عازف الحب ..❤️ ( 1 )
بقلم / علي أحمد معشي
حينما دخلت الخادمة "اميلدا" إلى المنزل المجاور والمهجور منذ سنوات كانت الريح تصفر في جوانبه وصرير أبوابه المزعج لا يتوقف ورائحة الغبار المنتشر على الأسطح تخنق الأنفاس، كانت "جوليانا" التي دخلت قبل خادمتها بنصف ساعة تنتحب بجوار آلة "البيانو" العتيقة في منزل فرانكلين وهي تتذكر ذلك اليوم الأسود الذي رحل فيه من المدينة مخلفاً وراءه قلباً حزيناً تعلق به وأحبه كثيراً، كما خلف منزله هذا بكامل أثاثه بما في ذلك " البيانو " الذي حصل عليه هدية من الثري "اليكسندر" في إحدى الليالي الاحتفالية التي أقامها هذا الأخير لابنته المتخرجة من كلية الشرطة تواً والتي عزف فيها فرانكلين معزوفته الرائعة على ذات البيانو وسط إعجاب ضيوف الطبقة المخملية المحتفية بتلك المناسبة .
اقتربت الخادمة من سيدتها جوليانا وقد أرعبها المكان المهجور خاصة بعد أن قفز أمامها أحد الفئران مسرعاً كالسهم نحو أريكة جانبية ليختبئ تحتها، كما أرعبتها خيوط العنكبوت المتدلية من سقف المنزل والمتشبثة بالأعمدة الرخامية القديمة، وحينما اقتربت اميلدا أكثر شعرت جوليانا بخطواتها فمسحت دموعها التي سحت على خديها وكتمت بكاءها المتحشرج في صدرها، ثم
التفتت إلى الخادمة بعد أن أزاحت أطراف شعرها عن وجهها وقالت لها :
ماذا تفعلين هنا ؟! ولماذا تتبعينني.. اميلدا ؟!
أجابتها : سيدتي لقد خفت عليك كثيراً بعد أن تأخر خروجك من هذا المكان الموحش ..!
تعالي معي سيدتي فالمكان هنا مخيف جداً ومليء بالفئران والحشرات .
عادت جوليانا إلى منزل عائلتها بصحبة الخادمة بعد أن أخذت منها وعداً ألا تخبر أحداً عن سر وجودها في منزل فرانكلين المهجور ، ثم ذهبت إلى حجرتها لتكمل قراءة الرسالة التي وجدتها تحت الركام وقد غطاها الغبار تماماً وكاد أن يخفي ملامحها ، وكانت جوليانا قد بدأت في قراءة السطور الأولى من الرسالة التي أرسلها فرانكلين وتعمد صديقه " توماس " الذي أرسله خصيصاً لهذه المهمة وضع الرسالة إلى جوار البيانو العتيق في منزله المهجور تلبية لرغبة فرانكلين لعلمه بأن جوليانا سوف تتردد على ذلك المكان بين الفينة والأخرى بلا شك لتسامر طيفه وتعيش لحظات مع الذكريات الجميلة التي جمعتهما في ليالي الغرام القديم حينما كان يعزف لها مقطوعته المفضلة لديها فتغمض عينيها وتبدأ رقصتها المميزة على تلك الأنغام الحالمة ، لكنها اخفت تلك الرسالة حينما شعرت بدخول الخادمة إلى المكان، وكانت تلك هي المرة الأولى التي يرسل فيها فرانكلين رسالة منذ أن غادر المدينة، وحينما وجدتها وقرأت سطورها الأولى انفجرت بالبكاء وهي تقرأ :
الحلقة القادمة سنقرأ مع جوليانا محتوى الرسالة فماذا تحمل في ثناياها يا ترى ..؟!