لم يكن ما حدث مؤخراً من تطاول سفهاء قوم حاقدين على الإسلام والمسلمين ، ولا تكالب وتكافل دول الغرب علينا أول مرة يحدث فيها مثل هذا الأمر فهل نجعلها الأخيرة؟؟ لقد اعتاد الغرب أن يفعل بنا وفينا ما يشاء دون رادع يردعه أو قانون يمنعه حتى بتنا ومصيرنا وقدرنا وكرامتنا ملك يمين عباد الصليب وأنجاس الكفر. كنا نتلقى كل ما يأتون من سوء يصيبنا أو ذل يصمنا بصمت مهين إلا من بعض هبات تهبها بعض الفئات كردة فعل سرعان ما تخمد وتبرد دون أن يكون لها نتيجة إلا إمعان الأعداء والحاقدين في الإذلال والإسفاف.
اليوم نجدهم قد صعدوا الأمر إلى مستوى أعلى وأهم فتناولوا شخص الحبيب المصطفى بشكل أكثر سفوراً وقبحاً طعناً في الدين ودعوة إلى الحقد والكراهية باعتبار غرور القوة والمنعة التي يشعرونها فيهم وشعور الذل والمهانة والضعف الذي فرضناه على أنفسنا حتى بتنا غير مؤمنين بأننا قادرين حتى على حماية أنفسنا. لقد تطاولت يد الكفر والحقد برسومات تجسدهم قبل أي شيء آخر وتنضح بما في إنائهم من تخاتل وإرجاف وحقد دفين. إننا نؤمن بأن الله يعصم رسولنا الكريم من الناس ومن الأنجاس ، وما نحسب النبي الكريم أهين ولا أسيء إليه وهو خير الخلق وسيد الثقلين ، بل أهين المسلمون في رمزهم وقائدهم وقدوتهم. وإننا إن سكتنا عن ذلك كما اعتادوا منا ليتمادين السفهاء مهم في إظهار البغضاء وما تخفي صدورهم من مقت وغضب وربما يكون التالي تناول ذات الله تعالى عما يقولون ويفعلون علوا كبيراً.
وبعد مخاتلة ودعوى كاذبة بحرية الرأي والتي يستخدمونها سلاحاً ضد الإسلام والمسلمين مع تلك الدعاوى الأخرى كالإرهاب والتخلف والتبعية ومعاداة الديمقراطية والسامية حين رفض رئيس وزراء الدنمارك الإقرار بأن ما حدث خطأ ورفضه مقابلة بعض السفراء العرب والمسلمين عاد بعد أيام وقد استشعر خطورة أثر المقاطعة على اقتصادهم فأعلن اعتذاراً خجولاً غامضاً. ثم ما لبثت دول أوروبا أن تداعت إلى ذات الأمر دعماً لمواقفهم وسعياً في المنكر فنشرت صحف كثيرة في دول عديدة ذات الأمر تحدياً واستفزازاً وباتوا يلعبون علينا ذات اللعبة من حرية رأي المواطن وتحفظ المسؤول.
ويطل السؤال المهم من بين كل هذه الأحداث ؛ هل الاعتذار انتصار ، وهل المقاطعة رادعة؟؟
لا أرى ذلك مطلقاً. ربما أثرت المقاطعة هذه المرة لالتزام الجميع بها ولكنها لا تبدو رادعة فمهما أثرت في اقتصادياتهم فعندهم ما يعوض هذه الخسارة ويتجاوزها ولو على المستوى المتوسط والبعيد. المقاطعة ضرورة ولكن ما يحدث يجب أن يكون أكبر من كل هذا بشكل يحسم الأمر هذه المرة وإلى الأبد ويعيد هيبة الأمة الإسلامية ويحفظ لها رموزها ومقدساتها.
أما فيما يخص الاعتذار فإن الاعتذار الحقيقي والصادق يتجاوز بعض كلمات من لسان مخاتلة بل ويتعدى الأمر إلى أفعال تناسب المقام الكريم والجرم العظيم تثبت من خلالها كل تلك الدول أنها تصدق في اعتذارها وأرى أن يتم التصعيد على كل المستويات وأن نوحد الجهود جميعاً في إطار واحد لا كما نرى هنا في رابطة الواحة الثقافية وفي جهات أخرى متفرقة من تناثر الجهود وتضاربها في أحايين كثيرة. إن العمل المنظم هو ما يؤتي الثمار ويحقق المصالح ، أما ردود الأفعال العاطفية والتعصب دون وعي ولا هدف لا يصب إلا في الترويج لشرورهم وتقوية عدوانهم. هي دعوة نوجهها من منبر رابطة الواحة ونمد أيدينا للتعاون الجاد مع كل الهيئات والمؤسسات الشعبية والرسمية لخدمة هذا التوجه والانتصار الحقيقي للأمة مرة واحدة وللأبد.
ويظل السؤال الأهم يراود كل تلك الجموع الغاضبة ، والقلوب الثائرة: ما الذي يجب علينا أن نطالب به كأقل ما يمكننا أن نقبله من دول الغرب قبل أن نهادنهم على حذر. وأرى أن يكون الحد الأدنى للمطلوب ما يلي:
1- الاعتذار الرسمي من أعلى مستويات الاتحاد الأوروبي للأمة الإسلامية بشكل واضح وصريح بأن ما حدث هو خطأ كبير يتجاوز كل معايير التعامل الإنساني والدولي والقطع بعدم تكراره.
2- محاكمة كل فرد شارك في الإساءة إلى الرسول والإسلام سواء أكان من رسم أو كتب أو نشر أو وافق على النشر.
3- إغلاق كل الصحف التي نشرت تلك الإساءات إغلاقاً تاما لتكون عبرة لغيرها.
4- سن قانون يحرم التعرض للدين الإسلامي على أي مستوى ويحفظ للمسلم حريته الدينية وحرية المعتقد وفق القانون الإسلامي الذي يؤمن به ، ويجرم كل من يتعرض للدين الإسلامي أو رموزه ويعرضه للعقوبة.
5- الدعوة لمؤتمر وفاق ومصالحة دولي ينظم المصالح بين الدول ويرفع الوصاية عن الشعوب الإسلامية.
إن التحرك الشعبي هذه المرة هو سلاحنا أمام هذه الهجمة فاعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ، وحافظوا على الزخم وصعدوا الأمر ولا تنتظروا تحرك حكام السوء من عبيد الغرب وعبادهم. هي معركة وجهاد تنصرون بها رسول الله ودعوته وأمته ، وتكرمون بها أنفسكم وأهليكم وأوطانكم. هل نكون هذه المرة على مستوى الحدث مبادرين ومنافحين لا منفعلين بردة فعل تخبو بعد بعض الوقت؟؟ أرجو ذلك
تحياتي