#حان_الرحيل
خابَتْ بما حُظِيَتْ وَفِكْرِيَ ما اهتَدَى
فِكرٌ تشَتَّتَ بالُهُ فتَنَهَّدَا
وبكى صريخٌ في العظامِ كأنه
نَعْيٌ تمدِّدَ في الضُّلوعِ فأزْبَدا
حان الرَّحيلُ فهل لِرَحلِيَ مِنْ صَدى
رُمْتُ السبيلَ به، فسرَّجَه المَدى
خَطُّ الرحيلِ بدا، فدون لجوئِهِ
عيشٌ يُمَرَّغُ بِالمرارِ تَلَدُّدا
لُفَّتْ حَبائِلُه وما لِيَ غيرُهُ
فعسى أرى منه النَّدى والمَوْرِدا
هيّا افرَحوا وعلى الرَّحيلِ تَأَرجَحُوا
فَقَدِ اكتَفَيتُ وغايَتي أنْ أَسْعَدا
ضِمْتُمْ فؤادِيَ واعتَمَدْتُمْ نَأْيَهُ
يا خيبةَ الظَّنِّ التي لنْ تُخْمَدَا
حاوَلْتُ جَهدِي الْقُرْبَ إلا أنَّه
قد كان قُرْبِيَ مِن تَوَدُّدِكُمْ سُدى
وحَسِبْتُ أنَّكُمُ دَمي وتَرَنُّمي
لكنْ تَنَكُّرَكُمْ أَمَرُّ مِنَ الرَّدى
طَيْفُ القَطيعَةِ لَمْ تَرَوْهُ وهلْ يُرى
مِن هالةٍ قد أُبْرِمَتْ بِسَنا المَدى
ولَئِنْ تَعَرَّضَ للجُحودِ تَواصُلِي
وَصْلِي احتِسابٌ في السَّماءِ تَمَجَّدا
ذَبُلَتْ بِخارطَتي قِطافُ مودَّتي
عَهْدٌ وقد عدَّى ولَنْ يَتَجَدَّدَا
خَفِّفْ فؤاديَ وَطءَ صَبْرِكَ واعْتَزِلْ
أوَ ما عَلِمتَ الصَّبرَ يَهْري الجُلْمُدا
وانبُذْ هواك لِمَن رُزيتَ بغدرِهِمْ
وارْحَلْ، فلَسْتَ تَميدُ حتى تَبْعَدَا
عَمِلُوا على وَأْدِ الوِدادِ وما دَرَوْا
أني أَقَمْتُ له عَزاءً مُنْشِدَا
ما هَمَّني مَنْ باعَني، فَلْيَنتظِرْ
إن كانَ يَحسَبُ أنْ يَظَلَّ مُمَدَّدَا
ما ذَمَّني مَن ذَمَّ إلا أنني
أَنقَى صدىً منه وأطهَرُ مِن نَدى
الْقُربُ لا يُجْنيكَ قَدراً غِبُّهُ
إلا إذا اعْتَمَدَتْ خُطَاكَ السَّرْمَدا
والحُبُّ لا يُجْدِيكَ نَفْعاً دَفقُهُ
إنْ شُرِّعَ التَّرهيبُ فيكَ وخُلِّدَا
فالصَّمتُ أَبلَغُ عن دَوِيِّ جَوارحي
وأشَدُّ وقعاً عَنْ شذا لَنْ يُشْهَدَا
والبُعدُ والنِّسيانُ أَمْتَعُ جُرعَةٍ
عن غَصَّةٍ تُبدي التَّصَافُحَ مُجْهَدا..
بَعضُ المَشاعرِ لا يُقَدَّرُ صِدْقُها
حتى تُحَفَّ قُطوفُها وتُغَمَّدَا
كالنارِ لا يُزْهي المَكانَ وَقودُها
حتى يُقَطَّعَ عودُها ويُصَهَّدا..
ورحَلْتُ روحاً وارتياحاً دُونَهُمْ
بالمَهْلِ، لمَّا أَنْ أضَأْتُ على الهُدى
وحَسِبتُني وحَسِبتُهُم عَهداً مَضَى
وخَنَقْتُ حُزنِيَ غيرَ أنْ لنْ يَهْمَدا
بارَكْتُ لِلأنفاسِ عَذْبَ رَحيلِها
فغدا البريقُ بِمُقلَتَيَّ مُغَرِّدَا
وعلى سريرٍ بالحريرِ مُهَفهَفٌ
رقصَ الفؤادُ سعادةً وتَحَمَّدا
وتَنَرجَسَتْ سُبلُ الرَّحيلِ وأَزْهَرَتْ
فعَرَجْتُ لا ألْوي على مَنْ أفسَدَا
فمِنَ الجَهالة أنْ تَظَلَّ على الأََذَى!
أَيَصِحُّ أنْ تَحْيَى بِهِ مُتَوَقِّدَا؟
ومِنَ الضَّراوَةِ تَرْكُ قلبِكَ نازِفاً
ولَيَزْرَعُنَّ السُّمَّ فيهِ وَكُلَّ دَا
تلك الجَوارحُ لَنْ يَدومَ دَوِيُّها
ولَقَدْ يَجورُ الظُّلْمُ حتّى يُقْعَدَا
باتَ الرّحيلُ يَداً تُعَطِّرُ مَنْ أَتَى
حتّى لقدْ باتَتْ تُرَطَّبُ بِالنَّدى
ما أروَعَ الدُّنيا إذا نَظَرَ الورى
فيها، وحَقَّ لروحِهِ أنْ تَرْغَدَا
#صباح_تفالي