لا للتوتر والتجهم
ما دفعني للكتابة هذا المساء حديث قرأته للدبلوماسي السودانى المخضرم محمد سيد عبدالمجيد عن مدينة كان قد قام بزيارتها ولفت انتباهه فيها كثرة تداول المفردات ( sorry and thanks..) معذرة وشكرا.. فالذي يفسح لك الطريق او يرشدك الى مكان ما.. تقول له شكرا.. والذي يحتك بكتفك في الاسواق ومحطات المترو وفي ثنايا الزحام او يأخذ دورك في الـ (Q) .. بدون قصد.. يبادرك بكلمة معذرة.. وهكذا تدور عجلة الحياة بتفاصيلها اليومية المفرحة والهادئة.. لاتوتر .. ولا شحناء ولا بغضاء ولا خصومات ولا حتى نظرات شذرة او تجهم.. وبذلك يتسربل المجتمع بروح التسامح والحب والاخاء.. وما شاهده ذلك الدبلوماسي ولمسه هو في الواقع أُس السلوك الاسلامي القائم على التصافي والابتسام.. وكما قال رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه إن تبسمك في وجه أخيك صدقة وقال كذلك (افشوا السلام بينكم) لا لشيء سوى اشاعة المودة بين الناس لدرجة ان بعض الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يقولون لبعضهم البعض..هيا الى السوق لنفشي السلام.. لم يكن قصدهم بالطبع الذهاب الى هناك لجني الارباح او عقد الصفقات ولا حتى للبيع والشراء بمفهومه العام.. إنما لإحياء احدى سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم.. لذلك لا أجد سبباً وجيهاً في اجواء التوتر والانقسام التي تظللنا بين الحين والآخر او بالأحرى توجعنا بلسعاتها المحرقة.. اذا اخطأت في حق اخيك قل له عفوا.. أنا اسف.. لم اكن اقصد ايذائك.. واذا قدم لك اخوك خدمة.. قل له شكرا.. يعطيك العافية.. لا عدمناك..وعندما نتخلص من ملامح العبوس والتجهم على مستوى الافراد ومن ثمّ الشرائح المجتمعية المختلفة وصولا للساسة وأهل الحل والعقد.. نتحاور على قاعدة (أن نصف رايك عند اخيك..) ونستمع بعمق لبعضنا البعض ونتجادل بالتي هي احسن.. وصولا للحلول المثلى لمشاكلنا.. لا لإثبات الذات او تحقير وتسفيه آراء من يختلفون معنا .. وليكن دائما في خاطرك وبيتك وفي شارعك العريض مساحة للاخرين.. و نقول الرأي والرأي الآخر.. لان مثل هذه (الديباجات) التي تعلقها الفضائيات فوق واجهاتها تمنحنا الكثير من الحكمة والحكمة ضالة المؤمن ومن أُوتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً كما حدثنا بذلك القرآن الكريم..والله الموفق