|
كَأَنَّ الْحَشا قَالَ: انْظُمِي وَتَقَدَّمِي |
وَنُورُ الْهُدَى قََدْ رَدَّ: صَلِّي وَسَلِّمِي |
مِنَ الْعُمْقِ صَلَّتْ مُهْجَتِي وَجَوَارِحِي |
إِلَى أَنْ غَدَا عِطْرُ الصَّلَاةِ تَنَسُّمِي |
تَدَفَّق فَيْضُ الشَّوْقِ عِنْدِي مُنَاجِياً |
شُعُوراً شَجِيّاً عِنْدَ حَرْفِي الْمُلَثَّمِ |
فَقُلْتُ بِأَنِّي فِي الْمَدِيحِ ضَنِينَةٌ |
وَلِلرُّسْلِ حَقٌّ فِي الْبَيَانِ الْمُنَعَّمِ |
فَلَوْ كَانَ مَدْحِي فِي حَبِيبٍ يحِبُّني |
زَعَمْتُ وَلَكِنْ في حَبِيبٍ مُأَمَّمِ |
وَبِتُّ وَأَشْوَاقِي نُحَاوِرُ بَعْضَنَا |
وَبَاتَ بِقَلْبي هَاجِسٌ غَيْرُ مُلْجَمِ |
أُسَائِلُ زُهْرَ الرُّوحِ عَنْ أَمْرِ حَيْرَتِي |
وحَتَّى مَتَى تَحْتَلُّنِي وَإِلَى كَمِ؟ |
فَحَرْفِي إِذَا مَا اشْتَدَّ عَزْمِي فَإنَّهُ |
صَؤُولٌ مَتَى يُزْبِدْ لَهُ الْبَحْرُ يَقْدِمِ |
وَقَلْبِي إِذَا مَا ضَمَّخَ الْحُبُّ نَبْضَهُ |
سَخِيٌّ مَتَى يَنْفَحْ لَهُ الطِّيبُ يَنْظُمِ |
فَلَا الْجَزْرُ مِنْ طَبْعِي وَلَا الْعَجْزُ دَيْدَنِي |
وَلَا الْحَرْفُ يَوْماً بَاتَ يَهْذِي بِمِعْصَمِي |
وَإِلاَّ تَكُنْ فِي الْمَدْحِ عِطْراً مُعَتَّقاً |
تَغِبْ عَنْ سَمَاءِ الشِّعْرِ غَيْرَ مُكَرَّمِ |
رَحَلْتُ وَنِسْرِينُ اشْتِيَاقِي يَخُزُّنِي |
وَإِنْ عَزَّ فِي الشَّوْقِ اخْتِزَالُ تَضَرُّمِي |
نَفَضْتُ مَدِيحَ الْخَلْقِ عَنْ ظَهْرِ أَحْرُفِي |
وَحَرَّرتُنِي قَبْلَ الرَّحِيلِ الْمُحَتَّمِ |
تَخَشَّعَ لَحْظِي عِنْدَ دَمْعِي وَمَسْمَعِي |
فَعَانَقَ رُوحِي لَحْنُ مِيمٍ مُرَخَّمِ |
تَرَاخَتْ حُرُوفِي فِي الْمَدَى وتَألَّقَتْ |
تَفَتَّحَ زَهْرُ النُّطْقِ فِيهَا بِمَبْسَمِي |
فَقُلْتُ لَهَا فِي الْمَدْحِ رِقِّي وَحَلِّقِي |
وَكَالنَّبْعِ شُقِّي كَيْ تَدُومِي وَتَسْلَمِي |
بِرَيِّكِ جُودِي وَامْنَحِينِي غَضَارَةً |
عَلَى مَتْنِ فَتْنٍ كَانَ حُلْمِي وَمَعْلَمِي |
هَوَايَ بِقَلْبِي سَرْمَدِيٌّ مُؤَثَّلٌ |
مَجَرَّتُهُ قَدْ أَلْجَمَتْنِي.. فَتَرْجِمِي |
هَوَايَ الَّذِي مَا زالَ يَسْبَحُ فِي دَمِي |
قَدِ اجْتَابَ إعْصَاراً بِمَتْنِكِ فَازْعَمِي |
فَمَا اجْتَبْتُ دُنْيا الْبَوْحِ إِلاَّ لِتَسْبَحِي |
عَلَى جِرْم رُوحِي وَانْثِيالِي الْمُضَيَّمِ |
نَبِيٌّ سَرِيٌّ أخْصَبَ الْكَوْنَ بِالتُّقَى |
فَلَا تَعْجَبِي إِنْ لَجَّنِي الْحُبُّ فِي الدَّمِ |
فَمُدِّي قَصِيدِي مِنْ سَنَاهُ وَسَامَةً |
وَشُدِّي سَرَاتِي بِالْوَشِيجِ الْمُقَوَّمِ |
تَشَعَّبَ فِي الشَّرْيَانِ حُبُّ مُحَمَّدٍ |
