هو وطن عربي ما عاد يأبه بأولاده وبات يفتك بنفسه بلا رحمة وبلا ضمير ولا حول ولا قوة إلا بالله!
وقبل التعليق على القصيدة أشكر للشاعر هنا هذا الحس النبيل وهذا الموقف الأصيل فجزاه الله خيرا!
وأول وأكثر ما استوقفني إعجابا هو عنوان النص المؤثر والعبقري في الصورة التي تلخص المشهد الموجع وأراه وحده قصيدة.
أما القصيدة فقد تميز فيها العديد من الأبيات وعكست مشاعر متوجعة بصدق ورسمت الصورة التي أوحت للشاعر بها. ولكن شاب القصيدة بعض هنات متفرقة لعل من أهمها:
ماتَ الغلامُ ولمْ يَمُتْ أعداؤه
وجثى الطبيبُ بعجزِهِ وَتَنَهًّدا
جثى .. هو جثا يجثو.
وأنا الذي لعنَ الدموعَ.. ونهرُها
يجري بِصَدْري مارِداً مُتَعَرْبِدا
متعربد ... هذا اشتقاق لا يصح.
وأشِرْ بها نحوَ التلالِ ومنزلٍ
كانت ليالينا تُدَثِّرُهُ النّدى
هنا خطأ لغوي في العجز فالفعل دضر متعد لمفعول واحد لا اثنين. ويصح لو قلت تدثر بالندى.
ثم هذه بعض وجهة نظر سريعة بخصوص هذه الأبيات:
سَبَأٌ أنا والقهرُ يَرفعُ أسْهُمي
لأعيشَ في عدنِ البلاءِ مُجَرَّدا
أرى نصب البلاء ليكون المعنى أدق وأصح فكسرها يجعل عدن هي البلاء وهذا معنى لا يصح ولا يناسب مهما كان الرأي. هذا وأرى أنه كان بإمكانك توظيف مفردة أفضل في القافية.
وأتى يَضُمُّ وليدَهُ في مَشْهَدٍ
أبْكى الملائكةَ الكرامَ وأرْعَدا
لا أرى مثل هذا القول يصح فالملائكة لا تبكي على موت أحد، وأنا أعلم أنك إنما قصدت طهر المشهد وعظيم أثره في النفس ولكن لا يكون بمثل هذه الصور.
صمتي يخونُ تَلَعْثُمي والحرفُ لمْ
تَجْرِ الشفاهُ بهِ ولنْ يَتَمَرّدا
أرى أن التلعثم هو ما قد يخون الصمت لا العكس فالصمت منجاة من التلعثم لا العكس.
أما ما راق لي من الأبيات بشكل خاص فهي:
أمشي على جَمْرِ البلادِ مُمَدَّدا
وأسير فيكَ مُمَزَّقاً ومُهَدَّدا
نَعْلي ترابي والحضارةُ مَوْطِئي
وَيْحَ الحضارةِ إذْ تَبيعُ الأَمْجَدا
يا طبُّ هلْ تدْري فَجيعَةَ مُسْغَبٍ
طَعِمَ الكرامَةَ عَلْقَماً فَتَشَهَّدا
لسنابلِ القمحِ الشَّهِيِّ وَعودِهِ
لصلاتِنا في موْطنٍ مَلأ المَدى
دمت بخير وجزاك الله خيرا!
تقديري