بحر المنسرح والشاعر الكبير عباس شكر
نشر الشاعر الكبير عباس شكر يوم أمس قطعة شعرية بمناسبة الهجرة النبوية , وهي من بحر المنسرح.
ولأنني أحمل وجهة نظر خاصة بدائرة المشتبه وبحورها المشكوك فيها ولعرض ما طرحته قبل فترة لهذا أخذت المطلع كما هو مذكور في القطعة الشعرية:
يا هجرةً فيها الكون قد نهضا
واستبشرَ الخيرُ عندها ورضى
قد أنفلتْ للتأريخ منعرجاً
أقلامها بالقدّاحِ قد فرضا
واتّصفت علاجاً لمن شخصوا
فانزاحَ فيها سقْـمٌ بمن مرِضا
محمّدٌ للأخلاق قافيةٌ
أتمّها مكرماتِ من قرضا
قد صاغها فالأنوار غايتهُ
وقت الظلامِ حكماً إذا ومضا
والمطلع وزنه :
مستفعلن مفعولات مفتعلن * مستفعلن فاعلات مفتعلن
وكما هو واضح أن العروضة والضرب (مفتعلن) أي بزحاف الطي وهذا ما نصت عليه عروض الفراهيدي على أن تكون العروض (مستفعلن) ويجوز أن تزاحف بالخبن والطي أي تأتي (مفتعلن) أو (متفعلن) كما هو في الرجز.
لكن الشاعر التزم بطي كافة الأعاريض وهذا ما استساغه وهو حسب رأيي الأسلم ذائقة ووزنا, لهذا اعتبرت (مفتعلن) هي العروضة التي التزم بها في الأبيات.
1 - تم وضع التقطيع للبيت في اللوحة الأولى وكما هو واضح فيها يظهر باللون الأحمر زحاف الطي في تفعيلة (مفعولات) لتصبح (فاعلاتُ)
2 – اللوحة الثانية تم اعتماد التقطيع فيها على أنه لا وجود للوتد المفروق لذا يمكن أن يقرأ الوزن للمطلع كما يلي:
مستفعلاتن مستفعلن فعِلن * مستفعلاتن متفعلن فعِلن
وهذه الرؤية قدمتها سابقا في موضوع (ماذا لو لم يكن في العروض وتد مفروق) والمنشور في ملتقى رابطة الواحة الثقافية عام 2016 , والسبب الذي دعاني لهذا الطرح هو ما يلي:
(إن توالي أسباب ثلاثة في الشعر العربي لم يقره الفراهيدي لهذا افترض وجود الوتد المفروق في دائرة المشتبه) , ووجهة نظري أن الأسباب الثلاثة موجودة لفظا :
فلفظ مستفع لن لا يختلف عن لفظ مستفعلن
ولفظ فاع لاتن لا يختلف عن لفظ فاعلاتن
ووزن مفعولات رقميا يساوي وزن مستفعلن رقميا.
والفرق الوحيد لفظا هو (مفعولات), ومع عدم اعتبار الوتد المفروق يمكن قراءة كافة الأوزان الأخرى بنفس الأسلوب عدا المنسرح الذي يقرأ كما أوضحت :
مستفعلاتن مستفعلن فاعلن * مستفعلاتن مستفعلن فاعِلن
وهذه القراءة ناتجة من قراءة الخفيف:
فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن * فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن
باعتماد وتد مجموع في مستفعلن وهي كما تلفظ.
أما الخفيف فلا فرق بين تفعيلاته, والسريع هو أصلا لا ينتمي لدائرة المشتبه كما أوضحت في موضوع يخصه , والأوزان الأخرى (المقتضب والمضارع والمجتث) لها وضع آخر سيأتي الحديث عنه فيما بعد.
علما بأن تفعيلة (مستفعلاتن) اعتمدتها الشاعرة نازك الملائكة , كما أنها تفعيلة معتمدة في الشعر الشعبي في العراق وهناك أمثلة كثيرة على ذلك وسبق وذكرت مثالا عنها في موضوع (نازك الملائكة وبحر الموفور) أو كما ورد في بيتين للشاعر الكبير الرصافي مما يؤكد إمكانية توالي أسباب ثلاثة في بعض الأوزان, لأن شاعرا بحجم الرصافي استساغ توالي مستفعلاتن لا يمكن أن يقال أنه أخطأ.
ويظهر التقطيع وفق هذا الطرح كما هو موضح في اللوحة الثانية , وما يظهر باللون الأحمر هو زحاف الخبن في تفعيلة مستفعلن في الشطر الثاني.
3 – أما اللوحة الثالثة فهي لوزن الرجز وبما يكافئ ما ورد في المطلع , ويظهر أن المخطط البياني يطابق المخطط الأول لأن قيمة الوتد المفروق هي نفسها قيمة الوتد المجموع, وهذا أيضا أحد أسباب استبعادي للوتد المفروق. كما يبين باللون الأحمر زحاف الطي في تفعيلة مستفعلن الثانية في الشطر الثاني علما بأن الوزن المعتمد في المخطط هو:
مستفعلن مستفعلن مفتعلن * مستفعلن مفتعلن مفتعلن
وأرفق اللوحات الثلاثة وهي هدية مني ومن رابطة الواحة الثقافية للشاعر الكبير عباس شكر.
آمل أن تروق له ولكم...
وكل عام هجري جديد وأنتم وأمتنا الإسلامية وأمتنا العربية بخير وأمن وأمان وسلام.
للإطلاع على المخططات يمكن فتح الرابط التالي:
https://web.facebook.com/groups/rabi...1066335968470/
تحياتي وتقديري