مَاْ لِقَلْبِيْ يَسْتَلِذُّ التعَبَا
إِنْ بَدَاْ طَيْفٌ لِلَيْلَىْ وَثَبَا
مَاْ أُحَيْلَىْ الْبَدْرَ فِيْ عَلْيَاْئِهِ
غَيَّبَتْهُ غَيْمَةٌ فَاحْتَجَبَا
فَلِمَاْءِ الْحُبِّ سِرٌّ غَاْمِضٌ
كُلَّمَاْ كَاْنَ أُجَاْجًا عَذُبَا
غَاْدَةٌ تَزْدَاْدُ حُسْنًا كُلَّمَاْ
خَطَرَتْ بَثَّتْ عَبِيْرًا أَطْيَبَا
قُرْبُهَاْ عِيْدٌ وَنَاْرٌ بُعْدُهَاْ
لَعِبَتْ عَمْدًا بِقَلْبِيْ لَعِبَا
تُقْبِلُ الدُّنْيَاْ إِذَاْ مَاْ أَقْبَلَتْ
أَوْ تَوَلَّتْ ضَيَّقَتْ مَاْ رَحُبَا
رَحِمَ اللهُ فُؤَاْدًا عَاْشِقًا
كَمْ دُمُوْعٍ غَاْلِيَاْتٍ سَكَبَا
كَيْفَ يَسْلُوْ عَنْكِ قَلْبٌ وَاْلِهٌ
كُلَّمَاْ لَاْحَ جَمَاْلٌ رَغِبَا
يَحْسُدُ الطَّيْرَ عَلَىْ أَفْنَاْنِهِ
وَالْفَرَاشَاْتِ وَأَزْهَاْرَ الرُّبَى
أَكْرِمِيْ ضَيْفًا بِوَعْدٍ كَاْذِبٍ
عَلَّ فِيْهِ مَاْ يُدَاْوِيْ الْكُرَبَا
وَصَفُوْا الْبُعْدَ شِفَاْءً لِلْجَوَىْ
وَبِأَنَّ الْبُعْدَ يُطْفِيْ الَّلَهَبَا
غَيْرَ أَنَّ الْبُعْدَ أَذْكَىْ لَوْعَتِيْ
وَحَنِيْنِيْ فِيْ فُؤَاْدِيْ مَاْ خَبَا
فَأَضَاْعُوْنِيْ وَفَتُّوْا عَضُدِيْ
فُهُمُوْ كَاْنُوْا لِقَهْرِيْ سَبَبا
ثُمَّ لَمْ أَحْفِلْ بُنُصْحٍ أَبَدًا
سَوْفَ يَنْجُوْ مَنْ تَوَقَّىْ الْعَطَبا
لَمْ أُصَدِّقْ بَعْدَ هَذَاْ نَاْصِحًا
غَيْرَ شَهْمٍ قَدْ تَجَلَّىْ أَدَبَا
رَاْشِدُ الْأَحْمَرُ لَاْ نِدَّ لَهُ
مُتَفَاْنٍ لَيْسَ يَشْكُوْ نَصَبَا
فَأَبُوْ إِدْرِيْسَ يَسْعَىْ دَاْئِبًا
أَنْ يَعُوْدَ الْعُرْبُ يَوْمًا عَرَبَا
يَنْشُرُ الْعِلْمَ بجُهْدٍ مُدْهِشٍ
بِاحْتِسَاْبٍ لَاْ لِيَجْنِيْ أَرَبَا
نَهْجُهُ نَهْجُ شُيُوْخٍ سَلَفُوْا
مُقْتَفٍ قَوْمًا كِرَاْمًا نجُبَا
كَأَبِيْ الْأَسْوَدِ أَوْ كَالْأَصْمَعِيْ
وَابْنِ يَحْيَىْ مَنْ يُسَمَّى ثَعْلَبَا
وَابْنِ جِنِّيْ وأبي بِشْرَ الَّذِيْ
كَاْنَ يُدْعَىْ سِيْبَوَيْهٍ لَقَبَا
فَجَزَاْهُ اللهُ عنَّاْ صَاْلحًا
وَرَعَاْهُ وَوَقَاْهُ النُّوَبَا
هَاْكَ مَاْ عاْنَاْهُ عَنْ تَجْرِبَةٍ
خَيْرُ مَنْ يُسْدِيْ الْهُدَى مَنْ جَرَّبَا
لَاْ تُحَاْوِرْ مَنْ يُسِيْءُ الْأَدَبَا
يَتَعَاْلَىْ حِيْنَ تُبْدِيْ الْعَتَبا
لَاْ تُحَاْوِرْ من يَرَىْ الْحَقَّ لَهُ
وَإِذَاْ عَرَّفْتَهُ الرُّشْدَ أَبَى
يَمْقُتُ النَّقْدَ وَلَاْ يَقْبَلُهُ
وَيُثِيْرُ الْمَدْحُ فِيْهِ الطَّرَبَا
وَيَرَىْ أَنَّكَ خَصْمٌ جَاْهِلٌ
إِنْ تَعِبْ مَاْ قَاْلَ أَوْ مَاْ كَتَبَا
رُبَّمَاْ أَظْهَرَ حِلْمًا كَاْذِبًا
فَارْتَضَىْ بِالْحَقِّ ثُمَّ انْقَلَبَا
بَاْسِمٌ إِلَّاْ إِذَاْ خَاْلَفْتَهُ
فَتَرَاْهُ مُسْتَشِيْطًا غَضَبَا
