|
وتسألني نجـمتي في خــفر |
عن الزاد زاد النوى والسفر |
وما أفصحت بالسؤال الشفاه |
ولكنه اللمح ... لمح البصـر |
يبلغ بوح العيون الظـمـاء |
ويذكي بأعماق قلبي .. الشرر |
ويتلو حكاية وجـد عمـيق |
به جـذوة من شعاع الـسور |
فيقتات شوقاً عميق الجـذور |
تشعّب في مهجتي واسـتـتر |
روى نسغه السلسبيل الطهور |
وندّى حناياه ضوء القـمـر |
وكم هدهدته أكف الأصـيل |
وضمّته ثملى ضلوع السحـر |
رويدك يا لمـح إنّ الـفـؤاد |
طواه الحنين .. ومـا من وزر |
رويدك إن انصداع الشغـاف |
بوهج الشعــاف بعيد الأثر |
وحسبك منه اندلاع الحروف |
وحسـبي زاداً سـناك الأغر |
|
بنـفسي يا شوق تلك الرمال |
وقـلبي المـعـنى على تـربها |
حـصاة تـلوَّى ومـا تـستقر |
تمـزّقـه حـشرجات انتظار |
مـريـر وشكـوى لهـاث أمر |
وعنـد الحـصاة بـقايا رماد |
رمـتـها العـواصف في المنحدر |
وألـقت بهـا الريح في هـوة |
هـبـاء تبـعـثـر ثـم اندثر |
وولى جـفاء حـطـام الهشيم |
وأوشـك يـتـبـعـه المحتظر |
وكـادت تحـطم تلك الحصاة |
وتـودي قنـوطاً ويذوي الزهر |
ويخـمد فيها البصيص الضئيل |
ويـقضي رسيس المنى .. ينتحر |
ولـكـنه اللمح .. لمح الصفاء |
ولـلـه إيـمـاؤه إذ غـمـر |
أطـل ائتـلافـاً تجلى هـدى |
يـضيء الوجود ويـزكي العمر |
|
بنـفسي يا لمـح تلك الدروب |
وأطـياف (منبج) عـند المغيب |
وأحـلام (منبج) بـين الـشجر |
فـهذا جـناح على الـغابرين |
وهـذا جـناح إلـى المنـتظر |
ويـمتـد درب المعـنَّى الغريب |
فيـمضي وئيـد الخطى يستمر |
وتعصف في نـفسه الذكريات |
ويـطـويه طياً عباب الفكر |
وتطفو رؤى الأمـس أمـواجه |
خـفاقاً ثقالاً .. ومـا تنحسر |
ولكـنه الشوق شوق الشغاف |
لـوهج الشعاف طغى وانتصر |
ولاقى (دمشق) على (قاسيون) |
بـبوح الحنايا .. وخفق الوتر |
فأشرق لمـح الشعاع الحـبيب |
نقيّاً .. كجمر اللظى.. يستعر |
وغـنى الـغريب صدى وجده |
فـلـله تـسكـابه إذ زخر |
|
أيا وجـد سحـاً على أضلعي |
طوى الجدب عني رؤى العنفوان |
وصـوح روض المـنى المزدهر |
شآبيـب يـا وجـد إن البقاع |
سـتمرع يحـنو عليها القدر |
وتخـضر في روضـنا السنبلات |
رطـاباً عـذاباً وتـؤتي الثمر |
وإنا سنرسي الجـذور الصناع |
ونـستأصـل اليابسات الأخر |
فـأعـماقنا ما غـزاها المتـاع |
وحـب الشـوامخ فيها بذر |
ويـا زيف إني أحـس الصراع |
يهـز الرعـاع يـدك الحجر |
يحـطم أوثـان أرض الضـياع |
ويـلقي بـها في ظلام الحفر |
وإنـي أحـس انبثـاق الشعاع |
وألـمح فـيه انطلاق الزمر |
غـداً فـي غد يضمحل القناع |
ويصحو مع النور ركب البشر |
|
فـيا نجـمة الطـهر في أفـقه |
تـنفّس عـبر اختلاج الضلوع |
فنـعمى لـها بانـبلاج الغرر |
ومست خيوط سـناه الوضـاء |
سويـداء قـلبي .. فيا للظفر |
ويا خـيبة الصمت في كيـده |
ويـا حـسرة العنكبوت القذر |
تـغلغل بـين الخـيام العجاف |
لنـفث الزعـاف وبث الخور |
يـزيّن ورد المـتاع الـقليـل |
ويـقلي لمـن يستجيب الصدر |
لـه الويل صمت العـبيد الذليل |
وهـان المـتاع وذل الـوطر |
ويا نجـمتي طاب خوض الكفاح |
وحـسبي من الزاد وهج الشرر |
أيا نجـمة الطـهر إنّ الـسراب |
سـيمضي جفاء وضحلاً عكر |
وتـبقى القـلاع وتـفنى الرقاع |
وبئـست خـياماً رقاع الغجر |