إِلَى أَنْ غَدَا حُبِّي نَدِيمِي وَمُلْهِمِي |
تَلَأْلَأ فِي النَّجْوَى وَمِيضٌ أَضَاءَنِي |
فَصَارَ وَمِيضُ الرُّوحِ لِلرُّسْلِ يَنْتَمِي |
رَشَفْتُ رَحِيقَ الْعَزْمِ مِنْ عُمْقِ أَحْرُفِي |
وَجُبْتُ رَيَاحِينَ الْمَدِيحِ الْمُخَضْرَمِ |
إِذَا مَاسَ ضَرْبُ الشِّعْرِ مَاسَ عَرُوضُهُ |
وَسَحَّتْ قَوَافيهِ بِحَرْفٍ مُبَرْعَمِ |
فَمَا الْبَوْحُ وَالشِّعْرُ الْمُرَصَّعُ وَالْهَوَى |
إذَا لَمْ يَكُنْ مَدْحُ الرَّسُولِ تَيَمُّمِي |
وَمَا الْبَيْلَسَانُ الْمَنْدَليُّ وَمَا الشَّذَا |
إِذَا لَمْ أُخَلِّدْ نَفْحَةَ الْعِطْرِ فِي الْفَمِ |
تَشَعَّبَ فِي الشَّرْيَانِ حُبُّ مُحَمَّدٍ |
إِلَى أَنْ غَدَا حُبِّي نَدِيمِي وَمُلْهِمِي |
تَلَأْلَأ فِي النَّجْوَى وَمِيضٌ أَضَاءَنِي |
فَصَارَ وَمِيضُ الرُّوحِ لِلرُّسْلِ يَنْتَمِي |
رَشَفْتُ رَحِيقَ الْعَزْمِ مِنْ عُمْقِ أَحْرُفِي |
وَجُبْتُ رَيَاحِينَ الْمَدِيحِ الْمُخَضْرَمِ |
عَلَى جَبَلِ النُّورِ اعْتَنَقْتُ حَصَافَتِي |
تَفَتَّقَ فِيهَا شَدْوُ حَرْفِي الْمُتَيَّمِ |
فَمَاذَا عَسَاهُ الْحَرْفُ يُنْبِي وَيَجْتَبِي |
وَأَيْكُ الحَبِيبِ الْمُجْتَبَى غَيْرُ أَعْجَمِي |
تَدَثَّرَ لَا يَدْري هَلِ النُّورُ مَا رَأَى |
أَمِ الْقَلْبُ يَضْوِي.. بَعْدَ هَذَا التَّيَتُّمِ |
تَبَلَّجَ بِ "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ" عَقْلُهُ |
إِلَى أَنْ غَدَا يَنْبُوعَ عِلْمٍ مُسَنَّمِ |
سَقَى الْكَوْنَ بِالْقُرآنِ عَذْبَ رَحِيقِهِ |
فَأَحْيَا بِهِ فِكْرَ الْعِبَادِ الْمُغَيَّمِ.. |
تَأَمَّمَ غَزْواً لا يَخَافُ مِنَ الرَّدَى |
غَزَا فِي الْمَدَى أَمْيَالَ كَوْنٍ مُقَسَّمِ |
بُكُوراً وَتَهْلِيلاً فَكُلَّ سَرِيَّةٍ |
يُغَطِّي سَمَاهَا النَّصْرُ غَيْرَ مُصَرَّمِ |
حُنَيْنٌ لَهَا فِي الدَّهرِ وَقْعٌ ورَهْبَةٌ |
وَفِي أحُدٍ آثَارُ وَقْعٍ مُسَوَّمِ |
وَبَدْرٌ سَنَا الْأَبْطَالِ حِينَ تَأَرَّخَتْ |
تَأَرَّخَ فِيهَا صِيتُ يَوْمٍ مُحَصْرَمِ |
هُطُولٌ مِنَ الْإِعْجَازِ وَالرَّبُّ وَحْدَهُ |
إِذَا قَالَ "كُنْ" لِلشَّيْءِ كَانَ.. لِمُعْدَمِ |
مَلَاكٌ تَجَلَّى فِي عُيُونِي وَمُهْجَتِي |
رَسُولٌ عَظِيمٌ.. في الْحَيَاةِ مُعَلِّمِي |
شَفَاعَتُهُ تُحْيِي نَوَى الرُّوحِ وَالْمُنَى |
بِسَجْدَتِه يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَحْتَمِي |
فَمَنْ لِلْيَقِينِ الْحَقِّ عَمَّمَهُ إِذَا |
تَعَذَّرَ إِنْصَافُ الضَعِيفِ الْمُحَطَّمِ..؟ |
