مضان شهر التغير
رمضان موسم تغير في حياة البشر عبر التاريخ على مستوى الفرد والمجتمع الأمة فالتحولات الكبرى حدثت في رمضان فقد أنزل الله القرآن في هذا الشهر الكريم أحدث القرآن تغيرا مفصليا في الحياة كلها فكن لرمضان شأن عظيم .
رمضانُ قرآن يرتلُ وثبتي نصرا يفك سلاسلي وقيودي
مهما تكالبت الخطوب يشدني نحوي ويجمعني بغير شرود
شمس الصباح سنا الملايين التي ثارت لتحمل موثقي وعهودي
خرجت تجسد ما يدور بخافقي وتحيل أوطاني بغير حدود
سأظل أشمخ بالعزيمة والهدى وأعيدُ من كفِّ الفناء وجودي
لقد اصطفى الله هذا الشهر الفضيل وميزه على سائر الشهور وجعل فيه الخيرات والرحمات والنفحات التي تنبثق منها التحولات والتغيرات لمن يتعرض لها .
نقف على نماذج من الانتصارات المفصلية الكبرى التي حدثت في هذا الشهر بارك ففي رمضان حدثت الانتصارات العظيمة منها غزوة بدر الكبرى أكبر تغير مفصلي في التاريخ الإسلامي والبشري قاطبة كانت فرقان بين الحق والباطل انتصرت فيها إرادة الحق على إرادة الباطل لماذا رمضان؟
لأن الاتصال بالقوة المدبرة يكون أعظم في هذا الشهر ويكون العباد أقرب إلى ربهم من سواه فيكونون مؤهلين للنصر أكثر ولأن رمضان هو شهر القرآن فيكون لتعظيم الله والإحساس به هو المهيمن على شعور المسلمين نتيجة الطاعات والقربات فيقوي التوكل والاعتماد عليه فيتم لهم النصر لا بكثرة العتاد والعدة ولكن بقوة الاتصال وحسن العمل وبذل الممكن.
كان ميزان القوى بين الفرقين في غزوة بدر مختلا بنسبة 1:3 لصالح العدو فكان المسلمون 300 والمشركون 900 لكن الانتصار كان حليف القلة المسلمة.
عدة الانتصار كانت قوة الإرادة والإصرار والعزيمة والثبات لا قوة العتاد , إنها قوة الإيمان والثقة بالله وبوعده بأن الحق غالب وليس مغلوب مادام الوسع قد استفرغ في بذل المستطاع من الأسباب ومادام العدو غاشم وظالم ومعتدي فالنصر حليف المؤمنين إنها معركة الحق والباطل أزلية تتكرر في كل زمان ومكان وإن اختلفت المشاهد والأحداث.
إنه التغير الهائل الذي غير حال المسلمين من ذلة إلى عزة ومن ضعف إلى قوة ومكن لهم في الأرض فانتشر الخير والعدل في أرجائها ولولا غزوة بدر ما وصل الإسلام إلينا.
في هذا الشهر المبارك أيضاً حدث التغير الكبير بفتح مكة وتحقق التمكين الأكبر لدين لله ولرسوله وأتم الله بهذا الفتح نعمته على رسوله والمؤمنين فكان الفتح مفصليا تغير فيه الوضع برمته لقد هدم الرسول (ص) 360صنم كانت داخل الكعبة هدم الطغيان والوثنية والشرك بهدمه للأصنام التي هي منصوبة في الكعبة منذُ سنين طويلة لا يستطع أحد أن يمسها بسوء بل يعظمونها ويعبدونها
ما أشبه الأنظمة المستبدة اليوم بتلك الأصنام حيث حجبت الخير والنور والسعادة عن الناس سنين طويلة كما تحجب هذه الأنظمة الصنمية الجاثمة على صدورنا الحرية والعزة والأمن والطمأنينة دهورا ولم تزل ...إن الثورات السلمية اليوم التي أزالت بإذن الله هذه الأصنام البشرية ما أشبه معركتها السلمية بفتح مكة السلمي حيث تم الفتح لرسول الله وأصحابه سلميا,وكان التغير كبيرا وفتح مكة كان تغيرا هائلا بكل المقاييس.
