هذا هو الحرف الأصيل الذي يستحق أن تنصب فوق عموده الراية ، وليس بغريب عليك الإبداع ولكن تميزت هذه القصيدة في الإحساس وجمال الألفاظ والفكرة المختارة وتسخيرها للوضع المزري فالنصب يعني العلو والجر يعني الخفض والانكسار أعجبتني جدا الفكرة والسير عليها من أول القصيدة إلى آخرها خصوصا أن حروف الضاد إن توحدت في نطقتها وإخراجها كانت من توحيد الامة وإن تشتت وتفرعت للهجات كثيرة وأخطأوا في نطق مخارجها وألحنوا فيها حدث الانقسام والضعف
مطلع يثير العجب والتساؤل في نفس القارئ كتمهيد للموضوع وُفّقت فيه"علامات التعجب تستضاف = بأحلام يمزقها الخلاف "
جميل هنا الاقتباس لعمر ابن كلثوم ، كذلك كلمات من الوحي النبوي ( غثاء ) ( جحر ضب) فمخالفة نصائح الرسول جعلت منا مجرورين مقهورين ومجبورين"ملأنا البر حتى ضاق منَّا = غثاء تستحي منه الخراف
وكنا في الزمان حروف نصب = نحرك من نشاء ولانخاف
ملكنا راية التاريخ غصبًا = لنا الدنيا وتملكها النطاف
خراج الغيم يأتينا انصياعا = وإن بعدت حقول أو ضفاف
وأصبحنا نُجر بأي حرف = غريب لايضيف ولايضاف
ونسلك دربه لو جحر ضب = قرابينا ويسعدنا الكفاف
هذه الأبيات تذكرني أيضا بالشعراء الذين نهضوا بالشعر العربي في مصر من أمثال سامي البارودي ومن بعده حافظ إبراهيم ومحمود غنيم وشوقي وغيرهم ، فبثّ في نفسي شعورا مختلفا وإحساسا بالجمال المتفرّد ، كيف لا وهو يحمل نسائم تاريخ الخلافة والمجد !
جميل هذا البيت في المعنى ، ولكني لاحظت أن الصدر قويٌّ في تركيبه ، أما العجز فأتى اضعف في التركيب رغم تمام المعنى خصوصا واختنق الضعاف شعرتُ أنه مجرد تكملة للقافية ، وهذا مجرد ملاحظة من طويلبة لم تصل لعلملكم وتعرف قدركم ومقدرتكم الشعرية المحترفة" ملأنا الجو شجبا واعتذارا = فضاع الحق واختنق الضعاف "
إحساس الغضب يرتفع هنا لما وصلت إليه الأمة الإسلامية من حال مزري ، خصوصا البيت الثاني كان معبّرا" وأصبح في منابرنا سراة = لهم في كل كارثة طواف
وننتظر النهاية مثل ثور = قضى أخواه وانكشفت صحاف "
الخاتمة تحمل النصيحة والتوجيه لتوحيد صف الأمة" حروف الضاد انهكها بنوها = ستسعفنا إذا وجد اصطفاف"
( أنهكها بنوها ) فعلا كانت القصيدة من أولها إلى خاتمتها رغم رفعتها وعزتها إلا أنها منهكة ، متحسّرة متألمة ومع ذلك ثابتة ودليل ثباتها هو النصح في الخاتمة فلم تدع إلى اليأس وفقدان الأمل والاستسلام
استمتعتُ بقراءتها وتعجبت من عنوانها الذي اثار في داخلي كثيرا من الأفكار عماذا سيتحدث الشاعر !
كل التقدير