من مجموعتي القصصية
انكسارات أمير جنوبي ، دار كاريزما للنشر ٢٠٢٢
ممكن أعمل أوردر؟؟
تكررت هذا السؤال على مسامعي كثيرا في اليومين الماضيين فلم يهدأ هاتفي المنزلي عن الرنين طوال ساعات الليل أو النهار.
&&&
فلقد تعددت الاتصالات على رقمي في الآونة الأخيرة.
- آلو ...السوبر ماركت ؟!
- لا يا فندم النمرة غلط.
- متأسفة !
&&&
- آلو ... ممكن أعمل أوردر؟!
- تعملي ايه حضرتك ؟!.....يا فندم دا رقمي الشخصي, ده منزلي مش سوبر ماركت!!
&&&
- آلووو ... الأوردر تأخر جدا احنا طالبين من ساعتين!!!!
- مش فاهم حضرتك !!
- مش فاهم ايه يا ( ....) هي دي برضو الخدمة اللي بتقدموها للزبائن!؟
شطار فقط كل شوية تزودوا الاسعار!؟ وبتكلمني وأنت بتاكل؟!؟!،،، قلة ذوق!!!!
أنا عاوزة المدير ..
- طب والنعمة ، وحياتك يادي النعمة ، إن شالله ما أوعى أبلعها ، هنا مش السوبر ماركت.النمرة غلط غلط غلط.
أغلقت السيدة الفاضلة الخط بغضب، وهي تهدد ,وتسب وووو .!
أسبوع ، والأمر يزداد سوءا، والزبائن بنهالون بالاتصال على رأسي الموضوع صباح مساء. خاصة في أيام وأمسيات العطلة الأسبوعية.ولما كنت أرد بأن المتجر ليس هنا، كانت الكلمات القاسية تنهال على أدني، .(. كسول ... مش شايف شغلك ، احترم الزبائن لو سمحت... فين مديرك ... فين اللي مشغلك؟ الطلب وصل ناقصا،،، أيعاركم غالية .! .. )
&&&
اتصال واحد كنت أنتظره دائما تلك الفترة ، واستمتع بصوت متحدثه المؤدب، الرقيق ، وطريقته البريئة في الطلب ، وكان ذلك الصوت رفيق أيامي وليالي الباردة،؛
لا ليس صوت امرأة ايها القاريء الجميل ، احسن النية لو سمحت ، إنه صوت صبية صغيرة ، تطلب حلوى ومأكولات ومخبوزات وآيس كريمات ذات مسميات لم اسمع بها لغيابي عن بلدي زمنا طويلا . لم أكن أنهرها أو أصدمها لخطأ اتصالها بي .
&&&
كان علي أمام هذا الطوفان من الاتصالات، وبسبب تلك الصبية الرقيقة ، أن أعيد التفكير في المسألة.لا يمكن أن يكون كل أولئك الناس على غير الصواب. ربما بعضهم قد حصل على رقمي بالخطأ، أو أنه قد سجل رقم المتجر الشهير دون التأكد منه. لكن كيف الصغيرة الرقيقة أن ترتكب ذات الخطأ؟؟ لا .. لا .. لابد أن الخطأ عندي أنا، إذن لابد من التأكد من الأمر بنفسي، كي أرتاح من ذلك الضجيج.
&&&
علي الآن أن أقوم بجولة تفتيشية في أركان شقتي الكائنة في ذلك الحي الذي يعتبر هادئا ومميزا ( في نظر سكان المدينة)، (فهل تمنعك الظروف من أن تستمتع بشيء من هذا الهدوء والتميز ، وتأخذك إلى ذكريات طريق كفاح مرير ،لإثبات الذات ، كي تقب على وش الدنيا ؟!!)
ما علينا ،فلأستكمل جولتي في أركان بيتي ، مجرد محاولة للتأكد من الأمر، لا يمكن أن يكون كل هؤلاء المتصلين كذابين :
هنا قسم المنظفات ، وهنا قسم العطور ، نعم في هذا الركن تقبع ثلاجة منتجات الألبان.والبامبرز، والحلويات ، مرورا بالمعلبات والعصائر ، وصولا إلى (الكاشير), لا لا هناك اقسام تحتاج إلى تنظيم وترتيب أكثر، النظافة ..النظافة أهم شيء في هذا المكان يا عبد السلام شيل الاكياس من الطريق ، (يا ابراهيم إلبس الجوانتي لو سمحت، أو استعمل مساكة ، الجبنة ما تتمسكش بالأيد ) أين عمال النظافة ؟ ..هاتهم لي يا محمد .. الزيوت المنتهية صلاحيتها ، لماذا لم ترفعوها ؟؟! دا إهمال ... ، قسم الخضار والفواكه، التغليف يا عبد الستار ، مطلوب هنا عمال أكثر ، الالتزام باليونيفورم ضروري يا جماعة، أرجوكم ،، أؤكد على حسن معاملة الزبائن يا حسن، هديء اعصابك معهم .)
&&&
في غمرة هذه الحملة التفتيشية، رن جرس هاتفي المحمول، أفقت ، وانا أمام شاشة التلفزيون أتابع مباراة، قمة في العك الكروي المصراوي ، ضرب وتكسير وادعاء الإصابة ، وحكم ضعيف ، وجمهور قليل أدب ... شيء ممل ومقرف، وايضا لا فن ولا اهداف.
جاءني صوت ربة منزل على ما يبدو
( موظفة ) يبدو أنها متعجلة لإعداد طعام بيتها، بعد وصولها متأخرة من مكان عملها ....
-آلو .....!!
-ايوة يا افندم.
-ممكن أعمل أوردر ؟؟
( خفضت من صوت التلفزيون ،
(أمسكت بالقلم والورقة )... تفضلي يا فندم أؤمري.