حُمِّلتُ على أجنحة الأرواحِ
أستنطقُ مَن ينطقُ مِن أشباحِ
هذي كلمات الحبِّ لا أكتمها
فاستطعمْها من شاعرٍ وشَّاح
قال الشبَحُ الكبيرُ: يا خائنُ لا
تستنطقْني، دمعي محى أفراحي
أنتَ الْنَقَضَ العهدَ؛ أنا أحفظُهُ
ها قد جنَحَ الهجرُ إلى الإفصاحِ
واستطردَ باكيا جميلٌ شجناً
هل تذكرُني في الليلِ والإصباحِ؟
يا ذو الخصلاتِ البيضِ يا شاعرنا
يا بدرَ زماني أين منِّي الناحي
أصبحتُ حبيباً كأسهُ أدمعهُ
كم كان رواني نبعُ وصلٍ ساحي(1)
ثمَّ الشبحُ الثالثُ قد آلمَني
لمَّا كسر الأجملَ في الأقداحِ
يستذكرُ يوماً كان فيه طَرِبا
مِن لحن صبانا، والمناخ الصاحي
يا وضحُ تعالي فزماني خطرٌ
قد ينزعُ عن قلبي هوى الوضّاحِ
لا تنخرطوا في مسلكٍ خوَّنني
يا خنسُ وأسماء وذات الضاحي
كلٌّ قذف الذنب على طاولتي
يستقبحُ دمعاً سال من تمساحِ
لا يهجركم قلبي على ظلمتهِ
قطعاً؛ فهواكم في الدجى مصباحِي
أنتم كرياض الزهرِ آنست بكمْ
كالطيرِ فؤادي عاشق الأدواحِ
قد آلَ هواكم لمشيبي وقضى
أنْ يعمُرَ قلبي عُمُر الملاَّحِ
لا يسبرُ بحراً دونه مضطرباً
إلاَّ عصرَ الحزنَ من الأرياحِ
تذكارُ شبابي فيه ما ينقذني
من حزن مشيبي وفراغ الراحِ
إلا ألماً من بعد شيماء سقتْ
هُ كأسُ شجوني كعتيق الراحِ
لمَّا سكنتْ في الَّلحد لا يؤنسها
طولُ السَّكناتِ وافتراشُ الراحِ
والخنسُ بياض الثلجِ منها أرَقِي
تجتاحُ ظلام القبر كالمصباحِ
هامتْ كليالي البردِ في مقبرة ال
عشاقِ تقودُ الجمع من أرواحِ
كلاَّ؛ نظراتُ الخوف لا تحجمني
ترمي شرراً من أعين الأشباحِ
لم أخشَ قوارضاً على أرجلهنْ
يقرضنَ بنان الخنسِ كالتفاحِ
والحورُ حيارَى في رموسٍ دَرسَتْ
تستنهضُ كل مَن حوتْ ألواحي
هيا لَعِتابُ الحبِّ ذا اليومَ بدا
تعْتابَ كرامٍ في الهوى أقحاحِ
----------------------
ساحي :سَحَّ المَاءَ: صَبَّهُ صَبّاً مُتتَابِعاً