها قراءة القرآن بغير ما أنزل على رسولنا صلى الله عليه وسلم وهو يصل إلى الافتراء على الله لأنه لم ينزل القرآن كما يقرؤه هذا أو ذاك من الأولاد وغيرهم وهو قد يأثم بدل أن يؤجروقد يرسخ الخطأ عنده نتيجة القراءة المتكررة فيمضي الخطأ معه إلى منتهى عمره (كما اكتشف كثير) ويؤدي كل هذا إلى فهم القرآن خطأ أيضا وهو مصيبة في حد ذاتها لا تغتفر
والحل بالنسبة لأولادنا أن يرددوا القرآن مكتوبا أمامهم على الشاشة أو تطبيقات القرآن وهم يسمعونه من القارئ فيتعلموا القراءة الصحيحة فيؤجروا أجري القراءة والتعلم معا ونخرج من هذا الإشكال الخطير
والله أعلم
بالمناسبة:
ملاحظة بسيطة عابرة لمن ليس له هم إلا كثرة الختم في رمضان ولا يكاد يعطي للتدبر في القرآن الكريم وفهمه وتفسيره نزرا من وقته يسيرا نورد كلام هذا العالم الجليل:
قال ابن القيم رحمه الله في مفتاح دار السعادة: لا شيء أنفع للقلب من قراءة القرآن بالتدبر والتفكر فإنه جامع لجميع منازل السائرين.. فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبر لاشتغلوا بها عن كل ما سواها.. فقراءة آية بتفكر وتفهم خير من قراءة ختمة بغير تدبر وتفهم وأنفع للقلب وأدعى إلى حصول الإيمان وذوق حلاوة القرآن، وهذه كانت عادة السلف يردد أحدهم الآية إلى الصباح، فقراءة القرآن بالتفكر هي أصل صلاح القلب ولهذا قال ابن مسعود: لا تهذوا القرآن هذ الشعر، ولا تنثروه نثر الدقل، وقفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، لا يكن هم أحدكم آخر السورة. وروى أبو أيوب عن أبي حمزة قال: قلت لابن عباس إني سريع القراءة إني أقرأ القرآن في ثلاث قال: لأن أقرأ سورة من القرآن في ليلة فأتدبرها وأرتلها أحب إلي من أن أقرأ القرآن كما تقرأ.