"و في سنة 13هـ في رمضان, استطاع المسلمون في موقعة البويب بقيادة المثنى بن الحارثة, إحراز انتصارا جبارا وكان عدد المسلمين في هذه الموقعة 8 آلاف فقط, والفرس مائة ألف بقيادة (مهران) وانتصر المسلمون انتصارا مهولا حيث فني الجيش الفارسي بكامله في هذه الموقعة, تجاوز القتلى 90 ألف فارسي من أصل مائة ألف, هزيمة مروعة للجيش الفارسي بعد شهر واحد من هزيمة المسلمين في موقعة الجسر. يقول د راغب لنفكر ونتدبَّر كيف لثمانية آلاف أن يهزموا أكثر من 90 ألفًا, وفي عُدة أضعف من عدتهم, وفي عقر دارهم, كيف يحدث هذا؟ لن تعرف تفسيرها أبدًا إلا أن تقول:(وما النصر إلا من عند الله) تبعها معركة القادسية التي أنهت إمبراطوريه عظمى كانت هنا ولن نذهب بعيد وانتصار مرسي في مصر معجزة القلة في الإمكانات تهزم الكثرة من الفلول التي أنفقت المليارات في انتخابات الرأسية ولكن الله غالب على أمره....فتوحات رمضان كثيرة
فالأندلس فتحت في رمضان ومعركة عين جالوت في رمضان وحطين في رمضان وهزم الناصر قالون التتار هزيمة لم تقم لهم قائمة بعدها في رمضان وحرب 73 في رمضان والضربة الاقتصادية للرأسمالية في رمضان التي لن تعافى بإذن الله كما قال الخبراء وغيرها كثير. فلنفرح بهذا الشهر ونهنئ أنفسنا ونتغير إلى الأمام.
هنيئا لك الشهر الكريم هنيئا ووجهك طلق ما يزال و ضيئا
تمر على الدنيا فترسم بسمة و تنصر ملهوفا بها و بريئا
رمضان شهر التغير (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) لابد من التغير أولا في أنفسنا وفي سلوكنا علينا بتصحيح تصوراتنا وتقوية صلتنا بالله وتقوية علاقتنا ببعضنا والحفاظ على أخوتنا ووحدتنا وأخلاقنا وقيمنا.
وصون النفس عن المحرمات وتحري الحلال وصلة الأرحام وبر الوالدين وموالاة أهل الحق ونصرتهم ومعاداة أهل الباطل والأخذ على أيديهم
بحثتُ عن السعادة لم أجدها وحين قرأت قرآني أتتني
وجدتُ النور يسري في دمائي وذقتُ سعادتي لما وفتني
والتحرر من الخوف والرجاء إلا من الله وترك الاحتكار للسلع والتلاعب بالأسعار وترك الخلاف والشقاق والأضغان والأحقاد جانبا واستبدالها برص الصفوف وتوحيد الكلمة وإصلاح ذات البين ومواساة الضعفاء والإنفاق بسخاء , و الإكثار من النوافل والذكر وتلاوة القرآن الكريم ,خصوصا في هذا الشهر الكريم ا شهر القرآن .. وغيرها من الأعمال الصالحة التي تقربنا إلى الله وتجعلنا نتحقق بنصره
رمضانُ مَدْرسَة يُعَلِّمُنَا التقى والْبِرَّ بالأرْحَامِ والجِيرانِ
رمضانُ إشْبَاعِ الجِيَاعِ وحُبُّهمْ لا قتلهمْ بمَرَارةِ الحِرْمَانِ
علينا أن نستقبل رمضان بنية التغير الصادقة ونعزم على التوبة النصوح ونعتمد الإخلاص ونحافظ عليه في سائر أعمالنا . لنجني الانتصار الأكبر فيه
﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ ) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ َ
ليكن هذا الشهر الفضل بإذن الله محطة تغير وانتصار لنا ولأمتنا ونحن على ثقة بأن الجميع اليوم يتأهلون للتغير الأكبر في هذا الشهر ولن يسمح أحد للمعصية بأن تغتاله , أو تباعده عن المشاركة في التغير الأكبر فإن النصر قادم بلا ريب وهو قريب غير أن المعاصي تأخره فإذا تخلصنا منها طوي الزمان لنا صفحته وعجل الله لنا هبته ولعله في هذا الشهر من يدري وما ذلك على الله بعزيز. وما هذه الشدائد التي تبعتها الانتصارات إلا مقدمة على تتابعها .
