لا تنبتُ الأرضُ إلا بسقيا ولا تربعُ الرُّبى إلا بتشعّبِ أنفاسِ المطر في مساماتها فإن خاصمَ الماءُ قلبَ التربة تجهّم وجهها وتحرّج صدرها واعوجّتْ أطرافها,
, فلا يلتفتُ لها عريسٌ مقدمٌ ولا عاشقٌ متأملٌ ولا راحلٌ مرتحلٌ .. تظلُّ كيدِ فقيرٍ لم تصافحهُ أكفُّ المحسنين ..
أمّا روضةٌ أينعتْ ثمارها ودنت قطوفها ونضرتْ أزهارها وفاحَ شذاها لبستْ ضياءَ شمسِ الشتاءِ وتوضَّأَتْ بقطرِ السماءِ فإنَّ لها الإنسانَ عريسٌ
يبثُ عواطفهُ في همسٍ يداعبُ أنسامَ الليلِ ويقرأُ تلألؤَ ألوانِ الطيفِ بين مروجها ويخضّب أكفَّها بروائعِ الشعرِ ويظفّرَ جدائلها ببدائعِ النثرِ ..
أمّا روضةٌ سقاها الألم و تضمّختْ بالحزن , همى الشجنُ عليها كعباءةٍ الليل إذْ لا تحتاجُ ستراً فواراها وصّكتِ الشمسُ بوجهِها عنها
وشّحَتْ أكفُّ السماء بخلاً بما اكتنزتْ سحائبها ,, ألا إنّها كلماتُ المكلومين وعباراتُ المحزونين من خزائنِ الحرقةٍ ريّها
وبمخالبِ النوائب حرثها يمدّها الحزن حرارةً ويشعُّها الصدقُ ضياءً ومن زفراتهم تُغرسُ الحروفُ في حياض الأوراقِ
لتُنبتَ مروجَ معانٍ يقطفها العابرون ويرمقها المستظلّونَ فلا ثمّة مواساةٍ سوى ... إبداع ..
روضة ريها العناء ( بندر الصاعدي)