|
تَوَارَيْتُ فِي قَلْبِي فَلاقَيْتُ أَحْبَابَا |
وَعَانَقْتُ نَفْسِي فَالْهَوَى دَقَّ أَبْوَابَا |
كَأنِّي بِذَا الْمَنْفَى أَسِيِرَةُ فَارِسٍ |
رَمَى سَيْفَهُ كَيْ يَقْطِفَ الْوَرْدَ أَرْطَابَا |
فَقَدْ جُلْتُ فِي أَرْضِ الْحَيَاةِ مُعَذَّباً |
فَضَاقَتْ بِيَ الأَرْضُ اعْتِكَافاً وَأَسْبَابَا |
وَمَا كَانَ سُكْنَايَ الْمُوَحَّدُ مَوْطِنِي |
إِلَى أَنْ أَتَاهُ الْحِسُّ خَفْقاً وَإِلْهَابَا |
رَمَانِي بِذَاتِ الآهِ حُرْقَةَ مَسْكَنٍ |
وَيَالَيْتَ حَرَّ الآهِ تَمْتَدُّ إِسْهَابَا |
فَإِنِّي بِذِي الأَشْوَاقِ أَغْدُو بِدَوْلَتِي |
إِذَا جَاءَ طَيْفِي فِي رُبَى الْقَلْبِ أَوْ ذَابَا |
فَدَعْنِي أُمَنِّي النَّفْسَ رُؤْيَةَ طَائِرٍ |
يُرَفْرِفُ فِي وَجْدِي إِذَا صَوْتُهُ غَابَا |
فَمَا انْفَكَّتِ الأَيَّامُ تُبْعِدُ بَيْنَنَا |
وَلَمْ تَسْتَحِ الأَقْدَارُ أَنْ تُوصِدَ الْبَابَا |
وَلَكِنْ بِلُقْيَانَا سَنُنْعِشُ رَوْضَنَا |
إِذَا مَا اشْتَهَيْنَا حُجْرَةَ الْقَلْبِ أَعْنَابَا |
فَبَعْضُ التَّنَائِي لِلْمَحَبَّةِ بَلْسَمٌ |
إِذَا حَارَ قَلْبٌ فِي دُجَى اللَّيْلِ أَوْ هَابَا |
أَمِلْتُ بِلُقْيَاكَ الْعَزِيِزِ بِلَيْلَتِي |
فَعَانَقْتَنِي كَالْمَاءِ طُهْراً وَأَطْيَابَا |
وَدَاعَبْتَنِي فِي بَيْتِ شِعْرٍ رَنِيِنُهُ |
تَرَاقَصَ فِي أُذْنِي خَرِيراً وَتِسْكَابَا |
تَقَمَّصْتَ فِي رُوحِي قَرِينَ سَرِيِرَتِي |
فَعِشْنَا بِذِي الأَشْوَاقِ تَيْدًا وَتِرْحَابَا |
وَطَبْطَبْتَ جَفْنِي بِالْمَوَدَّةِ زُرْتَنِي |
فَعَشْعَشْتَ فِي عَيْنِي ظِلاَلاً وَأَهْدَابَا |
أَنَا الْعَاشِقُ الْمُلْتَاعُ أَشْهَدُ أَنَّنِي |
تَرَاءَتْ لِيَ الأَحْلاَمُ وَرْداً وَأَعْشَابَا |
تَنَاوَلْتُ تِرْيَاقاً بِثَغْرِي فَخُلْتُهُ |
كَأَوْرَاقِ رَيْحَانٍ عَلَى غُصْنِهِ انْسَابَا |
وَسَالَ رُضَابُ النُّورِ عِطْراً فَلَفَّنَا |
فَطِرْنَا سُكَارَى فِي هَوَى الشَّوْقِ أَرْبَابَا |
أَطِفْلَيْنِ كُنَّا فِي السَّمَاءِ تَأَرْجُحاً ؟ |
فَطِلْنَا نُجُومَ اللَّيْلِ فِي الْكَفِّ أَلْعَابَا |
