يا أمَّة النَّصر عاد النصرُ للعرَبِ ** وعادَ طيْرُ المنى للشَّدْوِ والطَّرَبِِ
في مصرَ في مغربٍ في نَجدَ في يَمَنٍ** في تُونُسٍ في رُبى بغدادَ في حَلَبِ
في أرض عمَّان في السودان في قَطَرٍ** في كلِّ صقْعٍ إلى الأمجاد مرتَقِبِ
تحية للألى يومَ الفدَا عبَرُوا **وسطَّروا أحْرُفًا للمجد في الكتُبِ
يا عابر الهول في سيناء قد عبرَتْ ** إزاءك العزة القعساء من كثَبِ
عبَرْتَ -يومَ عبرْتَ- الخوفَ فاعتبَرَتْ **مما صنعتَ ديارٌ في دُجَى الرِّيَبِ
فَرَفْرَفَتْ رايةٌ فوق الذُّرا برقتْ **كأنَّ أنوارها أسنى من الشُّهُبِ
حمرٌ عصائبُها,, بيضٌ ترائِبُها ** صُفْرٌ ذوائِبُها ,,سمراءُ في عقِبِ
مصبوغة بالدِّما في تاج غُرَّتها ** تلوحُ فوق الحمى في رفقة السُّحُبِ
كأنَّها كلَّما رفَّتْ معاطفها ** تحكي لطير السَّما عن قصة العَجَبِ
عن أمَّةٍ مزَّقتْ أغلالَها ومضتْ **وحرَّرتْ أرضها من كلِّ مغتَصِبِ
ما أعظم النصر يومَ الصَّوم يا بطلاً **ما زادَهُ الجوعُ إلاَّ شدةَ العصَبِ
فقأْتَ عينًا بكَتْ أختًا لها سبَقَتْ** فأدْرَكَتْ أخْتَها في الْهَمِّ والعَطَبِ
وقبلَها كمْ مضى يختال في صلَفٍ ** يقول: مصرٌ بلا ستْرٍ ولا حُجُبِ!!
فهاك مصرُ التي قد خالها قُتِلتْ** تَهُبّ من نومها في جحْفلٍ لَجِِبِ
في يوم عزَّتها, تمضي بأمَّتِها** من بعد نكستها, للنصر والغلَبِ
وبالْـمَدافعِ كالطوفان يطلقها ** قام الْـمُدافعُ عن حقٍّ وعنْ نَشَبِ
هبَّ الفتى وامتطى للنصر مركبَهُ** ومن لهيب العدى والظلم لم يهبِ
يا ساعة النصر يوم السادسِ ارْتَفَعَتْ **على الذُّرا رايةٌ للفارس العربِي
وغرَّدَ الموجُ في الخلجانِ مبتهجًا ** وردَّدَ الصخرُ والمَرجانُ في الشُّعَبِ
كأنَّما مَدَّ جسمُ البحر أذرُعَهُ **يحيط سيناء من قُطْبٍٍ إلى قُطُبِ
كأنَّها طفلةٌ والبحر يحضنها** تبيتُ في قلبهِ ريحانة لأَبِ
وطائرات الفدا في الجوِّ سابقة **ترمي جيوش العدا بالهول والغَضَبِ
كأنها كلَّما حامتْ طلائعها **نسورُ سربٍ بدتْ تختال في سرَبِ
مضَتْ , سمَتْ , حلَّقَتْ تمضي لغايتها ** هوَتْ ,دنَتْ, أطلقَتْ سيلاً من اللَّهَبِ
رمتْ بقنبلَةٍ من أجل سنْبُلَةٍ ** وربَّ حنضلَةٍ تأتيك بالعنب
وجندنا كبَّروا فوق الثرى ومضَوا **إلى وكورِ العدا والمعقلِ الأشِبِ
فما دَرَتْ أمُّهم إلاَّ وقدْ رجَعَتْ ** جيوشُها بالرَّدَى مبتورةَ الذَّنَبِ
وخلَّفَتْ خلْفها أشلاءَ حاميةٍ **تجرُّ خيبتها في سوءِ مُنْسَحَبِ
ولم تزلْ أمُّهم في الغرب تمنحُهمْ** جسورَ أسلحةٍ في ساعة الطَّلَبِ
وهوَّلُوا أمرَهمْ حتَّى نصدِّقَهُمْ **وهوَّنُوا أمرَنا بالزُّور والكذبِ
برليفُ أمسى سرابًا رغم قوَّتِه**وقبل صاغوا به أسطورةَ الرُّعُبِ
حتى هوى حصنُه فوق الثرى قطَعًا ** كما هوى زورقٌ في عاصفٍ غضِبِ
كأنَّ جندَ العدى بين الحطام بدَوا ** فئران جحرٍ مضتْ تسعى إلى الْهَرَبِ
والصقر من فوقها قد راح يقنصُها **وقبلَ مخلبهِ ماتتْ من الرهَبِ
مضتْ أسودُ الشَّرى في سعيها قدما** على لهيب الثَّرى بالبَيْض واليَلَبِ
والجندُ في غضبٍ ,و البرُّ في لَهَبٍ **والبحرُ في صخَبٍ ,والجوُّ في سُحُبِ
برًّا وبحرًّا وجوًّا ألفُ عاصفةٍ ** تحيطُ جندَ العدى بالويل والكُرَبِ
وكبَّر الفجرُ في سهلٍ وفي جبلٍ** وأشرقَ النصرُ في الوديانِ والهضبِ
يوم العبور سقاك الله وابتسمتْ** من نور فجرك شمس النصر في الحقبِ