التفاؤل..
هو ذا الذي يلد من عمقه الأمل ..
موضوع نحتاح أن نقف على أبوابه..ونتفكر بين ظلاله..
ونسبح بين معانيه ما يشحذ الهمم ويرفع من نور الأمل لدرجة التوهج...
التفاؤل هو نوع من أنواع الإيمان التي ترطب القلب والفكر...
وتبعث على تجدد جوانب الحياة بطريقة ذهنية مريحة بدون نكت سوداء وبدون غبار العتمة التي تحملها بين طياتها...
التفاؤل عكس التشاؤم..وكل واحدة في كفة من ميزان الإسلام...
وشتان بين مفهوم كل واحدة منهما..
قطبين متنافرين..لا يتجاذبان أبدا..
سأبدأ أولا بالحديث عن التشاؤم ..وبعدها عن التفاؤل..ليبقى آخر ما يعلق في ذهن المتلقي هو التفاؤل ..
حتى إذا ما غادر الصفحة يكون قد استحوذ فكره وارتوى من رذاذ الندى الذي ينثره التفاؤل....
التشاؤم...من الشؤم والتطير..وهو ما نهى عنه الله سبحانه وتعالى والمصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم..
فقال سبحانه: " قَالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (18) قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَئِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (19) سورة يس .
كما نهى الرسول صلي الله عليه وسلم عن الطيرة , عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :لاَ طِيَرَةَ ، وَخَيْرُهَا الْفَأْلُ ، قَالُوا : وَمَا الْفَأْلُ ؟ قَالَ : الْكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ."..أخرجه أحمد...والبُخاري ومسلم..
فالتشاؤم ...
يقيد العزيمة ويكسر الأمل..ويربي الضعف في الشخصية ..
ويمنح الذات الألم والإحباط ويهدم معاول الإيمان وينخر القلب بالسواد..
فالتشاؤم ينهض الكفر ويقويه ابتداء من القلب ليصل للفكر ويختمها بالسلوك...
فإن وجدنا التشاؤم بدأ ينخر ذرات النفس فعلينا أن نقومه ونصحح مساره للتفاؤل ..
عن طريق محاسبة الذات ومنح الروح أن تخلد بين كتاب الله بين آياته العطرة ..
حتى يستكين للإيمان ويجلي القلب ما علق من سواد هذا التشاؤم البغيض...
لنقنع أنفسنا بالأمل مهما حاول التشاؤم أن يفرض جنوده في الدرب..
ونغير اتجاهه للتوجه في محراب التفاؤل بين يدي الله سبحانه وتعالى..
أما التفاؤل فإنه يبعث تجدد الإيمان وزيادة نسبته في قلب المؤمن والمسلم..
ويرفع من درجة الصفاء والبناء للفكر أن يأخذ مكانه في التجلي بين كون الله بأريحية مطلقة ..
تساهم تقربا لله وتدبرا وخشوعا...وتعكس تطورا ملحوظا في علاج الذات من الآفات الذاتية ..
والتقوقع بين أدران المشاكل والذنوب..لأن التفاؤل يمنح للقلب أن يطلق أجندته في ملكوت السموات بنظرة تأملية ...
مصحوبة بالأمل والإرادة والطاقة نحو العمل بكل مجالات الحياة...
الحياة مع التفاؤل ...
تمنح التحرر من قيود الظلام وتمنع ألاعيب الوسوسة أن تأخذ مجراها في الذات ..
فلا تجد الإحباط ولا تجد الغموض ولا تشعر بالتعب...
للتفاؤل أبواب مفتحة على دنيا الأمل والرضا والراحة النفسية التي تبعث راحة الجسد...
وتمنح وسام الثقة بالله وتغيير الحال من الأسوء إلى الأفضل والصلاح..
وتلغي من الفكر أفكار متعبة وأشياء مثقلة للذات..
تمنحها العبور لشاطئ الأمن مع الذات والأمان مع البيئة في مجتمع اليوم ..
الذي ما أحوج الحياة فيه مع التفاؤل لنمنح لذواتنا القوة.. أمام عنفوان الظلم والقهر والألم...
لأن بالتفاؤل نحصد السعادة ونتصافح مع القلب بالرضا..
وترضخ الأحلام لسلامة الإتجاه وترقد الأماني بين الفكر والخطى المحملة بنور الثقة
والموشاة بروح التفاؤل...وما أحوجنا أن نغرس بذوره بين أفكارنا وعلى ألسنتنا وفي قلوبنا ..
لنمنح لأنفسنا قوة الصمود أمام مارد الظلم الذي يغزونا من كل حدب وصوب...
فالتفاؤل سلاح المؤمن القوي لأنه هو الإيمان بالله وازدياد التدبر والخشوع..
وهو علاج بين يدي الأخصائيين النفسيين..لمعالجة الإحباط وضعف الشخصية...
كما أنه ورقة بيضاء يمنحها أخصاء التنمية البشرية ليخرجوا النفس من ظلامها إلى نور الله بالتفاؤل...
لنقف وقفة تأمل بين هذه السطور..
ونمنح أنفسنا لحظة صفاء ونقاء ..
لنطرد وساوس شيطان النفس والمجتمع...
جهاد بدران
فلسطينية