الليل وما أدرك ما الليل ..؟!
لو صح لك أن تتطلع من كوة في السماء ،
وتمكنت أن ترى ما عليه الناس في ليلهم
لهالك ما ترى ، ولدارت حماليق عينيك وأنت تتابع هذا الذي عليه
أكثر الخلق في ليلهم
خلقهم الله لعبادته ، وهم يبارزونه بالمعاصي ..!
ويرزقهم الله ليل نهار ، وهم يواصلون الحرب عليه ..!!
كأن لهم رباً غيره .؟!
أو كأن لهم رازقاً سواه ..!
دع هؤلاء .. فإن البهائم العجماوات خير منهم
كما أخبر ربنا سبحانه عمن طمست بصائرهم
( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ
لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا ..
وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا ..
وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا ..
أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ ..
بَلْ هُمْ أَضَلُّ
أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ )
* *
غير أن هناك صنفاً متميزاً من الناس ،
عرفوا كيف يأتون البيوت من أبوابها
وأدركوا أن نعيم قلوبهم ، وسعادة أرواحهم ، ولذة حياتهم
لن تكون إلا في مزيد من الإقبال على الله عز وجل
هؤلاء لم يكتفوا بالفرائض ، وبعض النوافل ،
ولكنهم جعلوا لله من ليلهم نصيباً ..
فلما داموا على ذلك .. دخلوا الجنة قبل الموت ..!
قال قائلهم : **
يا ما أحيلى حلكـــةَ الليـــلِ التي ***** فيها أناجي خالقي وأنادي
يا ما أحيلى ساعةَ الأنس التي ***** فيهـا الملائكُ تنتشي لودادي
رحمان هذا الكونُ ، ضاقتْ حيلتي **** في زحمةِ الدنيا وشدةِ ضيقي
هبْ لي رجاءً واحبُـني في غربتي **** عزماً أكيداً كي أشقَ طريقي
لأكونَ في الدنيا شعـــاعاً نـــــــيّراً **** تهدي خطايَ الغــرّ كل صديقي
في وحدتي والقلبُ يهتفُ خاشعاً **** والدمعُ منهملٌ على الوجنــاتِ
نـــــاديتُ يـــــا الله هبــــــني طاعـــــــةً **** وامنـحْ فــؤادي أعذبَ النفحاتِ
لأســيرَ في الآفـــاقِ أعـلنُ فرحتي **** برضــاكَ ربـي ثـــابـت الخطوات
وفي الحديث الشريف يخبر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم
أن قيام الليل شعار الصالحين ..
اللهم برحمتك التي وسعت كل شيء :
أكرمنا بحلاوة مناجاتك والناس نيام ..
فإنك لا تمنح هذا النعيم إلا من اصطفيته وأحببته ..
فلا نكون أشقى خلقك يا أرحم الراحمين ..
اجعلنا ممن أحببت وإن كانت أعمالنا لا تؤهلنا لذلك ..
- -
ما دمنا نتحدث عن ليل العابدين
فلنصغ إلى ما قاله أحدهم يوصي أخاه :
أفقْ فالنوم للقلبِ الخلي **** وكيف ينامُ ذو القلبِ الشجي ؟
أفقْ فاللهو للعاصي هلاك *** وكيفُ يهيمُ ذو النفسِ الأبـي؟
أفقْ فالدينُ للدنيا ضياء **** وكيف يحارُ ذو الروحِ النجي ؟
وحلّـقْ في سماءِ الحب واسمعْ *** لتاريخٍ من النورِ الوضي
×××××
هو موقع تعودت اللجوء إليه كلما ضاق صدري ..
و منه انتقيت هذا المقال ..
و أتمنى أن تدعوا للكاتب الفاضل أبو عبد الرحمن بالخير
تحياتي و خالص التقدير
غموض