حمقى في مهب الريح
في صحبة مودة سار أحمقان على طريق في خلاء تحيط بهما صحراء من رمال ، وفوقهما سماء من زرقة صافية . قال الأول : أتعرف ما الذي أتمناه ؟ فأجابه : ما هو ؟ قال : قطائع من غنم انتفع بلبنها وصوفها . رد الأحمق الآخر وقد شرد بنظره عبر صحراء بلا منتهى : وأنا أتمنى قطائع من ذئاب متوحشة أرسلها على غنمك حتى لا تترك منها شيئاً . قال صاحب الغنم : ويحك أهذا من حق الصحبة ؟! هل هذا من حرمة العشرة ؟! وتماسكا بالأيدي واشتد أوار العراك حتى سال الدم على الرمل ، وتفصد جسدهما بالعرق حتى تعبا ثم تراضيا على أن أول من يطلع عليهما يكون حكما بينهما ، فطلع عليهما شيخ بحمار عليه زقان من عسل ، فحدثاه بحديثهما فانفعل الرجل وغضب غضبة شديدة من حمقهما الذي ليس له مثيل ، لم تر مثله عينه ، ولم يسمع في الآفاق ، ولأنه منفعل على نحو هائل قام وأتى بالزقين من فوق ظهر الحمار وفتحهما وأسالهما على الرمل ثم صرخ فيهما : صب الله دمي مثل هذا العسل إن لم تكونا أحمقين .
أم البلاغة :
كانت ليلى الأخيلييه بليغة العرب ، تجري البلاغة على لسانها مجرى الماء . والحكمة : مدحت الحجاج يوماً فأدهشته وأكبرها معجباً ونادى على غلامه قائلا : يا غلام اذهب إلى فلان فقل له يقطع لسانها ، قال الغلام : ذهبت فأحضرت سيافاً لينفذ أمره .
لحظة أن شاهدت الأمر صاحت ليلى في وجه الغلام : ثكلتك أمك إنما أمرك أن تقطع لساني بالهبات والعطايا يا ابن فاعلة الخير .
امرأة فوق الجميع
استفزت امرأة زوجها ثم أعطته ظهرها وصعدت سلم الدار بالمدينة ، لم يستطع الرجل السيطرة على نفسه فصرخ فيها : أنت طالق إن صعدتِ ، وطالق إن نزلتِ ، وطالق إن وقفتِ . فرمت نفسها على الأرض فقال لها ملهوفاً : فداكِ أبي وأمي ، إن مات الإمام مالك احتاج إليكِ أهل المدينة في أحكامهم .
منقول عن مجلة العربي