وأنا أتجوّل في المقبرة .
.**دخلت المقبرة ،،،وقرأت اسماءهم ،،وما كانوا يفعلون ،،!!،،قلت : ها أنا أتعجّب أنّ هؤلاء كان لهم أفواه مثلنا ،،أتعجّبُ ،،أنهم عاشوا نقطة من الوقت وكانوا ينسون بقيّة زمانهم الطويل هنا ،،!! فقد عاشوا في الدنيا ستّين عاما وسيمكثون هنا آلاف السنين قبل خروجهم ،،،،!!،،كيف نمشي في طريق نعرف مترين منها ولا نعرفها كلّها ،،،،،،،،،،من لا يعرف طريقه كلّها لا يعرف أين هو ذاهب !!
.
ماتزال القابهم مكتوبة على قبورهم ،،لشدّة تعلقهم بها ،،!! ،،وهم تراب ،،وأرواحهم جاثية ترجو رحمة الله ،،! ،،يدفع أحدهم كلّ ما جمَع من أجل لحظة واحدة من رحمة الله ،،!!
.
،،حقا نحن أغرابٌ جدا ،،تتكلّم معهم في المساء ونسامرهم ،،وفي الصباح يأتون إلى هنا ،،للقبور ،،!! نحن أبناء تلك السماء ،،وهبطنا هنا للعقاب ،،ونعود بعد أن نتطهر بالألم ،،.
،،كانوا ،يظنّون أنهم مثل الصخور والانهار سيبقون !!،،وأمعاؤهم تتقطّع بالمرض ويموتون ،،!! ،،ويظنّون أنّ الحياة تستمرّ لمن يشتهيها ،،فكانوا يمشون الى الموت وهم في نفس الطريق الى الحياة ،،ولذلك نحن نُذهَل ونفتح أعيننا هكذا ،حين نموت…!!
.
،،قرأتُ اسم أحدهم على القبر : كان تاجرا ،،يضع الخمر تحت الطاولة ،،لشدة تعلقه به ،،نظرتُ اليه وهو بدون خمر ،،!!،،وضحكت : لم يترك الموت في ايديكم شيئا ،،!!،،وقرأت اسم صاحب البساتين ،،! فكانت البساتين وكأنما تسجلتْ باسمه زوّرا ، وكلّ من يقول : هذا لي ،،!! هو كاذب مزوّر ،،فليس لنا شيء هاهنا ،،وأكبر وقتنا في القبور ،،!!
.
،ومررْتُ بشخص في المقبرة ،،وقفتُ عند قبره وبكيتُ ،،كان فقيرا يقول لي : لا أدري كيف سأجد خبزا ،،طوال هذا العمر ،،! ،،تلك مهمّة ثقيلة ،،!!،،أن أجد الخبز ،،!!
،،ينهض في الصباح متثاقلا كأنما يرفع جبالا من الألم عن صدره ،،ليمشي في شارع الخبز المسروق ،،لا يجده وقد صار في بيوت اللئام ،،!!
،،يقول:سيَان وجدت الخبز أو لم أجد ،،!! سأتألم في كلّ حال ،،!! ،، أنا بين ألم الجوع وألم القلق،،،!،
.
،،ولا أدري لماذا شعرتُ أنّه يطير سعيدا في الجنّة ،،وينظر الينا هازئا من كلّ حياتنا ،،!!،،
.
،،وسمعتُ أصواتا كثيرة ،،تشبه جلّبة المحكمة ،،،!!،،أحدهم يتقافزُ ضاحكا والآخر يبكي ويشدّ شَعره ،،ويعضّ على يديه ،،،!!
.
،،ونظرتُ في اسمائهم ، كلّهم متشابهون - أَنّهم خاطئون -،،! ،،
،،إلاّ أهل المعرفة : حين كنت أقرأ اسم واحد منهم ،،أرتجفُ وأنا أنظُرُ اليه ،،أقول : هذا وحده الذي لم يُدهَشُ ساعة الموت ،،وكان يمشي في النور ،،والآخرون يخطئون إذا أخطأ الناس ويُصيبون إذا أصاب الناس ،،كانوا يعيشون في عقل السوق لا في عقولهم الصادقة،،،!!
.
،،وعقل السوق ضالٌّ ،،لأنّه صوت شهواتنا وصخب تنافسنا ،،،وفي زحام الناس لا نُحسن التفكير ،،!!…
.
فقلتُ لأهل المعرفة : انتم السادة ، بكم عَرَف الناس الحقّ ،،وأحبّوا العدل كما أحببتموه ،،!،،لولاكم ما قلّم الإنسان مخالبه،،!!،، أحبّكم الله ورحمكم
.
.
.
.
.
.
. عبدالحليم الطيطي