قصتان قصيرتان جدا بقلم عبد القادر ضيف الله
المتسول
كان دائما يلمحه مادا يده اليمنى لكل من يخرج من العمارة أو يدخلها , يترصد الجميع كيما يمدوه شيئا من
بعض الدنانير , لم يكن يسمع صوته ولا حتى يسمح لمن يمده شيئا بأن يرى وجهه عكس المتسولين الأخريين
الذين اعتاد على روئيتهم في كل جهات المدينة
- صارت كل المدينة تتسول رددها في سره , بالتأكيد هو يبالغ في خواطره هاته , لكنه أيضا أينما ذهب يجد الكثير من الوجوه المتسولة وخاصة أولئك الذين يرابطون في مواقف الحافلات ومداخل الأسواق يستعملون كل
أساليب الاستجداء كيما يذوبون عنك الجليد والتصلب , لا يسعك أمام الكم الهائل من الأدعية والتوسلات إلا أن
أن تدعن ممررا يدك على جيبك كيما تخرج ما شاء الله لهم ...
أما هذا المتسول الذي اعتاد أن يصادفه يوميا أمام باب العمارة , فهو صامت يمد يده , وحينما لا تعطيه شيء
أو حتى تكترث به , تراه من خلف لثامه يصدر بعض الكلمات الطلسمية مما جعل صاحبنا يحاول البحث عن كنه
هذا المتسول الغريب , اقترب منه حياه , وأضاف يسأله عن صمته , وعن سبب وضعه للثام الذي يبدو كشيء من تفاصيل وجهه , ملتصق به لا يكاد يعرف بدونه , لكن المتسول دون أن ينبس بكلمة أماء برأسه واضعا خطوة الى الخلف , حرك كتفيه محاولا التنصل حينما باغته صاحبنا بيده محاولا إماطة لثامه , فإذا باللثام يسقط من على وجه المتسول , فتظهر من خلفه امرأة عجوز , لم تكن غريبة عنه , عرف أنها أمه بعدما لاذ ت بالفرار تاركة اللثام بين يديه.وكثير من الأسئلة في رأسه...
المتسلط
ضرب كفا بكف زافرا زفرة التوتر, لعله أدرك أن اسم ابنه لن يعلن عنه المذيع أبدا بعدما أعلن عن قائمة
الناجحين المحدودة , شد على قبضة اليد اليمنى محاولا تكسير قلقه
- لا يمكن أن أنتظر أكثر من هذا ! هو يعرف أنني لن أتسامح معه هذه المرة , سيدفع ثمن رسوبه غاليا أكثر من المرات السابقة , سوف أكسر كل أسنانه , أعرف أنه يتحاشى ملاقاتي في البيت لهذا سوف أوباغثه , يظنني مغفلا هذا الولد العاق , فاشل لا يصلح لشيء , استعملت معه طرق الترهيب والجزر لكنه يأبى الا إن يكمل في
فشله..... , تابع تقليب كفييه والزبد يكاد أن يفلت من شدقيه , وهو يعد في كل الأشياء التي طالما قدمها لابنه وكل التهديدات التي مل طلقها في وجهه كلما لمحه منزويا في زاوية من زوايا البيت كيمايروعه حتى يصير كما كل الأطفال الناجحين ...., هو نفسه كابد الفشل طيلة حياته , فأراد أن يكون ابنه عزاءه الوحيد , انتقامه من كل تلك الزلازل التي هزت أركان حياته ..., شد رأسه محاولا التكزيز على جملته الأخيرة وإذا بزوجته تدخل مقطعة حبال شده يعتليها التهجم والعبوس المصفر, شعرها ملبد متطاير على جهات الصدر يزو بعه الغضب
نظرت إليه بحقد وهي تشد على بعض من بقايا الشعر الذي علق بين أصابعها , رافعة اليد الأخرى جهة
وجهها دافعة بصوتها جهة وجهه كأنما هو الرصاص الحارق
- هذا ما كنت تريده ! , لقد استراح طفلي من وجهك....لقد شنق نفسه !...نعم شنق نفسه رددتها وهي تغرس بكل
المخالب في ما بقي من وجهه والذي قد يعطي فكرة عن الحياة.