أخذت الأفكار تدور في رأسي وأنا أفتح باب المصعد في طريقي إلى مكتبي في الجريدة
باحثة عن عنوان مثير لمقالتي الأخيرة عن الإرهاب. وقبل أن يقفل باب المصعد دلفت
امرأة ضخمة منقبة ـ وفي لحظة عابرة مررت عليها بعيني في نظرة سريعة واستقرت على القدمين..
استرعى انتباهي ضخامتهما وأحسست إنهما أكبر من اللازم فارتفعت عيناي في سرعة
إلى الوجه لتستقر على العينين المكحلتين بالسواد، فسرت في جسدي كله رعشة..
العينان غريبتان لابد أنهما عينا رجل ـ ارتعبت وقد دلتني حاستي الصحفية على خطر محدق بي
ضغط بأصبعه على الدور العاشر ـ نفس الدور الذي تقع فيه جريدتي ـ سددت نظراتي إلى وجه
هذا الكيان المسربل بالسواد فلم أرى إلا قارة داكنة مجهولة التضاريس لا يظهر منها إلا العينين
المحتدمتين بالحمرة ـ وأنفاس تتسارع وجلة.
تعكس لي مرايا المصعد الهيكل الضخم، وتنصب نظراتي على منطقة البطن فأجدها منتفخة..
فيترجم عقلي الصحفي .. إنه حزام ناسف ـ لا بد إنه إرهابي يريد تفجير الجريدة بسبب حملة
المقالات التي أطلقتها على الإرهاب .. ترى ماذا يفعل لو علم إني الكاتبة.
الدم يصعد إلى رأسي، أكاد أسمع أزيز أنفاسي لاهثة خوفا وفضولا وارتقابا
تسري لسعة برودة في عظامي، وتهدر طاحونة في رأسي .. المصعد يقترب من الدور العاشر
ماذا أفعل ، وكيف أتصرف؟؟؟
وفي حركة مفاجئة يتهاوى هذا الجرم الهائل على أرض المصعد، وأسمع صرخة رفيعة طويلة
نضح لها بدني بلولة من منابت شعري وحتى الجذور فأصيح لاهثة مرتعدة وقد تنبهت حواسي
كلها ... ماذا هناك؟؟
وينطلق صوت أنثوي خافت كأنه غارق في جب سحيق في نداء وتوسل قائلا.. ساعديني
يبدو إنني سألد ولادة مبكرة .. دكتوري في الدور العاشر
وتنهمر دموعي ـ وأكاد انفجر ضاحكة.
16/ 7/ 2020