المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. سمير العمري
قرأت قصيدتك هذه للتو فرأيتها لوحة شعرية رائعة وممتعة وتشي بقدرات كامنة لشاعر ينطلق بقوة في فضاءات الشعر السامق.
هنالك أبيات عانقت السحاب وهناك أخرى دونه ولكنها تظل كلها في مكان عال وراق.
ربما أخذت رغم طول القصيدة على ثلاثة أمور فقط أشير إليها باختصار:
قلت يرقى الشعر ما
ترقَ بهِ
ربةُ الفكر وأحلام الأدبْ
أرى الصواب هو أن يكون الفعل "يرقى" فلست أرى سبباً لجزم.
سرك الصامت من سري
قريبْ
غير أني وهْن أحداث نُوَبْ
هنا لا يقبل العروض هذا التركيب بإضافة الحرف الساكن على فاعلن. وربما يخرجك من هذا أن تقول:
سرك الصامت من سري دنا
غير أني وهْن أحداث نُوَبْ
وأخيراً فقد وجدت بعض اشتقاقات مالت إلى الغرابة في القافية ووددت لو لم تدفع لهذا.
ويبقى أن أشيد عالياً بقصيدتك الرائعة هذه.
تحياتي
الأستاذ الكريم والأخ الحبيب د.سمير ..
لقصيدتي كامل الرفعة والسمو أن تتألق أمام ناظريك وتستطيل تيها أن كنت لها من الناقدين فشكر الله جهدك أخي على ذلك.
أما عن الفعل (يرقى) فقد كتب يرق وهو خطأ مطبعي أسأل الله أن يغفر لي سهوي في طباعته ،وإني لأرجو من الإخوة المتابعين دقة الملاحظة أثناء تأطير بعض القصائد أو مراجعتها- مشكورين-فهناك الكثير من الأخطاء المطبعية التي تعتري بعض الأعمال.
أما عن إشارتكم الغالية حول تسكين الضرب بعض الأحيان فقد سبق أن نوه إليه بعض الإخوة الأكارم ثم شرفت بتنبيهكم ..والحقيقة لم ألج هذا الباب متعسفا ولم أكن فيما ذهبت إليه حاطب ليل ،هذا مع اعتزازي بنصحكم الغالي ،فالأمر في اجتهادي يعود إلى طبيعة بحر الرمل الذي يعد من البحور اليتيمة في تاريخ أدبنا العربي حيث لم يحظ شاطئه بمزيد ارتياد من شعرائنا -كما تعلمون-الأمر الذي حدا بالمتنبي أن ينسج عليه قصيدة واحدة هي تلك التي قالها في بدر بن عمار وقد خالف فيها الشائع في تفعيلة العروض،كأنما يرى النسج عليه ضربا من التدني بالشعر.ولم يحظ الرمل باتساع رقعة كتلك التي مد فيها باعه في العصر الحديث ثم المعاصر ..والشاهد لتصرفي ما آل إليه الأمر بعد شوقي والمدرسة المحافظة عموما كبعض المنتسبين لأبلو وغيرهم وعلى رأسهم ناجي وعلي محمود طه ،وهنا أقول إن هذه الزمرة أطلقت لحرية التصرف في هيكل القصيدة العنان مع المحافظة على اسس العمود وقانونه الواضح ومن هذا التجديد التنويع في تفعيلتي الضرب والعروض الأمر الذي رفع البرقع وأماط اللثام مع الالتزام بالعمود الفقري كما أسلفت.لذلك تنوعت هنا تفعيلة الضرب فلحقها السكون تارة وتحررت منه أخرى وأخذت في هذا التنوع أشكالا هي (فاعلاتن-فاعلن-فاعلان-فاعلاتان) ،هذا مع جواز وقوع زحاف الخبن كما تعلمون في كل منها أحيانا.
وهنا قلت -والعلم عند الله:إن هذا الخروج الملتزم والذي لم ينكر فعله على هؤلاء الفحول والمرتبط ببحر الرمل الطيع أمر لاشيء فيه بل هو أقرب إلى روح هذا البحر الغنائي لذا لم أر فيه بأسا .ولم اذكر أمثلة لما ذهبت إليه من الشعر لضيق المقام وبين أيدينا الكثير من ذلك كقصيدة العودة لناجي وغيرها ،علما بأن الأمر لم يقف عند حدود التصريع في هذا .أما عن الاشتقاقات التي أشرتم إليها فبي ظمأ إلى نصحكم ونبيل إرشادكم إن شئتم ذلك.
وختاما لك أيها الأستاذ الجليل أخي الدكتور سمير وافر شكري وامتناني وأرجو أن تكرمونا دوما بمثل هذه التنبيهات الغالية فهي أشهى على قلبي من الهناء والله.ودمتم.