التسميط وفن التثليث الشعري
نشرت الشاعرة المبدعة لمياء فرعون قصيدة الشك والتي جاءت على مجزوء الرمل , ولكن الأسلوب الذي اعتمدته هو مقاطع وكل مقطع من ثلاثة أشطر الشطر الأول والثاني يعتمدان رويا واحدا كما هو التصريع ثم تختم بشطر ثالث يحمل نفس الروي في المقطع الأول.
الشَّك
لا تقل عـفـواً وتـرحـلْ
تهـدم الـدنـيا بـمـعـولْ
عـنـد ربِّي عـنـه تُسألْ
***
ليس أنثى في خصالي
قد تربـَّت في المعالي
مـثـلَ هذا الرغي ِتقبلْ
***
في رحاب الطهرِعشنا
من غـزيـر العـلم نـلـنا
هـل لـهـذا أنـت تجهـلْ
***
كيف ترضى عن كلام ٍ
جـاء مـن نــاس ٍلــئـام ٍ
ثـمَّ تـرمـيـني بـمـقـتـلْ
***
وتـديـرُ الـوجـهَ عـنـِّي
ويسيـل الــدمـع مـنـِّي
ثــمَّ تـنساني وتــرحـلْ
***
إنـَّني مـن بـيـت عــزّ ٍ
وســمـاتي مـثـلَ كنـز ٍ
بـاتهامي لسـت أقـبـلْ
***
هـل تظنُّ الأمـرَ سهلاً
رمـيُـكَ الألفاظَ جـهـلاً
عن وفائي كيف تغفـلْ
***
قد كفـاني مُـرَّ عـيـشي
فوق شوك ٍكنت أمشي
مـن دنـان السم انـهـلْ
***
إن قضيتُ اليوم نحبي
واختفـتْ دقـات قـلـبي
عن حياتي لست أسألْ
***
أيُّ عــذر ٍبـعــد هــذا
سـوف يبقـيني لـمـاذا
لو أتاني الموتُ أسهلْ
لو أتاني الموت أسهلْ
*******
ودراسة النص وتحليله , فهو مبني على مجزوء الرمل (فاعلاتن فاعلاتن) وكل مقطع من ثلاثة أشطر , المقطع الأول روي الأشطر اللام الساكنة , أما المقاطع الأخرى فقد التزمت الشاعرة بأن كل شطرين بروي واحد ثم تنهي بشطر بروي المقطع الأول..
وبالطبع هذا الأسلوب ليس من ضمن أوزان بحور الشعر المعروفة كما أنه لم يلتزم بأسلوب بناء بيت الشعر العربي بشطرين في كل بيت , وإمكانية تغيير الروي لكل مقطع من عدة أبيات.
لكن بالبحث عن ماهية هذا الأسلوب وجدت أنه الأقرب لفن التسميط الذي أضيف للفنون الملحقة بالشعر العربي, والتسميط يعتمد على الروي والقافية داخل البيت الشعري , وأمكن العثور على مقطعين يؤيدان ذلك لكن الفرق أن التسميط يعتمد على ثلاثة أشطر بنفس الروي ثم يأتي الشطر الرابع بروي معتمد وأنا أعدت كتابة الأبيات المذكورة في أحد المصادر اعتمادا على الروي.
وأول من اعتمد التسميط هو امرؤ القيس وشاهده في مراجع العروض:يقول امرؤ القيس :
وحَربٍ وَرَدتُ
وثَغرٍ سَدَدتُ
وعِلجٍ شَددتُ
عليهِ الحِبالا
وهذا على مشطور المتقارب أي تفعيلتان في كل شطر , ورويها في الأشطر الثلاثة الأولى التاء المضمومة مع إشباع الضم لتكون (فعولن) بينما الشطر الرابع رويه اللام المفتوحة مع ألف إطلاق.
والشاهد الثاني :يقول سيد عبدالغني النابلسي :
ويحَكِ يا نَفسُ اخلِصي
على ارتيادِ المُخلصِ
وطاوِعي واخْلصي
واستَمِعي النُّصحَ وَعي
وهذه على مجزوء الرجز (مستفعلن) أي تفعيلتان في كل شطر, وروي الأشطر الثلاثة الأولى الصاد المخفوضة مع إشباع الخفض فيها, بينما الشطر الرابع رويه العين المخفوضة والياء وصل.
***
وبما أن الشاعرة لمياء الفراعنة اعتمدت أسلوبا جديدا ولا يمكن رده إلى التسميط لاختلاف أسلوب البناء فيه ولأنني لم يسبق لي أن اطلعت على هكذا أسلوب سابقا, فسأعتبره (فن التثليت الشعري) والذي ابتكرته الشاعرة لمياء فرعون ومن حقها أن يسجل باسمها.
وسأوثق الموضوع في ملتقى رابطة الواحة الثقافية.
تم وضع المقطع الأول في لوحة تقطيع عروضي , ويبين عدم اعتماد الشاعرة لأي زحاف فيه لذا لم يظهر اللون الأحمر كما أن المقطع مبني على ست تفعيلات فاعلاتن.
واللوحة هدية مني ومن رابطة الواحة الثقافية للشاعرة المبتكرة ولتوثيق ما قدمته من إضافة للفنون الملحقة بالشعر العربي.
ومن ناحية الإيقاع الشعري ومقارنة بما يتطلبه الإيقاع الموسيقي, يمكن اعتماد كل شطرين قرارا والشطر الثالث جوابا لكل مقطع.
وإن كان هناك من اطلع سابقا على مثل هذا الأسلوب فأرجوه الإدلاء برأيه.
وربما يحفز هذا شعراءنا للنظم عليه وباعتماد أي من التفعيلات الجائزة.
تحياتي وتقديري