رَسَمْنَا عَلَى ذَاتِ الْمَجَرَّةِ لَوْحَةً |
تَنَاءَتْ عَنِ الأَرْضِ ارْتِحَالاً وَأَقْطَابَا |
وَمِنْ بَهْجَةِ الأَحْلاَمِ فِي رِحْلَةِ الْمُنَى |
غَدَا اللُّؤْلُؤُ الْمَنْثُورُ فِي الْجَوِّ مِحْرَابَا |
تَرَاءَتْ بِعَيْنَيْنَا أَسَاطِيِرُ لَيْلَةٍ |
وَنِلْنَا مِنَ التِّيِجَانِ دُرّاً وَزِرْيَابَا |
سَكَبْنَا بِذَيَّاكَ الْفَضَاءِ رَحِيِقَنَا |
فَطَالَتْ زُهُورُ الأَرْضِ غُصْناً وَأَقْصَابَا |
وَحَامَتْ فَرَاشَاتُ الْجَمَالِ بِرَوْضِنَا |
فَأَمْسَتْ سَمَاءٌ تَلْبَسُ الْوَرْدَ جِلْبَابَا |
تُدَغْدِغُنِي مِنْ لَذَّةِ الْحُلْمِ نَظْرَةٌ |
كَأَنِّي بِهَا عَانَقْتُ بِالْكَوْنِ أَنْسَابَا |
فَطَوَّقْتُ لَيْلِي قَدْ أُدَارِي نَوَاظِرِي |
إِذَا مَا اسْتَفَاقَ الصُّبْحُ فِي الْعَيْنِ أَنْيَابَا |
فَزِدْنِي سُوَيْعَاتٍ لِأُنْعِشَ رُؤْيَتِي |
تَأَرْجِحْ بِجَفْنِي إِنْ غَفَى النُّورُ مُرْتَابَا |
فَإِنِّي سَكَنْتُ الْيَوْمَ فِي حِضْنِ لَيْلَتِي |
وَقَدْ كَانَ سُكْنَاهَا بِقَلْبِي كَمَنْ ثَابَا |
أَدَيْجُورَهَا إِرْحَلْ مِنَ الرُّوحِ وَاشْفِنِي |
فَإِنِّي نَقَشْتُ النَّجْمَ فِي الْقَلْبِ مِثْقَابَا |
وَآلَيْتُ أَنْ أَحْوِي شُمُوعَ مَسَرَّتِي |
كَمَنْ لَمْلَمَ الأَقْمَارَ حِضْناً وَأَصْحَابَا |
يُسَامِرُنِي فِي رِحْلَةِ النُّورِ ثَاقِبٌ |
يُلاَقِي شُعَاعَ الْحُبِّ فِي الْقَلْبِ عَرَّابَا |
سَأَنْجُو وَأَنْوَارِي سَوَاطِعُ رُؤْيَتِي |
فَإِنِّي سَكَبْتُ النُّورَ فِي الْقَلْبِ سَيَّابَا |
كَذَا لَأْلَأَ الإِحْسَاسُ ذَرّاً بِحُجْرَتِي |
فَضَخَّتْ شَرَايِيِنِي مِنَ الدُّرِ إِنْجَابَا |
سَأَدْعُوكَ مُشْتَاقاً فَحَلِّقْ بِرِحْلَتِي |
فَفِي لَيْلَتِي عُرْسٌ بِذِكْرَاكَ قَدْ طَابَا |
هُنَا فِي سُكُونِ الْقَلْبِ كَانَتْ حِكَايَتِي |
إِذَا زُرْتَنِي طَيْفاً بِذا الْقَلبِ أَثْوَابَا |
وَدَاوِمْ عَلَى سَرْدِ الْحَنَايَا بِجَنَّتِي |
فَفِيِهَا تَآلَفْنَا حَرِيِراً وَأَتْرَابَا |
فَإِنْ غِبْتَ عَنْ رُوحِي سَأُغْمِضُ قِصَّتِي |
وَأَطْوِي بِقَلْبِي مُنْيَةَ النَّبْضِ تَوَّابَا |