سَاْدِرٌ فِيْ غَيِّهِ لَاْ يَرْعَوِيْ
وَإِذَاْ نَاْصَحْتَهُ مَاْ اسْتَوْعَبَا
إِنْ تُقِمْ يَوْمًا عَلَيْهِ حُجَّةً
اشْمَأَزَّتْ نَفْسُهُ وَاضْطَرَبَا
لَمْ يَجِدْ مَاْ يَدْفَعُ الْجَهْلَ بِهِ
زَاْدَ غَيْظًا فَأَثَاْرَ الصَّخَبَا
مَلَأَ الدُّنْيَاْ ضَجِيْجًا فَاْحِشًا
فَاْضَ حَتَّىْ بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَى
يَدَّعِيْ السَّبْقَ عَلَىْ سَاْدَاْتِنَاْ
مَنْ يُسَاْوِيْ بِالرُّؤُوْسِ الذَّنَبَا؟
إِنْ جَهِلْتُمْ شَأَنَ غِرٍّ تَاْفِهٍ
فَذَرُوْهُ وَاسْأَلُوْا مَنْ صَحِبَا
يَرْقُبُ الْأَحْدَاْثَ فِيْ مَسْكَنَةٍ
وإِذَاْ الْمَوْجُ تَعَاْلَىْ رَكِبَا
صَاْدِقٌ يَوْمَ تَبَاْهَىْ قَاْئِلاً
قَدْ حَبَاْنِيْ اللهُ عَقَلاً ذَهَبَا
قَدْ جَمعْتُ الْعِلْمَ مِنْ أَطْرَاْفِهِ
فَأَنَاْ الدُّكْتُوْرُ أُمًّا وَأَبَا
نِلْتُ مجْدِيْ كَاْبِرًا عَنْ كَاْبِرٍ
إِنْ لِلْعِلْمِ بِعِرْقِيْ نَسَبَا
كَمْ شهَاْدَاْتٍ بِجُهْدِيْ نِلْتُهَاْ
أَحْمَدُ اللهَ عَلَىْ مَاْ وَهَبَا
كَمْ جِدَاْلٍ بِاقْتِدَارٍ خُضْتُهُ
لَمْ يَلِنْ عَزْمِيْ وَلَاْ رَأْيِيْ كَبَا
كَمْ خُطُوْبٍ صَاْلَ فِيْهَاْ قَلَمِيْ
وَبَيَاْنِي حَدُّ سَيْفٍ مَاْ نَبَا
وَجَوَاْبِيْ حَاْضِرٌ فِيْ سَاْعَتِيْ
لَمْ أُرَاْجِعْ لِجَوَاْبِيْ الْكُتُبَا
حَقُّ مَنْ يَبْلُغُ مِثْلِيْ الْمُنْتَهَىْ
أَنْ يَكوْنَ الْيَوْمَ أَرْقَىْ مَنْصِبَا
لَاْ يَرَىْ الْجُمْهُوْرُ إِلَّاْ مَاْ أَرَىْ
عَشِقُوْا مِنِّيْ لِسَاْنًا ذَرِبَا
عَظَّمُوْنِيْ غَفَرَ اللهُ لَهُمْ
ذَكَرُوْا أَنِّيْ الْأَثِيْرُ الْمُجْتَبَى
لَوْ رُزِقْتُمْ مِنْ عُلُوْمِيْ طَرَفًا
لَرَأَيْتُمْ مِنْ ذَكَاْئِيْ عَجَبَا
وَخُصُوْمِيْ إِنْ أَرَاْدُوْا الْعَيْبَ لِيْ
كَاْنَ مَاْ قَاْلُوْهُ عَنِّيْ كَذِبَا
ثُمَّ يَأْتِيْ مَنْ يَرَاْنِيْ مُخْطِئًا
وَأَنَاْ أَعْلىْ وَأَرْقَىْ رُتَبَا
كَيْفَ يَرْضَىْ الذُّلَّ مِثْلِيْ عَاْلِمٌ
هَزُلَتْ حَتَّىْ اسْتَحَاْلَتْ إِرَبَا
مِثْلُ هَذَاْ مَنْ رَقَوْا إِعْلَاْمَنَا
وتَسَمَّوْا بِافْتِئَاْتٍ نُخَبَا
كَيْفَ تَرْجُوْ مِنْ سَفِيْهٍ حِكْمَةً
أَمِنَ الشَّوْكِ سَتَجْنِيْ الْعِنَبَا
إِنَّ لِلْقَوْمِ عُقُوْلاً وَنُهًى
فَارِغَاْتٍ وثيابًا قُشُبَا
لَيْسَ تَخْلُوْ الْأَرْضُ مِنْ أَهْلِ الْوَفا
بَيْنَ ظَهْرَيْنَاْ وَلَكِنْ غُرَبَا
يَنْهَلُوْنَ الْعِلْمَ عَذْبًا صَاْفِيًا
مِنْ مَعِيْنٍ دَاْفِقٍ مَاْ نَضَبَاْ
بَذَلُوْهُ دُوْنَ مَنٍّ فَنَمَا
وَإِذَاْ مَاْ بُذِلَ الْعِلْمُ رَبَا
إِنَّ نِصْفَ الْعِلْمِ يُرْدِيْ أَهْلَهُ
خَيْرُ نِصْفَيْهِ الَّذِيْ قَدْ ذَهَبَا