قال تعالى: (أمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قبْلِكُمْ مَسَّتْهُمْ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوامَعَهُ مَتَى نَصرُ اللَّهِ؟.. البقرة:214
يقول سيد قطب حول الآية: "ما قرأتها إلا وشعرت بقشعريرة من تصور الهول الذي يبلغ بالرسول هذا المبلغ، ومن تصور الهول الكامن في هذه الهواجس، والكرب المزلزل الذي يرجّ نفس الرسول هذه الرجة، وحالته النفسية في مثل هذه اللحظات، وما يحس به من ألم لا يطاق.
في هذه اللحظة التي يستحكم فيها الكرب، ويأخذ فيها الضيق بمخانق الرسل، ولا تبقى ذرة من الطاقة المدخرة .. في هذه اللحظة يجيء النصر كاملاً حاسماً فاصلاً:
جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنْ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ [يوسف:110]، تلك سنة الله مع أهل الحق. لابد من الشدائد، ولا بد من الكروب.. ثم يجيء النصر بعد اليأس " .
علينا بالإكثار من الدعاء وخصوصا في رمضان . قال صلى الله عليه وسلم ( إنما ينصر الله هذه الأمة بضعفائها ، بدعواتهم ، و صلاتهم ، وإخلاصهم )
لَمَّا بَدَا كَفُّ الهِلاَلِ مُسَلِّماً شَهرُ الصِّيامِ من السَّمَاءِ تَدَلَّى
وأضاءَ مِحْرَابَ العبادةِ والسخا والكون في ثوب المسرة صَلىَّ
فاستقبلوا ضيفاً أتىَ بحفاوة وبطـاعةٍ للهِ عَــزَّ وجَلَّى
لنستعد ونتهيأ لاستقبال رمضان وصيامه وقيامه بفرح واستبشار
كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يهنئ أصحابه عند مجيء رمضان، ويبشرهم ويقول لهم: "أتاكم شهر رمضان، شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه مردة الشياطين، وفيه ليلة هي خير من ألف شهر، من حُرِمَ خيرها فقد حرم" (أخرجه أحمد). فلنفرح به ونسعد
يا فرحة قبل الغروب تهزني وجداً وتملأ مهجتي تكبيرا
والناس تَسْتَبقُ الخُطى أشواقهم نحو الصلاةِ حمائماً وطيورا
للهِ ما أحلى التراويح التي تمحو عن القلب الكليلِ سُدورَا
رمَضَانُ أهْدَى للقلوبِ محبة وأفاضَ أنساً في النفوسِ ونُورَا
رمضان ثورة تغيرية على كل قبيح
يقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: "من لم يدَعْ قولَ الزور والعملَ به، فليس لله حاجةٌ في أن يدع طعامه وشرابه" (البخاري)، والتزوير الإعلامي عبر الفضائيات آفة الآفات وكم تعطل هذه الفضائيات من طاقة الشباب الذين ينبغي أن يعمروا أوقاتهم بالجد والطاعة في هذا الشهر المبارك تصرف هذه الطاقات أمام الشاشات والأفلام. واللهو غيره.
رمضانُ واصطفتْ رمالُ البيدِ فرحاً كفر حتنا بيوم العيدِ
رمضانُ جئتَ وأنت تحمل ثورة ينثال من جنباتها توحيدي
ما بين عينيكَ المسرة والرؤى لحنا يفجر من فمي تغريدي
يا فرحة الآيات تُتلىَ ثــــرة من قلب محزونٍ وقلبِ سعيدِ
ويقول صلى الله عليه وسلم: "ليس الصيامُ من الأكل والشراب، إنما الصيامُ من اللغو والرفث، فإن سابك أحد أو جهل عليك فقُل: إني صائم إني صائم" (أخرجه الحاكم وصححه الألباني)
رمَضَانُ ولْتَفَتَ الضِّياءُ بَوَجْهِهِ وأزالَ منْ نبض القلوبِ سُدُورا
وأضَاءََ بالقرآن قلبَ مُحمد ومُحَمَّـدٌ أهْدَىَ البَرِيَةَ نُـورَا
النَّاسُ من وهَجِ الصِّيامِ كَواكباً تسموا و بالذِّكْرِ الحَكِيمِ بُدُورَا
تَتَزَاحمُ الصلوات في أرجَائِهِم وتَفِيضُ في قلبِ المُحِبِّ سُرورا
فثِبوا إذا وثَبَ الصِّيامُ وكّبِّروا فَــرَحاً بِطَاعَة رَبِّكُمْ تَكْبِيرَا