وَمَنْ غَيْرُهُ لِلنَّفْسِ مُنْجٍ وَشَافِعٌ |
بِلُجِّ الْخَطَايَا عِنْدَ جَمْرِ جَهَنَّمِ..؟ |
ومَنْ سَيُنَادِي يَوْمَ نُبْعَثُ "أُمَّتِي" |
بِيَوْمٍ عَسِيرٍ، يَا دُمُوعِي تََكَلَّمِي.. |
أَبٌ ورَسولٌ فِي الْهُدَى قَدْ أَحَبَّنَا |
دَعَا رَبَّنَا.. اغْفِرْ لِعَبْدِكَ وَارْحَمِ |
فَيُرْسِلُ دَمْعاً في الْخَفَاءِ يَبُثُّهُ |
وَدَمْعُ الْهَوَى مُسْتَرْسَلٌ غَيْرُ أَبْكَمِ |
فَيَا حَظَّ مَنْ كَانَ الرَّسُولُ شَفِيعَهُ |
فَهَلْ بَعْدَ عَقْدِ الْوَعْدِ مِنْ مُتَجَهِّمِ..؟ |
وَإنَّا لَفِي دُنْيَا الضَّيَاعِ نَهِيمُ فِي |
مَتاعٍ بِلَا وَعْيٍ بِقَلْبٍ مُدَلْهَمِ.. |
تَدَهْوَرَ حَالُ الدِّينِ بَعْدَكَ وَاشْتَكَى |
إِِلَى أنْ بَكَى نَبْضُ الْوَتِينِ الْمُثَلَّمِ.. |
فَوَا أَسَفـاً كَيْـفَ اخْتَفَـى الضَيُّ وَانْزَوَى |
وَكَيْفَ غَدَا حَالُ الْأَهَالِي بِمَعْتَمِ |
وَإِنِّي بِمَا فِي مُهْجَتِي مِنْ تَوَجُّعٍ |
أُعَانِقُ أَشْجَانِي بِصَدْرٍ مُبَرْسَمِ |
فَتَرْحَلُ رُوحِي في الْغَيَاهِبِ حَيْثُمَا |
بِنَفْحِ شَذَا الْأَمْدَاحِ يَنْأى تَأَلُّمِي |
وَمَنْ يَكُ مُحْتَاراً بِأَمْرِي فَإِنَّنِي |
نَسَجْتُ بِأَمْدَاحِي وِشَاحِي وَمَحْزَمِي.. |
أَتُوقُ إِلَى أَرْقَى الْمَرَاتِبِ فِي السَّمَا |
وَكُلِّي رَجَاءٌ قَدْ هَمَى لِتَأَزُّمِي |
وَإِنْ رُحْتُ مِنْ غَيْرِ الشَّفَاعَةِ مَا أَنَا |
سِوَى بَعْضِ رُوحٍ مِنْ جَحِيمٍ مُضَرَّمِ |
تَفِيضُ دُمُوعُ الْعَيْنِ حِينَ يَشُدُّنِي |
إِلَيْهِ اشْتِيَاقٌ صَارَ دَائِي وَمُرْهَمِي |
فَتِلْكَ شُجُونٌ تَسْتَكِينُ بِأَضْلُعِي |
عَلَى نَحْرِهَا صَكُّ الغَرَامِ الْمُعَشَّمِ.. |
هَوَايَ لَهُ قَدْ بَاتَ فِي الْعُمْرِ آسِرِي |
وَبُغْيَةَ قَلْبِي وَابْتِهَالَ تَوَسُّمِي |
فَقُومُوا وَحَيُّوا فِي الْمَدِيحِ عَبِيرَهُ |
بِصَوْتٍ رَخِيمٍ جَوْهَرِيٍّ مُفَخَّمِ |
وَصَلُّوا عَلَى خَيْرِ الْأَنَامِ وَسَلِّمُوا |
بِقَدْرِ انْسِيَابِ الشَّـوْقِ وَالْحُبِّ فِي الدَّمِ |
عَلَى الْمُصْطَفَى يَا رُوحُ صَلِّي وسَلِّمِـي |
وَبِالْعَفْوِ وَالْغُفْرانِ يَا رَبِّ أَكْرِمِ.. |
وَظَلَّتْ حُرُوفِي يَرْفَلُ الدَّوْحُ طِيبَهَا |
بِكُلِّ احْتِفَالٍ صَادَفَتْهُ وَمَوْسِمِ |
تَسَامَى بِأَطْيَابِ الْمَدِيحِ مَقَامُهَا |
فَطَابَتْ مَقَاماً عِنْدَ قَلْبِي الْمُفَعَّمِ |
فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَعِطْرٌ مُخَلَّدٌ |
لِذِكْرَى غَدَتْ فِي الْمَدْحِ شَجْوِي وَزَمْزَمِي |