**في ذكرى استشهادها
.
،،،،وقعَتْ عيني على صورة دلال المغربية ،،بكوفيّتها وسلاحها وزيّها العسكريّ،،وأحسسْتُ بعينها ترقُبُ مَن خذلوها ،،وأحسسْتُ بأسفها أنّها ماتتْ وسكَنَت كما تسكن العاصفة ، ولم تكن في وقت صدقٍ،، وماتت قبل قدوم المجاهدين ،،
.
ولكنّي حدّقتُ فيها جيدا ،، فرأيتُ هذه المرّة مجدها ،،لم يضرّها تقبيل الأعداء بَعدها ،،بل ازدادتْ هي اشعاعا ،،فالموت العظيم كالحياة العظيمة ،،كلاهما للحق ،،!
.
،،وحدّقتُ في دلال وقد ذهب عُمرنا ،،ومن اختار السنين ،،تذهب السنين ولا يفُزْ بشيء ،،!،و فازت التي ماتت لشيء ،،،لايموت
،،وها نحن كم نشبه الرماد في نهاية العمر ،،وكنتُ أعلمُ أننا آتون على النهاية ،،وياللندم ،،أننا لم نُعطِ لحظة الموت الجليلة هذه العمرَ كلّه ،،،لنتوهج في الجنّة ،،بدل أن نعيش منطفئيين عُمرا ،،يزحف ظلّ الموت عليه كلّ ساعة ،،كما تزحف أفعى على جرذان الحقل ،،،،فما كنّا إلاّ مذعورين ،،خائفين من كلّ شيء
.
،،نحن جيلُ دلال ،، لن يظلّ فينا أحدٌ حيّاً بعد عشرين عاما ،،،ذهبتْ سنيننا وبقيتْ لحظة موتها الخالدة ،،وعرَفنا أن العُمر هو العمل ،،وعمَل ثائرٍ مُصلح في ساعة ،، أكبر من آلاف السنين ،،وعُمر دلال أكبر من اؤلئك الذين قبّلوا أعداءهم وعادوا أنفسهم ،،وأنكروا حقَّهم ،،،،ومَن سيموت في لحظة ما ،،يجب عليه أن لا يفكّر إلّا في لحظة الموت ،،كي يولّد من جديد ،،
،،
..وحدّقتُ في صورة دلال الغاضبة ،، تريد أن تحطّم جدران قبرها ،، حين علمَتْ أنّ كلّ فصيلها صاروا اسرى ،،أو ضبّاطا يكبحون الثائرين ،،وهي غاضبة كعادتها في أيّام العِراك والقتال ،،،فكلّ مقاتل يُخرِج غضبه ،،فنحن نقاتل بغضبنا ،،ومن لا يغضب لا يُقاتل !!!!والأنذال لا يغضبون ،،،،،،!
.
،،لا أدري ،،كأنّا أخذنا من المتجر ،،حفنة سنين ،،فرحنا بها كما يفرح طفل بالحلوى ،ونستزيد من العُمر كما يستزيدون من حلواهم ،،وأكلْنا الحلوى وانتهى العمر ،،
،،،،،فنحن جيلها ،، نمشي الساعة إلى البحر ،،لنقذف بأنفسنا ،،ونموت ..بلا معنى ،،إلاّ أن تنقل حياتك الى السماء كما يفعل الصالحون،،،،فتنير بالخلود
.
.
.
.
عبدالحليم الطيطي