ق.ق
شغاغة وعائلة ابن ياكل ( 5 )
الجميع في ذهول وبحث واستنفار عن الرضيع الصغير ذو الساعات من عمره ؟
أين يمكن أن يكون قد اختفى ؟
هل أكلته الكلاب ؟
هل خطفته ضيفة البارحة ؟
ماذا تريد منه ومعها طفلها وليست بحاجة لطفل ؟
لم تبدو شريرة بل كانت عليها علامات الوداعة والضعف ..!
هل تخفي روحاً شريرة خلف تلك الوداعة
اسئلة تدور في أذهان ذوي الطفل الرضيع غير مستوعبين لما حدث ..!
أم الطفل الرضيع عاجزة عن الحركة من هول الصدمة وتعض أصابع الندم .! كيف لم تشعر به ينسل من بين يديها وهي نائمة ، أي يد خفيفة تسللت الى رضيعها في الظلام واخذته ..؟
هل لا زال على قيد الحياة أم حصل له ضرر ..؟
انطلق أهل القرية شباباً وشيباً في كل اتجاه للحاق بشغاغة وتقفي أثرها بعد أن تتبعوا آثار حمارها على الأرض .
في هذه الأثناء كانت شغاغة تواصل طريقها نحو الديار ولا تعلم عن شيء مما يجري خلفها ولا تعلم شيئاً عن حادثة اختفاء الرضيع ولا ما أحدثته تلك الحادثة من آثار خطيرة ولا عن الخطر الذي يحيط بها من كل مكان .
وكان قد أصابها العطش حين لمحت بئراً على الطريق بجوار إخدى القرى ، فتوقفت عندها لتملأ وعاء الماء الذي تحمله على ظهر الحمار وتشرب وتسقي صغيرها اللاهي بأصابع قدميه .
وبعد أن شربت وسقت الصغير اذ به يشير إلى الخرج الذي تحمله على كتفها ويطالبها باعطائه اياه وهي تمنعه لترتاح قليلاً بعد أن بسطت وشاحاً لها بحوار البئر لتلتقط أنفاسها وتواصل السفر ، لكنه أزعجها وبدأ بالبكاء والصراخ ، فرمته اليه ، وكانت الفاجعة ، إذ تدحرجت جمجمة الرضيع من داخل الخُرْج ملطخة بدماء متيبسة منذ ساعات ، صرخت شغاغة بصوت عالٍ وجحظت عيناها وتجمدت في مكانها من هول الصدمة والمفاجأة التي حدثت أمامها ، ووقفت مذهولة بينما يغرس طفلها المدلكم أسنانه في جمجمة الرضيع المفصولة عن جسده يحاول التهامها ، تراجعت للخلف تراقبه و قد أصابها ذعر شديد وبدأت تضرب رأسها ووجهها بيديها وتولول بينما الطفل المتوحش غير آبهٍ بها ، مشغول بفريسته يبحث عن المناطق الرخوة فيها ليبدأ بالتهامهما .
لم تشعر شغاغة إلا وهي تأخذ طفلها المتوحش ومعه الخرج والجمجمة الصغيرة وتلقي بهم جميعاً وسط البئر السحيقة بعد أن أصابتها حالة هستيرية عارمة .
وقفت شغاغة قليلاً غير مصدقة لما يحدث ، تخنقها الف عبرة وتصطف في مآقيها الف دمعة وألف حزن لما آلت إليه الأمور.
بقيت بعض الوقت قبل أن تتذكر أهل الرضيع وما أصابهم من فاجعة وعلمت أنهم بكل تأكيد يبحثون عنها في كل مكان وهم على وشك الوصول الى مكانها فهي لم تقطع سوى ساعتين أو ثلاث بعيداً عن ديارهم ،
أخذت تفكر في طريقة تنجو بها من الموت المحقق إن هم أدركوها ، فتذكرت أنها أقبلت عليهم ليلاً ولم يتعرفوا على ملامحها جيداً ، فأخرجت ملابس جديدة غير تلك التي كانت ترتديها ، وارتدتها واطلقت حمارها فهرب الى غير هدى ، وبقيت بجوار البئر تبحث عن حجة تقولها لمن سأل عنها .
بعد ساعة أو أكثر أقبلت امرأة مسنة تركب حماراً لتملأ جرارها من البئر ، فاقتنصت شغاغة الفرصة وعرضت على العحوز أن تقرم هي بخدمتها وما عليها سوى أن تدلها على مقر اقامتها ، فعلت العجوز ما طلبته منها شغاغة وسلمتها الحمار والجرار ونظراً لحرارة الطقس فقد اشفقت عليها العجوز ومنحتها مظلتها التي تضعها على رأسها ، اخذت شغاغة الحمار والجرار وانطلقت نحو البئر ووضعت المظلة على رأسها واستطاعت أن تجعل ذلك تعمية وتورية عنها كي لا يتعرف عليها الباحثون عنها.
وماهي الا ساعات حتى أقبل عدد كبير من الشبان والرجال يكادون يحرقون الأرض بحوافر خيولهم وحميرهم تلمع خناجرهم وترعد بنادقهم حتى وصلوا إليها . . وبدأ قلبها يخفق بشدة وأصابها رعب شديد ..خوفاً من أن يتعرفوا عليها فيقتلوها ..
اقترب منها أحدهم ..
ترى ماذا حدث..؟